السبت  02 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

'حماس' تنسحب من الحكم خوفا من قرار عربي ودولي بـ 'القضاء عليها'

2014-06-06 00:00:00
'حماس' تنسحب من الحكم خوفا من قرار عربي ودولي بـ 'القضاء عليها'
صورة ارشيفية

 

الحدث- وكالات

لم تنسحب حركة “حماس″ من الحكم في قطاع غزة، والمشهد السياسي للأسباب المعلّنة المتمثلة في تحقيق الشراكة الوطنية، وإنهاء الانقسام الفلسطيني الذي امتد عمره الزمني لسبعة أعوام، بل لاستشعارها بخطر حقيقي يتهدد وجودها كما يرى مراقبون فلسطينيون.

 واختارت حركة” حماس″ الانسحاب من المشهد السياسي في الوقت الراهن بسبب تخوفها من “مؤامرة عربية ودولية” تحاك ضد كل الحركات الإسلامية في المنطقة وفي مقدمتها جماعة “الإخوان المسلمون” التي ترتبط حماس بها فكريا وأيديولوجيا، كما يقول مخيمر أبو سعدة المحلل السياسي الفلسطيني.

وقال أبو سعدة أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة في حديث لوكالة الأناضول: “السؤال المهم جدا، والذي تحتاج إجابته إلى عمق، لماذا الآن؟ وليس أي وقت آخر اختارت حركة حماس الانسحاب من الحكم، والمشهد السياسي؟”.

وبتأدية حكومة الوفاق الوطني برئاسة رامي الحمد الله، أمس الاثنين، اليمين الدستورية أمام الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في مقر الرئاسة بمدينة رام الله، كانت حركة حماس قد سلمت حكما بدأته منذ عام 2007 في قطاع غزة.

وأضاف أبو سعدة أنه “وبعيدا عن الإجابات التي تقدمها حركة “حماس″ والمتمثلة بالشراكة الوطنية، ورغبتها في إنهاء الانقسام وكسر حصار قطاع غزة، فإن الحركة استشعرت أن ثمة خطر حقيقي عليها ترجمته من خلال قراءة المتغيرات على أرض الواقع″.

وتابع: “حركة حماس اقتنصت فرصة تاريخية، في انسحابها من الحكم في الوقت الراهن، وأعفت نفسها والفلسطينيين في قطاع غزة، من سيناريو عسكري، أو صدام مع الجهات التي تعلن عداءها للحركة وفي مقدمتها مصر”.

وتتهم السلطات المصرية، حركة “حماس″، بالتدخل في الشأن الداخلي المصري والمشاركة في تنفيذ “عمليات إرهابية وتفجيرات” في مصر، وهو ما تنفيه الحركة بشكل مستمر.

وأصدرت محكمة “الأمور المستعجلة”، بالقاهرة، في 4 مارس/آذار 2014، حكما قابلا للطعن، بوقف نشاط حركة “حماس″، داخل مصر، وحظر أنشطتها بالكامل، والتحفظ علي مقراتها داخل بمصر.

وطالب إعلاميون مصريون في أكثر من مرة الجيش المصري بتنفيذ عمليات عسكرية ضد حركة حماس في قطاع غزة.

وأشار أبو سعدة إلى أن “الأحداث التي جرت في مصر وعزل الرئيس السابق محمد مرسي، وما تبعها من محاكمات لقيادات من الإخوان، وما يجري في ليبيا في الوقت الراهن من محاصرة الحركات المنتمية للإخوان، وفي كل مكان في المنطقة العربية دفع حركة حماس إلى التشبث بهذه اللحظة التاريخية”.

وتابع: “عزلة حماس بدأت، عندما أخذت مصر تغلق الأنفاق، وتجفف أهم مورد مالي لها، لهذا قررت دراسة المتغيرات بدقة، وأعفت نفسها وأعفت الفلسطينيين في قطاع غزة، من قرارات عربية ودولية بإقصائها والقضاء عليها”.

وبعد إطاحة الجيش المصري بمشاركة قوى سياسية ودينية لمرسي في الثالث من يوليو/تموز 2013، عانت حركة حماس من عزلة سياسية، تمثلت في إغلاق معبر رفح بشكل دائم، ومنع قادتها من السفر، وإغلاق الأنفاق التي كانت تشكل أهم مورد مالي للحكومة السابقة في غزة.

“وفي ظل المتغيرات المتلاحقة في المنطقة العربية، وما يحاك بشكل علني ضد الحركات الإسلامية، فمن حق حركة حماس أن تخشى على نفسها ووجودها كحركة مقاومة، تتبنى الفكر الإسلامي”، كما رأى تيسير محيسن، المحلل السياسي وكاتب مقالات الرأي في بعض الصحف الفلسطينية.
 
وقال محيسن في حديث لوكالة الأناضول إنّ حركة حماس وأمام ما جرى لدول قررت أن تنسحب من المشهد السياسي.

وأضاف:” هذه الحركة الصغيرة المحاطة بالخصوم من كل مكان، قرأت المشهد الراهن بتروي، وحكمة، ورأت ما يجري أمامها من دول بحجم مصر، وكيف تحارب جماعة الإخوان في كل مكان، وبالتالي الحركة أرادت أن تبدد كل مخاوفها، وأن تغلق هذا الملف الشائك خوفا من السيناريو المخيف المتمثل بالقضاء عليها”.

وأكد محيسن أن حركة حماس أرادت أن تحافظ على ذاتها، وتستفيد من تجارب الآخرين، والخروج بأقل الخسائر.

واستدرك بالقول:” العوامل الأخرى لترك حماس الحكم، مهمة، ولكنها تبدو ثانوية أمام هذا العامل الأكثر أهمية، المتمثل في تعزيز خروجها من المشهد السياسي خوفا من القضاء عليها بقرار عربي ودولي”.

وعلى حركة حماس أن تظل خائفة من سيناريو القضاء عليها كما يرى “عبد الستار قاسم” الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني.

وقال قاسم (أستاذ العلوم السياسية السابق في جامعة النجاح بمدينة نابلس شمال الضفة) في حديث لوكالة الأناضول إن “قرارا عربيا ودوليا يتم تطبيقه في المرحلة الراهنة لإقصاء أي دور ووجود للحركات الإسلامية في المنطقة العربية”.

وأكد قاسم أن “انسحاب حركة حماس يجب أن يتبعه العديد من الإجابات داخل الحركة، وفي مقدمتها ضرورة العودة إلى المقاومة”.
وأضاف: “هي الآن تحاكي نموذج حركة النهضة الإخوانية، في تونس من تسليم الحكم، لكن المطلوب من حماس ما هو أبعد من ذلك، عليها أن تحافظ على نفسها كحركة مقاومة”.

ووافقت حركة النهضة التونسية أواخر العام الماضي، عقب حوار وطني مع قوى سياسية، على التنازل عن قيادة الائتلاف الحاكم، والموافقة على أن يشكل المهدي جمعة حكومة مستقلة تقود البلاد حتى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة نهاية العام الجاري.

ويرى قاسم في عودة حركة حماس إلى إيران، وتجديد علاقتها مع حزب الله اللبناني، فرصة لاستدراك أي مؤامرة تحاك ضدها.

وعلى مدار سنوات عديدة، أقامت “حماس″ علاقات قوية مع النظامين الإيراني والسوري، ضمن ما كان يعرف قبيل اندلاع ثورات الربيع العربي، بـ “محور الممانعة”، في مقابل “محور الاعتدال” الذي كان يضم مصر (في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك)، والسعودية والإمارات، والأردن.

لكن اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011، ورفض “حماس″ تأييد نظام بشار الأسد، وتّر العلاقات بينهم، إلى أن بلغت قطيعة تامة بين “حماس″ ودمشق، وشبه قطيعة بينها وبين إيران، وحليفها حزب الله اللبناني.

غير أن الأسابيع والأشهر الماضية شهدت تقاربا واضحا بين إيران وحركة حماس، وصفه قاسم بأنه خطوة سليمة في طريق حفاظ الحركة على مقاومتها من أي تدخل خارجي قد يحدث.

وتأسست حركة المقاومة الإسلامية، المعروفة اختصارا باسم “حماس″، في 14 ديسمبر/كانون أول 1987، على يد جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين.

وتقول حماس في أدبياتها إنها “حركة إسلامية وطنية تسعى لتحرير فلسطين من النهر إلي البحر (فلسطين التاريخية)، وتنظر إلى إسرائيل على أنها جزء من مشروع استعماري غربي صهيوني، يهدف إلى تمزيق العالم الإسلامي وتهجير الفلسطينيين من ديارهم وتمزيق وحدة العالم العربي”. ويرجع تاريخ جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين إلى ما قبل عام 1948 حيث تعتبر حماس نفسها امتدادا لجماعة الإخوان المسلمين التي تأسست في مصر عام 1928.

وأسست حماس، ذارعا عسكريا أطلقت عليه اسم “كتائب عز الدين القسام”، وسبق أن نفذ عشرات العملية ضد الكيان الصهيوني، أسفرت عن مقتل وجرح المئات.

وترفض حماس، مفاوضات السلام التي تجريها منظمة التحرير الفلسطينية، بزعامة حركة فتح، مع الكيان الصهيوني، حيث عارضت اتفاقية أوسلو للسلام، التي توصلت إليها المنظمة مع الكيان الصهيوني عام 1993.

وأدى اختلاف التوجهات السياسية، بين حركتي حماس، وفتح، التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إلى نشوء صراع طويل بين الحركتين.

وتفاقم الصراع، عقب فوز حركة حماس بغالبية مقاعد المجلس التشريعي في يناير/كانون ثان 2006، وفي يونيو/حزيران 2007 وقعت اشتباكات مسلحة بين عناصر الحركتين، انتهت بسيطرة حركة حماس على قطاع غزة.

وعقب قرابة 7 سنوات من الانقسام، وقعت الحركتان في 23 أبريل/ نيسان الماضي، على اتفاق، يقضي بإنهاء الانقسام الفلسطيني وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني بشكل متزامن.