الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

متابعة الحدث| 5 عمليات جراحية بعد نسيان شاش طبي داخل جسد الأم تميمي

2018-01-11 03:13:07 PM
متابعة الحدث| 5 عمليات جراحية بعد نسيان شاش طبي داخل جسد الأم تميمي
مستشفى رام الله (تصوير:الحدث)

 

الحدث- ريم أبو لبن

 

"لقد أجريت للمريضة عملية جراحية عام 2008 بسبب جسم غريب قد وجد داخل بطنها وبعد إجراء الفحوصات تبين بأنه شاش طبي وجد بسبب عملية كانت قد أجريت عام 2007". هذا ما جاء به التقرير الطبي الأولي الصادر عن قسم إدارة المستشفيات مجمع فلسطين الطبي والذي يؤكد جملة وتفصيلاَ حدوث خطأ طبي بنسيان (الشاش الطبي) في جوف المواطنة نهيلة تميمي (50)عاماَ.

 

 

 

بحسب التقرير فإن تميمي كانت قد خضعت لعملية جراحية نتيجة حدوث (حمل خارج الرحم) مما تسبب بنزيف داخلي شديد،وبهذا فقد عمد الأطباء على استئصال جزء من الأمعاء الغليظة لديها وعمل فتحة مؤقتة على جدار بطنها بهدف (الإخراج)، وبعد شهرين من ذلك تم تسكير هذه الفتحة وتوصيل الأمعاء مرة أخرى.

 

مسلسل العمليات لم ينتهي بعد، في عام 2015 خضعت تميمي لعملية جراحية (مبرمجة) بحسب الوصف الطبي لترميم (فتق) أي عطب قد أصاب جدار البطن لديها وتم ذلك باستخدام الرقعة.

 

أما في شهر تشرين ثاني / نوفمبر من 2017، ترجلت تميمي عن سريرها بعد أن أثقلت العمليات المتتالية جسدها لتتوجه إلى مجمع فلسطين الطبي وهي محملة بأعراض (تسكير معوي) سببه حدوث فتق متكرر في جدار البطن، وبهذا فقد خضعت لعملية طارئة لترميم ذاك الفتق وإزالة (التسكير المعوي)، وبحسب التقرير الطبي فإنه لم تستخدم الرقعة في العملية بسبب وجود التهابات وتكيسات للسوائل في جدار البطن.

 

أوضح التقرير: "المريضة هي أكثر عرضة لتكرار حدوث الفتق في جدار البطن لديها، بفعل العمل المجهد ورفع الأوزان الثقيلة".

 

 

باب العمليات قد فتح ...

"في اكتوبر من عام 2007 شعرت بالتعب فتوجهت إلى مجمع فلسطين الطبي وتبين بأن الحمل قد جاء خارج الرحم (الماسورة) وبهذا فقد حدث نزيف داخلي وانفجرت (الماسورة) فخضعت لعملية أولى وفيها فقدت المولود وتم ازالة المبيض .. يعني نجحت العملية".

 

أضافت : "بعد إجراء العملية شعرت بتراجع صحي متزايد عن ذي قبل، ولم تجرى لي فحوصات سوى فحوصات للبول وكان الأطباء يقولون بأن الأمر يقتصر على جود التهابات في البول وأحقن بالمسكنات دون أي تحسن يذكر".

 

هي جولة للتخديرعلى حد وصف تميمي. وماذا حدث بعد؟ قالت تميمي :"ينتهي فعل المخدر بعد بضع ساعات من تناوله وأعاود النهوض مجدداَ وبحالة غير طبيعية".

 

قد يكون وقع تلك التفاصيل مؤلم وتذكرها الآن أشد قساوة من قبل، إلا أن تميمي قد أوصدت الأبواب أمام هروب مشاعرها ولكنها لم تفلح بتخبئة دموعها، وأكملت وبنفس متقطع: "بعد ذلك وبتاريخ 23/6، توجهت إلى طبيبة خاصة وأجرت لي الفحوصات والصور اللازمة وقالت لي بنبرة شك : ( هناك شيء ظاهر في منطقة الصرة .. لا أعلم ما هو)".

 

نبرة الشك تلك لم تغفلها تميمي، لتعاود التقاط 150 صورة لجسدها في مركز رشيد وعبر موجات فوق صوتية Ultrasound)) و بدعوى تبيان ما نسي في جسدها بعد العملية الجراحية.

 

قالت تميمي : " بعد أن التقطت الصور لي، حاولت النهوض عن السرير لارتدي ملابسي وإذا بي فجأة أقع أرضا، حيث كنت حينها أشعر بالتعب وتظهر علي أعراض لا أعرف سببها، ولم أعلم بعد بوجود جسم غريب في جسدي".

 

"هم ناسين شي جواتي"

بعد أن استعادت تميمي صحتها قليلاَ، توجهت إلى مجمع فلسطين الطبي لتلقي العلاج لحالتها المتعبة جداَ، وعند التسجيل لدى العيادات الخارجية للمستشفى كما العادة، قالت تميمي : " رغم تعبي الشديد، اعطيت موعداَ للمراجعة وبتاريخ 9/7/2007 .. مزقت الورقة كيف سأنتظر طوال هذه المدة ..أشعر بأني سأموت".

 

ذاك الوجع قد أفقدها السيطرة، وبدأت بمحاولات متتالية علها قد تحصل على علاج في تلك اللحظة، حينها قال لها أحد الأطباء : "اصعدي إلى الطوارئ النسائية ...قد تجدين علاجك هناك".

 

فتحت الأبواب، ومن أجرى لها العملية الأولى ونسي الشاش الطبي كان في استقبالها مصادفة، غير أنه في البداية لم يتذكر العملية أو حتى ملامح  المريضة تميمي بحسب ما ذكرت لـ"الحدث".

 

وبالعودة للحظة المصادفة تلك، قالت تميمي وهي تبكي: " قدمت له صور الأشعة، وعندما شاهدها تغير لون وجهه وتعلثم في الكلام، ووجه سؤالا لي : من أجرى لك العملية؟ قلت له : أنت ...وحينها تذكر بأنه أجرى لي عملية جراحية الساعة 12 ليلاَ".

 

هو تذكر ساعة العملية وتلك الملامح المتعبة، ولم يتذكر بأنه نسي (الشاش الطبي) داخل جوف الأم بعد إنتهاء العملية، مما تسبب هذا بخضوع جسدها ومجبراَ 5 عمليات، نجم عنها صعوبة في الحركة وانقطاع عن العمل، حيث كانت تعمل وعلى مدار 13 عاماَ كمراسلة في المعهد الوطني للتدريب التربوي التابع لوزارة التربية والتعليم، فهي من تعيل عائلتها المكون من زوجها وبنائها الخمسة.

 

"هم ناسين شي جواتي ..أنا متأكدة ". هذا ما قالته تميمي لزوجها بالتزامن مع مشاورات كانت دائرة في أحدى غرف المستشفى و ما بين الطبيب الذي أجرى العملية ومجموعة من الأطباء الآخرين.

 

في الانتظار، عمدت تميمي على رصد الاحتمالات الكثيرة حتى أنها اعتقدت بأنها مصابة بمرض السرطان، إلا أن الطبيب وبعد اطلاعه على الصور قال لزوجها منفرداَ : "هناك شاش طبي موجودة بجانب الصرة، وعلينا إجراء عملية لزوجتك لإزالة الشاش، ومدة هذه العملية نصف ساعة ليس أكثر".

 

إذا بعد مرور تسعة أشهر من عمر العملية تعرفت تميمي على ذاك الجسم الغريب الذي يرقد داخل جسدها ويسبب لها أوجاعاَ كبيرة، ويفقدها همتها في أداء واجباتها اليومية.

 

قالت تميمي : "7 ساعات وأنا داخل غرفة العمليات، ولم تستغرق نصف ساعة كما قال الأطباء وذلك لكون الشاش المنسي قد التف حول القولون وعليه تم اجراء فتحة جانبية".

 

أضافت : "بعد مضي أيام على العملية، شعرت بتعب شديد حتى أنني لم أستطع صعود درج العمل، وترهلت منطقة البطن لدي وأصبحت ترتطم بقدمي ...وضعي الصحي غير طبيعي".

 

بنظرة ملؤها التعب والارهاق، قالت متلعثمة : "في ليلة قاسية وتحديدا في شهر تموز/ يوليو لعام 2015  كنت أشعر بوجع لا يوصف وكدت أموت .. وصرخت حينها لاستنجد بـ ابنتي براءة ... وقلت بأعلى صوتي ( براءة .. سأموت)".

 

أضافت :"وضعت براءة يدها على بطني وصرخت وهي تبكي : شو الي في بطنك يا ماما .. في حجر.. وبعدها توجهنا إلى مستشفى الهلال، وحصلنا على تحويله طبيبة إلى مستشفى رام الله".

 

 

"هذا ما فعتله قطعة شاش بي"

 

لم تتوقف جولات تميمي ما بين مستشفى وآخر علها تحصل على علاج لها، حتى أنها خضعت لعملية رابعة وهي ليست الآخيرة...

 

قالت تميمي : "حصلنا على التحويلة وتوجهنا إلى الهلال، وجوبهت بالمماطلات لتحديد موعد العملية، في البداية حددت بـتاريخ (14/10/2015)، ولكن كيف سأتحمل الوضع طوال هذه الأشهر.".

 

ولم تكن المسكنات التي تتناولها هي المنفذ للتخلص من الألم والذي يزورها كل ليلة وهي تقول : " يا ربي .. اشفيني".

 

وعند قدوم موعد العملية بحسب تعليمات مستشفى الهلال في رام الله، قال الطبيب لـ تميمي : "عليكي أن تتحملي قليلاَ، .موعد العملية سيؤجل لـ شهر كانون الثاني / يناير من العام القادم"؟

 

قالت : "صرخت .. أريد وزير الصحة ..لا أحد يشعر بهذا الألم، لم أعد استطيع العمل أو المشي ..ارحموني".

 

وبعد مماطلات ونقاش حاد مع الطبيب، حددت العملية الجراحية بتاريخ (1/11/2015) قد أجريت في المستشفى الكويتي وبها إزيل جدار البطن واجريت عملية تجميلة له.

 

قالت تميمي : " كان جدار البطن الداخلي ممزق ولا مجال لترميمه حيث كان يلتزق بالأمعاء، وقد تم وضع شبك داخلي على الأمعاء".

 

العملية الخامسة .. تقاعد مبكر

 

حدث تسكير معوي بسبب فتق متكرر لجدار بطنها، وهي معرضة في أي لحظة لفتق ونزيف آخر، غير أنها أصبحت تخاف من دخول غرفة مدججة بمعدات طبية.

 

قالت تميمي : "أصبح لدي فوبيا المستشفيات، وكأني أتوجه إلى مسلخ".

في عام 2017 تم إجراء عملية طارئة لتميمي وذلك لترميم فتق سابق لجدار البطن، أي  إجراء عملية ترقيع لرقعة داخلية بحسب وصف تميمي.

 

قالت : "الشبكة الداخلية التي وضعت قد مزقت لاسيما وأني تعرضت لتسكير معوي، وكان من المتوقع يتم قص جزء من الأمعاء لالتزاقها بجدار البطن".

 

وبجانب العطب الذي أصاب الشبكة الداخلية لجدار البطن، فقد أصيبت تميمي ونتيجة للخوف الشديد بـ الضغط والسكري، فكيف ستتم العملية في  ظل هذه الظروف الصحية؟

 

قالت تميمي : " أجريت العملية، وتم رقع الرقعة الداخلية، ولكن يمنع علي القيام بأي شيء حتى لا يمزق الجدار في أي لحظة".

 

أضافت : "مضي من عمر العملية 45 يوماَ ومنذ ذلك الوقت وأنا لا أقوى على التحرك أو حمل أي شيء، ولم أستطع الذهاب مجدداَ إلى العمل، وقد افقده بسبب مرضي، فمن سيعيل أسرتي بعد التقاعد المبكر؟"

 

وقالت وهي تبكي : أريد حقي......... هم فعلو بي هذا".

 

 

شكوى لوزير الصحة

وبعد 5 عمليات قد أثقلت جسدها، كتبت نهيلة تميمي مخاطبة وزير الصحة جواد عواد : " سيادة وزير الصحة، أصبحت حياتي في خطر غير أن جسدي لا يتحمل عمليات أخرى، ولا حتى مضادات حيوية، لذا أرجوا من حضرتكم النظر إلى قضيتي بعين المسؤول الذي يرفض أن يقع الظلم على أبناء شعبه ..وشكرا لقبول كتابي".

 

ويذكر أن هذه الشكوى قد قدمتها المريضة تميمي وبتاريخ 10/1/2017، وقد سلمت لمكتب الناطق باسم وزارة الصحة أسامة النجار.

 

فهل سيستجيب الوزير لهذه الشكوى؟ أم أن تميمي ستخضع لعملية سادسة؟