الخميس  28 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

استراتيجة ترامب الجديدة بقلم: ناجح شاهين

2017-12-20 02:34:17 AM
استراتيجة ترامب الجديدة
بقلم: ناجح شاهين
ناجح شاهين

منذ أزيد من شهر كتب جيمس بيتراس محدداً الأعداء الأهم للولايات المتحدة. وقد أوضح أنهم على الترتيب: روسياً، الصين، كوريا الشمالية، فنزويلا، إيران، سوريا. في الدرجة الثانية يأتي أعداء من قبيل لبنان، وكوبا، واليمن. أما في الدرجة الثالثة فيأتي أعداء من قبيل بوليفيا ونيكاراغوا. لا بد من ردع روسيا والصين وكوريا، لكن لا بد من إعادة تشكيل "الشرق الأوسط" الذي تنتمي له ايران وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين.

 

في هذا السياق يبدو أن الولايات المتحدة تعرف ما تريد حتى وهي تحت حكم رئيس "مضطرب، مهووس" اسمه دونالد ترامب. المطلوب حالياً تقسيم "الشرق الأوسط" وتوسيع "إسرائيل". ويلزم لذلك إشاعة المزيد من الاضطراب، وقد راهن ترامب على ان قرار نقل السفارة سيسهم في تحريك الأوضاع واثارة البلبلة. بهذا المعنى لا يجوز أن نتوقع أن تتضايق أمريكا من الحراك في المنطقة، إنه شكل آخر من الفوضى الخلاقة التي ستزعزع المنطقة، وتفتح الباب على مصراعيه أمام الأقوياء الأمريكان والإسرائيليين وأتباعهم ليعيدوا بناء الواقع وتشكيله.

 

بالطبع قد يظن بعض أنصار الديمقراطية أن هذا غريب بالنظر إلى حب الولايات المتحدة للاستقرار. للأسف الولايات المتحدة منذ دخلت النظام العالمي بوضوح بعد الحرب الكبرى الثانية كانت التجسيد الحي للدولة التي تختلق النزاعات، وهي مسؤولة عن الحرب التي تقع على نحو مستمر هنا أو هناك. ويقدر أنها مسؤولة عن مقتل ما يزيد على خمسة وعشرين مليون انسان منذ الحرب العالمية الثانية. ترامب ليس "مارقا" في السياسة الأمريكية من ناحية جوهرية. إنه ابن المؤسسة دون شك.

 

تمتلك الولايات المتحدة قوة هائلة لا مثيل لها في التاريخ. وقد رفع ترامب الميزانية العسكرية لتصل إلى ما يزيد على 700 مليار. وتمتلك القوة العسكرية الأمريكية 8000 من الرؤوس النووية، وما يقرب من 14000 طائرة مقاتلة، و1000 طائرة عمودية، و72 غواصة إضافة إلى 800 قاعدة عسكرية منتشرة حول العالم. ولدى أمريكا مليون جندي في الخدمة إضافة إلى المرتزقة الذين لا عد لهم ولا حصر.

 

باختصار، النقاط التالية تمثل استراتيجة ترامب كما وردت في خطابه أمس:

1.        حماية أمن الولايات المتحدة وحدودها.

2.        حماية ازدهار الولايات المتحدة.

3.        حماية "السلام" عن طريق القوة الفائقة على نحو ساحق.

4.        زيادة تأثير الولايات المتحدة في العالم، وهو ما يتطلب زيادة قوة الولايات المتحدة.

5.        خلافاً للمألوف –الظاهري بالطبع- حول خطر كوريا الشمالية وإيران تبرز روسيا والصين بوصفهما العدو الاخطر للقيم والمصالح الأمريكية. ولا بد بالطبع من مواجههتمها في الساحات المختلفة، وخصوصاً في شرق أوروبا، أوكرانيا..الخ وفي شرق آسيا في ميدان كوريا الشمالية وبورما..الخ وأخيراً وعلى نحو حاسم في منطقة "الشرق الأوسط" التي يندفع فيها ترامب على نحو يتفوق على سابقيه جميعاً.

 

نتوهم أن الوحش الأمريكي لم يكن أضعف مما هو اليوم. وتتعرض هيمنته إلى التحدي "الواقعي" جدياً لأول مرة منذ الحرب الكبرى الثانية، لذلك يمكن أن يفعل أي شيء في سبيل الدفاع عن تفرده بالهيمنة. هكذا نقرأ الاستراتيجية الأمريكية الجديدة: إعلان حرب اقتصادية/سياسية/عسكرية ضد أكبر المنافسين بغرض تمديد عمر الهيمنة الأمريكية. ولعل منطقة "الشرق الأوسط" ستكون الميدان الأهم للمنازلة المرتقبة. ومن هنا بدأ ترامب بخطوة نقل السفارة التي بدت مجنونة بالنسبة للكثيرين. وفي الأشهر المقبل سيزداد الصراع سخونة ضد سوريا وايران وحزب الله وروسيا وكوريا والصين. هناك صراع واسع وعميق مفتوح على الاحتمالات.

 

ترى هل سيكون العرب والفلسطينيون الخاسر الأكبر في المنازلة الحالية؟ أم يكون بمقدورهم الاستفادة من هذا المفترق التاريخي الكوني لأخذ موقع آخر لهم "تحت الشمس"؟ بالطبع نعرف ونحن نسأل هذا السؤال أن قسماً مهما من العرب هو جزء لا يتجزأ من معسكر ترامب المقاتل بالمال والرجال والسلاح.