الحدث- نور أبو عيشة/غزة
مع تحليق الطائرات "الحربية" الإسرائيلية على مستويات منخفضة في سماء قطاع غزة، صباح اليوم الخميس، بدأت الطفلة ريم سكر، ابنة الـ(6) أعوام، بالصراخ وهي تضع يديها الصغيرتين، على أذنيها محاولةً بذلك تناسي سماع أصوات تلك الطائرات، الذي تذكّرها بالحرب الإسرائيلية الأخيرة.
ولم تنجح محاولات والدتها (رانية) في تهدئتها، إذ دخلت ريم بنوبة من البكاء، بالتزامن مع التعبير عن خوفها من بدء الطائرات الإسرائيلية بقصف المنازل بصواريخها، التي وصفتها الطفلة ريم بـ"المرعبة".
وبصوتٍ مرتجف تقول الطفلة ريم لوالدتها: "يا ماما قولي للطيارات (الطائرات)، أن لا تحلّق ثانياً في سماء غزة، نحن لا نريد أن نموت، نريد أن نعيش من غير حرب"، كما ذكرت الوالدة "رانية" لمراسلة "الأناضول" للأنباء.
وبين الفينة والأخرى، تحلّق الطائرات الإسرائيلية الحربية على مستويات منخفضة في سماء قطاع غزة.
وتتابع: "أطفال غزة لا زالوا يعانون من صدمات الحرب، فالأصوات الناتجة عن الطائرات، أو الإنفجارات تدخلهم في نوبات من الصراخ و البكاء، كما تؤثر على حياتهم الصحية إذ تقلّ شهيتهم عن الطعام، فأطفالنا يحلمون بأن يعيشوا بسلام وأمان".
وتوضح الوالدة أنه في اليوم العالمي للطفل يفتقد الطفل الفلسطيني، خاصة الذي يعيش في قطاع غزة، أهم شعور يوفّر للطفل في يومه، وهو "الأمن والسلام".
وفي 20 من شهر نوفمبر/ تشرين ثاني من كل عام، يحتفل الأطفال في كل الدول العربية والأوروبية بيومهم "العالمي"، الذي يوافق تاريخ التوقيع على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل في 20 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1989 من قبل 191 دولة.
ويُشكل الأطفال وفق إحصائيات مركز الإحصاء الفلسطيني نسبة 60 % من سكان قطاع غزة، يعاني أكثر من نصفهم بحسب إحصاءات حقوقيـة أمراضاً نفسية متعددة منها الخوف الشديد وأعراض الصدمة النفسية والعصبية جراء القصف الإسرائيلي المتواصل على مدينتهـم.
وفي السياق ذاته، وقف الطفل محمد رضوان (13 عاماً)، أمام سبورةٍ قاتمة اللون، يحاول جاهداً أن يرسم أكثر ما يشغل ذهنه، بناء على طلب من مختصّ في الشأن النفسي، فما إن مسك "الطبشورة"، حتى بدأ برسم مربعات ومكعبات بخطوط متعرّجة، لينهي رسمته بـ"كومة" من الحجارة.
ويشير الطفل محمد بـ"سبابته" نحو كومة الحجارة، التي رسمها على سبورة المدرسة، قائلاً: "هذا هو المنزل الذي حرمتنا منه الطائرات الحربية بعد أن قصفته بثلاثة صواريخ، تحول على إثرها لكومة من الحجارة".
ولا يزال (محمد) يستذكر منزلهم وغرفة نومه التي كانت تشعره بـ"الكثير من الأمان والدفء"، متابعاً: "بقصف المنزل، فقدنا أهم أساسيات الحياة، وهو الشعور بالأمان، فاليوم نعيش في منزل بالأجار، بالكاد نوفّر أجرته، ذلك الشيء يفقدنا الشعور بالحياة".
ويقول (محمد) إنه لا يسمع عن يوم الطفل العالمي إلا في الإذاعة المدرسية أو في الكتب، مشيراً إلى أن أكثر شيء افتقدته في غزة خلال أعوام حياته هو "الطفولة"، متسائلاً:" بماذا تصفون طفلاً فقد السلام والأمان؟".
وخلال الحرب التي شنّتها إسرائيل في السابع من يوليو/ تموز الماضي، لم يمر يوم دون أن يتحول عدد من الأطفال إلى أخبار عاجلة في قصف يحوّل أجسادهم إلى أشلاء، وقطع متفحمّة.
وحذرت رئيسة المكتب الميداني الذي تديره منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" في قطاع غزة، بيرنيل ايرنسايد، في وقت سابقٍ، من مستقبل قاتم ينتظر 400 ألف طفل أصيبوا بصدمة، جراء الحرب الإسرائيلية على غزة".
ويرى مختصّون بالشأن النفسي أن أطفال غزة يحتاجون إلى برامج تعليمية ونفسية وترفيهية مكثفة للعلاج النفسي، وإزالة ما اختزنته عقولهم من صور سوداء خلال (51) يوماً من الحرب.
وتقول الطفلة رنا سالم (14 عاماً):" في اليوم العالمي للطفل، نقول للعالم بأكمله إننا نريد العيش بأمن وسلام بعيدا عن أي حروب تقتل الطفولة بداخلنا، أو تحرمنا من أقل حقوقنا الإنسانية".
وتدعو سالم العالم العربي إلى ضرورة إخضاع أطفال العالم لجلسات توعية وتثقيف لتعريفهم بمعاناة أطفال فلسطين، خاصة في قطاع غزة، والحروب "الثلاثة" التي مرّوا بها خلال (6) سنوات متتاليات.
المصدر: وكالة الأناضول