الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

متابعة"الحدث"| زمن الخيول البيضاء .. اشتباك على المسرح الراقص كما على الحواجز الإسرائيلية

2017-12-17 03:58:00 PM
متابعة
تحضريات عرض زمن الخيول البيضاء

 

الحدث- ريم أبو لبن

 

" عرض زمن الخيول البيضاء هو اشباك ثقافي على المسرح، كما الاشتباك مع جنود الاحتلال على الحواجز، فهو يجسد المقاومة ثقافيا". هذا ما قاله محمد عطا لـ"الحدث" وهو مصمم فكرة العمل الفني الدرامي الراقص " قصص من زمن الخيول البيضاء"، موضحاَ بذلك بأن هذا العرض الملحمي الشعبي الفائض بالقصص التاريخية قد جاء مترجماَ ومكملاَ للوضع الراهن الذي يعيشه الشعب الفلسطيني بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن القدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي.

 

" زمن الخيول البيضاء" رواية خط سطورها الروائي والكاتب الفلسطيني إبراهيم نصر الله، وقد صدرت عام 2007 بالتزامن مع الذكرى الستين لاحتلال فلسطين، حيث وصفها النقاد بأنها جزء من " ملهاة فلسطينية"، واعتبرها الآخر " ملحمة شعبية" حيث عمد نصر الله وخلال عشرين سنة ماضية على سرد تفاصيل وقصص تعود لحقبة عثمانية، وهي حقبة قد تبدو غائبة في الرواية الفلسطينية.

 

ملحمة قد فاضت ملامحها في رواية بعد جهد دام لـ 20 عاماً، واليوم تنفذ على خشبة المسرح بأسلوب يختصر ذاك الزمن بـ (120) دقيقة، وقد لا يكتفي البعض بمشاهدة تلك التفاصيل المغيبة لدينا، ويلوج إلى قراءة الرواية قبل العرض حتى تسترق عيناه بعض المشاهد والتي سينفذها على الخشبة قرابة 50 ممثلاَ ومغنياَ وراقصا من فرقتي وشاح والمسرح الشعبي.

 

" سيقدم العرض أحداثاَ تتوقف عند وعد بلفور أي الحقبة العثمانية، وكنا نود تقديم حقبة الانتداب البريطاني والتي وقعت بعد الوعد، وفيها تطرد للشعب الفلسطيني من بلاده". هذا ما أكده كاتب المسرحية والمخرج فتحي عبد الرحمن خلال مؤتمر صحفي عقد لإعلان انطلاق العمل الفني الدرامي الراقص " قصص من زمن الخيول البيضاء"، حيث سيشهد قصر رام الله الثقافي العرض الأول غداَ وبعد غدا، كما سيعلن لاحقاَ عن برنامج العروض في المدن  الأخرى.

 

أضاف عبد الرحمن لـ"الحدث": " العرض يسلط الضوء على حقبة عثمانية شبة غائبه في الرواية الفلسطينية، غير أن الفلسطينيين لا يعلمون ماذا فعل العثمانيون في فترة آواخر حكمهم، أي اخر 40 عاماَ وقبل أن تنهار دولتهم".

 

وجاء هذا العمل المشترك الذي يضم أحداث وشخصيات تسرد الحقبة العثمانية بكل تفاصيلها المغيبة، من وحي فرقتي وشاح والمسرح الشعبي، حيث تم أستنباط فكرة العرض من رواية الكاتب والشاعر إبراهيم نصر الله، غير أن محمد عطا هو من عمد على صياغة الفكرة وتصميم الرقصات، أما عبد الحليم أبو حلتم وهو المؤلف الموسيقى والملحن فقد أوقد فينا أيقونة تعود لذات الحقبة العثمانية وفيها رسم للملامح وصور تدلل على المقاومة، فيما أعد النص واخرجه فتحي عبد الرحمن.

 

الراقص والمصمم ثائر زيادة قال لـ"الحدث" : " العريض خليط من مشاعر الفرح والحزن، وفيه ملحمة لم يشاهدها  المواطن الفلسطيني من قبل، حيث تمكنا من خلال العمل النهوض بالحقبة العثمانية من خلال الغناء والرقص والتمثيل كلها مجتمعة معا وهذا أمر صعب، وقد كنا نمرن أنفسنا وعلى مدار سنة كاملة حتى تصل الصورة بشكلها الصحيح".

 

في ذات السياق، قال فتحي عبد الرحمن لـ"الحدث": " العمل ليس عمل كوميدي فقط ولا تراجيدي لوحده وانما مزيج من العالمين، فحياتنا كفلسطينيين هي عبارة عن خليط من الضحك والفرح معا، رغم أن العرض يتحدث عن حقبة ظلم ومقاومة تعرض لها الفلسطينيين أثناء الحكم العثماني".

 

الاحتلال لم يغرس الحواجز العسكرية على الارض فقط، بل أوجد الحواجز الثقافية على المسرح وقد منع كلا من الملحن للعرض عبد الحليم أبو حلتم، والروائي إبراهيم نصر الله من المشاركة من حضور المؤتمر وقد لا يتمكن كلا منهما أيضا من حضور العرض.

 

العرض الفني يتضمن قصصاَ من الرواية والتي ركزت على التماهي بين ما هو فني وما هو تاريخي، حيث تم تسليط الضوء فيها على الصياغات الدرامية والتي كانت تقدم صور بليغة ومكثفة وواضحة من الظلن والفقر والتجهيل والذي تعرض له أهالي فلسطين وبلاد الشام على أيدي العثمانيين قبل انهيار دولتهم بحسب ما ذكر المخرج فتحي عبد الرحمن.

 

الرواية تحدثت عن حق الناس في مقاومة الاحتلال والدفاع عن العدالة والكرامة الإنسانية مهما كانت قوّة العدو وقدرته على البطش، فالشعوب تُدافع عن أوطانها وعن حقوقها حتى لو كان انتصارها على عدوّها صعباً، ولذلك فإن تثبيت الحق في المقاومة لا يقل أهمية عن تحقيق النصر على العدو.

 

وكما تقدم الرواية معالجة فنية لدور المرأة في النضال، حيث يقدم العرض نماذج سامية من نضالها وقوة إرادتها وإنسانيتها.

 

قال فتحي عبد الرحمن : " الرواية قدمت لنا أجوبة للعديد من الأسئلة ما قبل قيام وعد بلفور، غير أن الابحاث والمصادر التي تتحدث عن الحقبة العثمانية هي قليلة، ولم يتم تسليط الضوء عليها بأي عمل فني واسع كهذا".

 

أضاف : " غير أن الروائي ابراهيم نصر الله قد عمل خلال 20 عاماَ من اجل كتابة هذه الرواية والتي تستحق أن تنجز ليس فقط كعمل مسرحي وانما كأعمال ثقافية آخرى".

 

وقد يميز العرض بتفاصيل تميل لتميز الزي الذي يرتيده الراقصون والممثلون وفيه عودة للحقبة العثمانية، كما أن اللهجة المستخدمة في العرض هي لهجة فلسطينية وقد تكاد تكون أقرب للهجة مناطق الريف وهي ذاتها التي كان يتحدث بها أهالي المنطقة انذاك أي الفترة ما بين (1900-1950).

 

قال فتحي عبد الرحمن : " نحاول أن نستخدم ذات اللهجة ولكن نخلصها من الألفاظ المعاصرة، وهي لهجة فلسطينية مسرحية حتى يفهم الجميع".

 

وعن استمرار العروض في ظل الظروف الراهنة قال مصمم الرقص محمد عطا : " العرض سيستمر، غير أن هذه البلاد تقع تحت احتلال، وفي هذا العرض رسالة بناء وبناء ما يهدمه الاحتلال، غير أننا وتحت هذه الظروف قد استمرينا بالتدريبات حتى أن احد الراقصين في العرض تم اعتقالهم أثناء التدريب".