السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

هل سيهدم الأقصى قريباً؟ كتب: أحمد زكارنة

2017-12-18 07:47:25 PM
هل سيهدم الأقصى قريباً؟
كتب: أحمد زكارنة
أحمد زكارنة

السؤال أعلاه ليس سؤالاً استنكارياً يُطرح في سياق السخرية من حال العرب؟ ولا يرتبط ارتباطا مباشراً برد الفعل العربي "العاجز عن الفعل" أمام قرار ترامب؟ وكذا لم يأت من باب ما يطلق عليه بالكوميديا السوداء؟ ولكنه سؤال الإجابة إن صح التعبير، على إقرار حكومة نتنياهو البحث في إقرار خطة وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية "ميري ريجيف" حول أعمال الحفر والتنقيب عن أساسات الهيكل المزعوم والذي يرصد ما قيمته ٢٥٠ مليون شيكل إسرائيلي، أي ما يعادل ٧٠ مليون للدولار للتنقيب عن اساسات أقر عدد لا بأس به من علماء الآثار اليهود أنفسهم أنه لا وجود لها في كامل منطقة القدس، ما يعني أن الميزانية المرصودة علنا لهذا الغرض، إنما هي رصدت لتقويض أساسات المسجد الأقصى، ولنا أن نتصور ماذا يمكن أن يفعل كل هذا المبلغ لهذا الهدف!.

 

بهذا المعنى وبعد تلمس سقف الردود العربية على قرار ترامب، والذي يمكننا قرأته في تعقيب سفيرة الإدارة الأمريكية الجديدة في الأمم المتحدة نيكي هالي وقولها: "إن الاعتقاد بعد قرار الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل كان أن السماء ستطبق على الأرض ولكن لم يحصل شيء". يعني أننا اليوم أمام تحد لم يعد للعوامل السياسية مكان في سياقه، خاصة وأن الصهيونية العالمية باتت أكثر تطرفا باتجاه إعادة الصراع إلى مربعه الأول، مربع الصراع الديني، الأمر الذي حاولت الثورة الفلسطينية طيلة الوقت الابتعاد عنه قدر الإمكان.

 

والحقيقة اليوم تقول بشكل واضح وصريح وجلي: إننا أمام حقيقة تاريخية تثبت للمبصر والكفيف "أن أصل الصراع، صراع وجود وليس صراع حدود" وهنا وجب على الطرف العربي والفلسطيني، أن يعيد صياغة سياساته برمتها، لطرح السؤال الأكثر صوابية فلسطينيا وعربيا، على أسس لا تعتمد الابتعاد عن حقائق الأمور، وإنما تعترف بأن الصراع، صراع عقائدي، يلعب فيه الإيمان بالحق الديني الدور الأساس.

 

في هذا السياق يمكننا الانتباه لما حدث قبل وبعد قرار ترامب داخل اللوبي الصهيوني ذاته في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كانت رسالة اليهود الأمريكيين واضحة كلَّ الوضوح: حتى لو كانت القدس هي العاصمة الروحية لليهودية، فإنَّ الوقت لم يحن بعد لإعلانها عاصمة للدولة الإسرائيلية، لأنَّ هذا سيُعَمِّق الصراع فقط.

 

وفي يوم إعلان دونالد ترامب عن نقل سفارة بلاده إلى القدس، قام "الاتِّحاد من أجل إصلاح اليهودية"، وهو أكبر جمعية دينية يهودية في العالم، بنشر بيان صحفي عبَّر فيه عن قلقه لأنَّ البيت الأبيض يعمل من خلال هذه الخطوة "غير المناسبة من حيث التوقيت" على حد تعبير البيان، على "تقويض عملية السلام فقط" و"زيادة حدة الصراع".

 

وعلى الرغم من هذا النقد الواضح والمباشر، فإنَّ ترامب قدم، ومازال، نفسه في غير مناسبة بوصفه المدافع الأول عن اليهود، حتى أنه وصل في إحدى خطاباته إلى حد القول في خطابه أنَّه يعمل بالنيابة عن اليهود.

 

وفي خطاب آخر له تحدث بحماس مبالغ فيه، عن ابنته إيفانكا، الحامل بـ "طفل يهودي" قائلاً: إنَّ هذا الطفل سيكون سعيدًا أيضًا بكون القدس عاصمة لإسرائيل. ما يطرح سؤال: لصالح من يعمل الرئيس الأمريكي "ترامب"؟

 

الإجابة التي نستقيها من كافة التقارير والدراسات الغربية تقر بأنه يعمل لصالح إرضاء الإنجيليين، أي الأصوليين المسيحيين "البروتستانت". علماً بأن معظم الزعماء المسيحيين حول العالم، نددوا بهذا القرارـ بل وقدموا النصح للإدارة الأمريكية للعدول عنه.

 

وبالرغم من حقيقة وجود تيارات مختلفة داخل الأصولية المسيحية-البروتستانتية. فإن الأغلبية منهم يريدون خلق الفوضى في "إسرائيل – فلسطين"، وذلك من أجل التعجيل بما يعرف باسم معركة "آخر الزمان"، أي المعركة الكبرى المعروفة باسم "هرمجدون"، والتي ستجري رحاها بالقرب من القدس.

 

السؤال الآن بات أكثر إلحاحاً: ماذا سنفعل نحن العرب والفلسطينيون في ظل دفع المتطرفين اليهود، بالصراع باتجاه أبعاده الدينية؟ وما هي أدواتنا وسياساتنا القادمة لصراع فرضه ويفرضه المحتل، صراع وجود لا صراع حدود؟ والسؤال هنا ليس برسم الشعب الفلسطيني وحده، ولكنه يدفع بالعرب والمسلمين على حد سواء إلى مواجهةٍ ـ عمل العديد منهم ـ على تأجيلها جيل بعد آخر، ألا وهي مواجهة الحلم الإسرائيلي ما بين النيل والفرات، فهل من جواب يحمي عواصم العرب لا القدس وحدها؟