الخميس  28 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

تهافت الخطاب الفني والإعلامي.. نموذج: أغنية شركة "زين" المهداة للطفلة عهد التميمي

بقلم: ناجح شاهين

2018-01-05 05:55:37 PM
تهافت الخطاب الفني والإعلامي.. نموذج: أغنية شركة

شركة "زين" للاتصالات دبت فيها الروح الثورية المقاتلة على حين غرة وأنتجت أغنية مقاتلة تمجد الطفلة المعتقلة عهد التميمي التي كبرت رغماً عنها واصبحت أهم من فلسطين والعرب جميعاً كما يتضح من أغنية شركة زين الجديدة.

 

تخيلوا ان عهد هي المد و"أننا" الجزر: نحن بمن فينا أبطال حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية وحزب الله والجيش العربي السوري.. الخ كلنا نصبح لا شيء . فقط عهد هي المد.

لكن هل يخدم هذا الكلام قضية فلسطين/العرب أو يخدم عهد ذاتها؟

 

شاهدت كليب "زين" السخيف الذي تظهر فيه عهد وهي صغيرة تصرخ في وجه الجندي "إذا خلعتوا شجرة بنزرع بدلها مية." الجندي يبتسم بحنان وعذوبة، يشهد الله كدت أحبه. ويشهد الله أن أية صبية أمريكية أو أوروبية، واخشى أن أقول سعودية أو خليجية فتغضبوا مني؛ إن أية صبية يمكن أن تقع أسيرة هواه، ويمكن أن ترى فيه فارس احلامها الشهم النبيل. يترك الجندي الأسمر الوسيم عهد تصرخ كما يحلو لها ويتراجع أمامها مبتسماً بروح "أبوية" آسرة.

 

لا تنسى المطربة وكاتب كلماتها أن يذكرانا بشعر "عهد" الأشقر في جملة غريبة لم نفهم معناها:

"يا شقراء الشعر المكسي طاهرة كطهارة قدس/ي"

 

نتوهم أن المكسي لا دلالة لها في السياق، وأن المقصود هو فقط أن تنسجم مع كلمة "قدسي".

"علمتي أجيالاً منا كيف يثور الشعب المنسي".

عن جد الطفلة عهد "لحقت" تعلم أجيالاً منا؟

 

مجرد أصوات لا معنى لها، وإن كان هناك من معنى فهو معنى مليء بالمبالغات السمجة التي لا تعني شيئاً باستثناء إسقاط صفات الأسطرة على الطفلة التي تمت تربيتها في سياق "المقاومة السلمية" مع إجادة فن التصوير والدعاية إلى درجة أن احدى اللقطات ترقى إلى مستوى فضيحة عندما يتم عرض الطفلة وهي تتحدى الجندي بينما صديقتها تقوم بتصوير المشهد. هذا ترف لا يستطيعه بالتأكيد شخص يتوقع أن يرد عليه الجنود بالضرب أو بالرصاص.

 

تخيلوا: "عيناك الزرقاء منارة، وطناً يحضن كل حضارة"

هل هناك من مغزى لكل هذا التركيز على شقرة الشعر وزرقة العيون؟

 

تخبرنا أغنية شركة زين أن أيادي عهد هي التي ردت الغازي على الرغم من نعومتها وللتدليل على ذلك يتم عرض الجندي الإسرائيلي (الجبان؟) وهو يهرب من قبضة عهد الصغيرة وعلى وجهه ابتسامة متسامحة.  هذه القبضة هي التي "أعادت للأمة هيبتها!" والله؟ كنت أظن أن نضال حزب الله بالكاد يمكن أن ينقذ الأمل في قلوبنا بالقدرة على المقاومة والصمود ولو قليلاً. أما أن الصغيرة عهد هي التي ردت للأمة هيبيتها فنظن أن هذا كلام يصب في خانة الجعجعة "الفنية" . بالطبع ليس هذا من الفن في شيء.

 

لا بد من استدعاء ولهم رايش لكي يقول بصوته الواضح ان الفن الذي يقول "عاشت الثورة" بطريقة فجة وسخيفة يخدم العدو المحتل من حيث يتوهم أنه يقاومه. عموماً ليس الفن الذي قصده رايش بهذا المستوى من الهبوط ، كان يتحدث عن الخطابة الغبية، أما هنا فنحن في مواجهة فن يقدم دعاية للجندي الصهيوني الأسمر الطيوب والمتسامح، مع أنه يحاول أن يمجد الصبية الفلسطينية الشقراء ذات العيون الزرقاء.

 

لكن ماذا يهمنا من قواعد الجمال، أو قواعد نشر الوعي الثوري عندما تتصدى شركة اتصالات، وهي ممثل لشكل سيء جداً من شرائح الرأسمال، لمهمة نشر الفن "الثوري" مهدية أغنيتها العظيمة للمناضلة عهد.

 

كأني ب "زين" تروج لنفسها أكثر مما تروج لعهد، فقط أصبحت عهد شخصية مشهورة يتمسح بها محامي حسني مبارك والفنان فلان، والشاعر علان....الخ

 

إنه موسم للتسوق والتسويق يتقنع بقناع شفاف من الثورية التي لا تنطلي على أحد.

بالطبع يربح التجار جميعاً في هذا "البازار" وتخسر فلسطين وقضيتها والعرب جميعاً. لم نعد قادرين على تحديد المآل الذي ستصل إليه الطفلة نفسها، فلا بد أن الكثير من الحيثيات المرعبة تحيط بها، أهونها على الاطلاق ما يتصل بمعاناة الاعتقال.