الحدث- خاص
جيد أن تتقدم السلطة الوطنية الفلسطينية إلى مجلس الأمن الدولي بطلب بحث اعتراف الرئيس الأمريكي ترامب بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، وهو طلب سبق لبوليفيا وأعضاء أخرين في المجلس أن تقدموا به، لكن هذا على أهميته غير كاف، قد يظهر عزلة الولايات المتحدة على المستوى الدولي وهو ما كان واضحا خلال جلسة الجمعة، لكنه لا يبطل قرارا، ولا يعاقب مجرما.
المطلوب بوضوح كامل، وبدون مواربة أو التفاف على الموضوع، أن تتقدم فلسطين بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي ضد الولايات المتحدة الأمريكية، وأن تكون هذه الشكوى وفقا للفصل السادس من الميثاق. إن السماح بانعقاد مجلس الأمن بدعوة من أي دولة غير فلسطين لن يكون مجدياً ولن يؤدي إلى قرار بسبب حق الفيتو الذي تملكه الولايات المتحدة.
أما إذا انعقد مجلس الأمن للنظر في شكوى تقدمها فلسطين ضد الولايات المتحدة بسبب انتهاكها للقانون الدولي وتعريض السلم والأمن الدوليين للخطر، فلن يكون للولايات المتحدة، الدولة المشتكى عليها، حق التصويت بموجب الميثاق الذي ينص في البند الثالث من المادة 27 على ما يلي: "تصدر قرارات مجلس الأمن في المسائل الأخرى كافة بموافقة أصوات تسعة من أعضائه يكون من بينها أصوات الأعضاء الدائمين متفقة؛ بشرط أنه في القرارات المتخذة تطبيقاً لأحكام الفصل السادس، والفقرة 3 من المادة 52، يمتنع من كان طرفاً في النزاع عن التصويت".
إن هذه هي الطريقة الوحيدة ضمن الموقف الدولي الحالي المناهض لسياسات ترامب لاتخاذ قرار أممي ضد اعترافه بالقدس عاصمة أبدية لدولة الاحتلال، وما عداها لن يؤدي إلى أي نتيجة.
الخطوة الموازية للخطوة الأولى هي البدء برفع دعاوى ضد المسؤولين الذين أقروا بناء المستوطنات في القدس الشرقية. باعتبارها جرائم الحرب، وهي ما تعتبر من صلب اختصاصات المحكمة الدولية، والاستيطان الإسرائيلي في المناطق المحتلة جريمة حرب كما يعرفها القانون الدولي وكما وثقه الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية. لقد تردد المسؤولون الفلسطينيون في السابق في رفع دعوى لدى المحكمة بذريعة أن مكتب المدعي العام ما زال يقوم بدراسة أولية.
ولكن التقرير الأولي صدر في 4 ديسمبر من هذا العام وكان قاطعاً فيما يتعلق بجريمة الاستيطان، حيث حسم موضوع أن الضفة الغربية أرض محتلة وأن المستوطنات فيها مخالفة للقانون الدولي. فقد نص تقرير المدعي العام صراحة في المادة 59 من التقرير والمتعلقة بالجرائم المدعى بارتكابها في الضفة الغربية وقطاع غزة، على جريمة الاستيطان الإسرائيلي.
كما نصت المادة 69 من التقرير والمتعلقة بالنظام القانوني المحدد الواجب تطبيقه على أن الضفة الغربية أرض محتلة، وبالتالي ينطبق على المستوطنات الإسرائيلية فيها القانون الدولي الذي يصنفها جريمة حرب. إذ ينص التقرير على أنه رغم ادعاء إسرائيل بأن الضفة الغربية ليست أرضاً محتلة، بل أرضاً متنازعا عليها، إلا أن الهيئات الحكومية والدولية والهيئات القضائية الدولية قد "خلصت دورياً إلى قرارات تفيد بأن الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، أرض تحتلها إسرائيل منذ عام 1967.
ومن هذه الهيئات محكمة العدل الدولية التي أصدرت فتوى في عام 2004 بشأن الجدار الإسرائيلي ومجلس الأمن والجمعية العامة التابعان للأمم المتحدة في شتى القرارات التي اعتمدت على مدى السنوات الخمسين الماضية. وفي 23 كانون الأول/ديسمبر 2016، اتخذ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار 2334 الذي أعاد فيه تأكيد وضع الضفة الغربية كأرض محتلة، وأدان صراحة بناء المستوطنات وتوسيعها، ونقل المستوطنين الإسرائيليين ومصادرة الأراضي وهدم المنازل وتشريد المدنيين الفلسطينيين، في انتهاك للقانون الدولي الإنساني والقرارات ذات الصلة".
هاتان الخطوتان مضمونتا النتائج لكنهما تحتاجان إلى إرادة ثورية حازمة لا تخشى من العواقب للقيام بهما. فهل نفعل قبل أن يطويهما الزمن أو تشهدا مصيرا مماثلا لتقرير غولدستون.