الحدث- ريم أبو لبن
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الامريكية تحليلا حول قرار رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، دونالد ترامب، بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وفيما يلي نص المقال مترجما:
لقد جعلت الإدارة الأمريكية لدونالد ترامب من جوهر قضية القدس أكثر ارباكاَ وإرهاقا للجميع، وهي القضية المربكة بالأساس.
في البداية، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وبتاريخ 6 ديسمبر من هذا العام الاعتراف رسميا بأن القدس عاصمة لإسرائيل، وقد عمد هذا القرار على القذف جانباَ بقرابة 70 عاما من الحياد الأمريكي تجاه هذه القضية، وتربع القرار على عرش غضب الفلسطينيين الذي يسعون فعلياَ بأن تكون القدس عاصمتهم.
وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون قال في وقت سابق : "إن الولايات المتحدة لن تنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس حتى عام 2020م. وإلى ذلك الحين فإن جوازات سفر الأمريكيين والتي يظهر فيها بأنهم من مواليد القدس، سوف تبقى تشير إلى ذلك أي ولادتهم في القدس لا إسرائيل، غير أن الخرائط لدى الحكومة الأمريكية لم تحدد بعد بأن القدس هي داخل إسرائيل".
إذا لماذا التأخير في نقل السفارة؟ وزير الخارجية الأمريكية تيلرسون أشار في حديثه بحسب ما نشرت صحيفة " نيويورك تايمز" إلى وجود أسباب لوجستية تقف أمام نقل السفارة.
قال : " أياَ كانت تلك الأسباب ربما كان لدى ترامب صعوبة في العثور على طابعة لطباعة خريطة جديدة ".
مع أن الرئيس ترامب لديه هوس بـداء"العظمة" إلا أنه لديه تفكيره قد وصف بـ"الضعيف" أو "الشحيح" تجاه سياسة الداعمين له من المؤيدين المحليين، لاسيما هؤلاء يدعون بقوة حكومة الليكود المتشددة، غير أن القادة الأكثر حكمة في الإدارة يحاولون تهدئة الفلسطينيين والعرب الآخرين الذين يتخذون موقفاَ معارضة ويتظاهرون في الشوارع.
منذ إعلان ترامب بأن القدس عاصمة لإسرائيل، والاحتجاجات الدولية لم تتوقف حتى في جميع أنحاء الشرق الأوسط، لاسيما وأن أكثر من 50 زعيماَ مسلماَ قد تواجد في اسطنبول وخلال قمة التعاون الإسلامي التي عقدت الأربعاء الماضي، وذلك رفضاَ لقرار ترامب، وقد دعو هؤلاء العالم للاعتراف بأن القدس الشرقية هي عاصمة لدلة فلسطين المستقلة.
وفي القمة الأوروبية المنعقدة في بروكسل رفض معظم قادة الاتحاد الاوروبي- وهو أكبر الداعمين والمانحين لدى السلطة الفلسطينية- ما جاء به ترامب، وقد أبدوا اعتراضهم للقرار.
ولكن هذا الموقف من قضية القدس لم يكن له تأثير كبير، حيث قامت القوات الإسرائيلية يوم الجمعة بإطلاق النار على أربعة فلسطينيين مما أدى إلى استشهادهم بجانب أصابة أكثر من 300 آخرين برصاص الحي خلال مظاهرات في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ومن المقرر أن يزور نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس دولة الاحتلال الإسرائيلي، في حين أن القادة الفلسطينيون قد رفضوا الالتقاء به. وهنا مسؤولو الادارة يدركون بأن الفلسطينيين قد "يحتاجون إلى فترة من التهدئة".
الحكومة الإسرائيلية قد تواجد في القدس الغربية ومنذ تأسيس الدولة عام 1948، وفي حرب عام 1967م (نكسة حزيران) أبعدت دولة الاحتلال الأردن عن القدس الشرقية واحتلت المدينة بكاملها، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية وكباقي دول العالم قد حجبت الاعتراف رسميا بأن القدس عاصمة لإسرائيل حتى يتم التوصل إلى اتفاق سلام ما بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ومن شأن هذا أن يساهم في حل جميع النزاعات ما بين الجانبين.
ولكن ليس هذا ما يقوم به البيت الأبيض في الواقع، فقد منح صلاحيات جديدة للضغط وقد أغضب هذا الفلسطينيين مرة أخرى، حيث أوضح مسؤولون في البيض الأبيض بأن الجدار الغربي للقدس والذي يقع خارج حدود دولة الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 وهو محيط ببعض المواقع الإسلامية المقدسة سيعلن عنه بأن جزء من دولة الاحتلال الإسرائيلي.
في هذه المرة، قيل بأن الحدود النهائية لدولة الاحتلال والدولة الفلسطينية يجب أن يسوى تحت إطار المفاوضات، ولكن يبدو أن الإدارة الأمريكية قد اخذت دولة الاحتلال إلى اتجاه يدعو لتفجير القضية أي قضية القدس.
من جهة أخرى، يصر الأمريكي ترامب على اعتزام مواصلة مفاوضات السلام الجديدة، ولكنه في الواقع لا يبذ أي جهد في هذا الجانب وهو يصعب الأمور.
وفي ذلك هذه الظروف المشحونة وتضائل الخيارات فإن على القيادة الفلسطينية أن تثبط من حدة مجريات أعمال"العنف" والتي تحدث في مختلف أنحاء المنطقة، حيث سيدفع جميع الأطراف الداعية له ثمناَ باهضاَ.
إن أراد القادة الفلسطينيون والأوروبيون أن يحافظوا على فكرة حل " الدولتين" فإنه ينبغي أن يؤكدوا مجدداَ على اهمية تقرير مستقبل القدس من خلال المفاوضات، على أن تكون القدس الشرقية هي عاصمة لفلسطين. وفي هذه الجزئية تحديداَ فإن الرئيس ترامب قد يقلل من الأضرار من خلال بأن السفارة ستنقل إلى القدس الغربية، وفي هذا إشارة بأن الولايات المتحدة الأمريكية تريد الإعتراف بأن القدس الشرقية هي عاصمة لفلسطين وهذا جزء من اتفاق السلام.