موقف الرئيس محمود عباس اليوم، موقف لا يحسد عليه أبدا، هو الآن في خانة "اليك"، تلك الخانة التي توازي خانة "كش ملك" في لعبة الشطرنج. فهو لا يستطيع القول للشارع استمر في التصعيد وفي المواجهة، ولا يستطيع أن يقول له توقف، وبالتالي يمكن تفهم الخطاب السياسي للرئيس عباس في القمة الإسلامية في اسطنبول على أنه خطاب يحاول أن يقول من خلاله إن مستوى حراك السلطة لن يتجاوز الحراك الدبلوماسي والانضمام للمؤسسات الدولية، بينما في الشارع تستمر "فتح" مثل بقية الفصائل الفلسطينية في توجيه الدعوات والمشاركة في الفعاليات الشعبية لمواجهة قرار ترامب.
مع ذلك، وفي لحظة ما، تلك اللحظة التي لا بد أن يشتد فيها التصعيد على أرض الواقع، لأن مجريات الأمور تدلل لنا أن أي هبة من الممكن أن تهدأ إلا تلك المتعلقة بالقدس، وذلك على خلاف التقديرات السياسية والأمنية الإسرائيلية، في تلك اللحظة سيتم توجيه أصابع الاتهام بشكل مباشر إلى الرئيس عباس باعتباره رئيس حركة فتح، بأنه هو من يحرض ويعطي التوجيهات على الأرض، وبالتالي استخدام الأمر كورقة ضغط عليه، تماما كما جرى مع الرئيس الراحل ياسر عرفات، وبالتالي تمرير عدم اعتباره شريكا في عملية صناعة السلام، وهو الأمر الذي قيل له صراحة في السعودية.
ويكمن الحل البسيط، لكنه الحل الصعب، في تقاسم الصلاحيات السياسية والتنظيمية بين الرئيس وحركة فتح، بحيث يجري الفصل بين منصب رئيس السلطة ورئيس الحركة، فتقاسم الصلاحيات يعني تقاسم المسؤوليات وتقاسم النكبات والمصائب، فلا يتم القضاء على القيادة الفلسطينية دفعة واحدة وبضربة واحدة في ظل نظام سياسي توتاليتاري تتركز فيه كل الصلاحيات في يد الرئيس.