الخميس  28 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

عهد أم إسراء؟

2018-01-13 05:49:20 AM
عهد أم إسراء؟
د. وداد البرغوثي

 

بقلم وداد البرغوثي

 

لماذا عهد التميمي وليست إسراء الجعابيص؟ سؤال يتداوله الكثيرون؟ من يبرر ومن يستنكر.

 

للإجابة على هذا السؤال لا بد من قول حقيقة مفادها إن الإعلام العالمي ركز على عهد التميمي منذ كانت صغيرة لأن هناك من يريد رفع شأن ما يسمى بالمقاومة السلمية ونماذجها النبي صالح وبلعين ونعلين وغيرها على حساب أشكال المقاومة الأخرى.

 

وكما برزت عهد التميمي الطفلة الجربئة بالمقابل برز الجندي الصهيوني رجلا مسالما يتلقى الصفعة ولا يرد عليها.

 

صنعت المقاومة السلمية نماذج احتلال " لطيف"و"إنساني" ومن يشاهد فيلم "خمس كاميرات مكسورة" الذي فاز بجائزة عالمية في السينما يرى كم هذا الفيلم يدغدغ مشاعر أنصار وحلفاء إسرائيل في العالم وهو يسلط الضوء على أناس من بلعين ذاهبين لزراعة الأشتال يسير معهم جنود الاحتلال جنبا إلى جنب ويتحدثون معهم وكأنهم زملاء عمل أو دراسة.

 

بعد سبعين عاما من الاحتلال حقق الصهاينة سمعة لم يحلموا بها حتى في أجمل أحلامهم.

 

هذا من ناحية، من ناحية أخرى فإن كم المتضامنين الأجانب والإسرائيليين في قرى الجدار لم يكن مسبوقا.

 

وتوهم البعض أنه تضامن خالص مخلص لوجه الله والشعب الفلسطيني. واسمحوا لي هنا أن أضع كلمة "المتضامنين بين مزدوجنن فتحوا مجالا حيويا للاختراق الثقافي والأمني وغيره من أنواع الاختراق الذي لم ينتبه لها البعض وتغاضى عنها البعض الآخر."

 

قد يقول قائل ممن لم يعجبهم كلامي إنني أشكك بوجود شرفاء ومتضامنين ومتعاطفين معنا في العالم. لهؤلاء أقول إن الشرفاء كثر. لكن الاحتلال لا يتحمل وجود متضامنين حقيقيين وخير مثال على ذلك المتضامنة الأمريكية الشهيدة راشيل كوري التي سحقوا جسدها الغض تحت جنازير جرافاتهم. فكيف اتسع صدرهم للمتضامنين في مواجهة الجدار؟

 

الطفلة الصغيرة الجميلة الجريئة عهد التميمي أخذت كل هذا الصدى بسبب الإعلام. ما فعلته يشبه ما يفعله الأطفال الفلسطينيون كل يوم ولا يرقى لما فعله فارس عودة وما يفعله العشرات والمئات والآلاف من الأطفال الذين لا يسمع بهم أحد.

 

هناك أناس بفعل الإعلام يتحولون إلى أيقونات وهناك أناس لا يسمع بهم أحد رغم عظم الأدوار التي يقومون بها وألوان العذاب التي صبغت حياتهم.

 

ألم الحروق والجروح والألم النفسي وعذاب السجن وغياب العلاج وغياب الاهتمام لم يحول كل ذلك إسراء الجعابيص إلى أيقونة كما لم تتحول قبلها المناضلة أحلام التميمي بكل تاريخها النضالي الذي حكمت بسببه بالسجن 15 مؤبدا.

 

الاحتلال يقمع كافة أشكال المقاومة ويجرمها وله في تجريمها يد طولى .

 

المقاومة السلمية وحدها لا تهدم جدارا ولا تنهي احتلالا، فكثيرون من دعاتها كفروا بها لأن صيرورة الزمن وصيرورته الواقع أكدت قصور النظر.

 

لهذا إسراء الجعابيص تستحق كل الدعم النفسي والإعلامي.

 

تقصيرنا بحقها لا غفران له .

 

هي أحوج الناس لوقفتنا حتى لو لم نستطع أن نخفف عنها شيئا من ألمها أو حكمها هذا أولا، وثانيا الاهتمام بكل المناضلين والمناضلات ضرورة ليس لهم فقط بل لنا ولقضيتنا.