بكل وقاحة وتبجح يعترف يعلون ويفاخر بدوره في اغتيال الشهيد خليل الوزير. وبكل وقاحة وصلف يستعرض قادة الكيان و قادة المخابرات والموساد في مذكراتهم أو بعد تقاعدهم "بطولاتهم" ومخططاتهم القذرة في سفك الدم الفلسطيني. وسيأتي من يعترف بأن دم ياسر عرفات في رقبته. وغيره سيعترف أن دم رفيق الحريري في رقبته. وسيعترف الضالعون في الجريمة بولوغهم في الدم العربي وستبقى قضيتنا "الحيط الواطي" بفضل أوسلو وما سبقه من تحضيرات لتوقيعه وما لحقه من تبعات وبفضل الصهاينة العرب المتهافتين على إقامة علاقات مع الكيان الصهيوني. بما فيهم أبناء القادة والشهداء.
قبل ربع قرن كنت أعمل في مركز للبحوث في جمع المعلومات عن ثوار شاركوا في ثورة 1936 أو عاصروا من شاركوا. كان كثير منهم يتحفظ على الإدلاء بمعلومات أو شهادات عن أحداث مضى عليها قرابة ستين عاما في حينه. أحد معارفي من المعرفين في بعض القرى الصغيرة في جنوب الخليل فسد لي هذا التكتم بالخوف من الثأر. وشرح لي شرحا مطولا عن العلاقة بين ما يمكن أن يقولوه والثأر قائلا: لو فرضنا أن أحدهم أتى على ذكر أحد قتله الثوار بسبب تخابره مع الانجليز أو ..أو ..فإن هناك ثارات نائمة ستستيقظ، وفسر معرّفي الأمر كالتالي: نحن عرب.
والعرب وخاصة البدو لا يفوتون ثأرهم. يعتبرون الأخذ بالثأر واجب ولا يغسل عار الدم إلا الدم. والثأر يبقى ثأرا. مهما مر عليه من سنين.
ترى هل هذا الكلام صحيح؟ نسمع أن ثأرا شخصيا أو عائليا امتد لعشرات السنين دون أن يوقفه قانون أو يقلل منه مبدأ التسامح ولا حتى ينفع معه الـ"غادوك" بالتقادم الذي برروا به إلغاء الميثاق الوطني. لذلك نعتقد أن هذا المفهوم سينطبق دائما على الدم الفلسطيني والعربي في كل الأزمنة والأمكنة. صحيح أن مفهوم الوطن والانتماء له تناقلته الأجيال على مدار ما يزيد عن قرن من الزمان، ولم يخفت وهجه إما بسبب ما زرعه السابقون أو بفعل ما يعانيه من عسف الاحتلال وهمجيته، أما الثأر بمفهومه القديم فقد ظل متوارثا على المستوى المحلي تجاه فرد أو عشيرة من بني الجلدة فيما يعلن يعلون عن ولوغه في دم أبي جهاد أو غيره ولا نرى من يتحدث عن الثأر في أقرب المقربين جسداً لأدنى هل كانوا يتبجحون. شو فرعنك يا يعالون إلا قلة ناس تردك.