تعاني الأمة منذ زمن طويل من مكنة داخلية تهدم، مقومات القوة وتحاصر وجود الأطهار فيها، عبر بناء ثقافة تسويغ العلاقة مع الاحتلال بثوب الواجب الوطني.
في أحد السجون الصهيونية، التقيت مجموعة عسكرية فلسطينية تم تنظيمها في الخارج أحد المسؤولين فيها حدث الأسرى الكيفية التي كانوا يلاحقون بها من عناصر أمن عربية، تتنقلهم ملاحقة لهم في العواصم العريبة.
الأمر ذاته حدثني به قيادي فلسطيني وازن أثناء لقاء صحفي، قال كنا في مؤتمر، لدعم القضية الفلسطينية، وإذا بمخابرات دولة شقيقة تأخذ الجناح المقابل لنا، ترصد الحركة وتسجل المكالمات، المفاجأة أن عمال الفندق كانوا مجندين لصالح أمن الدولة المضيفه لنا، إذا كان من واجبهم متابعتنا في كل التفاصيل.
المتابعة الأمنية لم تقف عند حد المعرفة الداخلية للدوله، حتى بات معروفا في العرف العام الدولي أن هناك تنسيقا أمنيا يتم برعاية أمريكية بين الكيان والأردن ومصر وبحسب الاتفاقيات مع السلطة الفلسطينية.
هذا التنسيق كما هو معروف يتعلق بمكنة تفصيلية تتعلق بالمخاطر الأمنية من بينها المقاومة، إذ يمكنك مثلا العبور للاردن وعند استجوابك من قبل أمنه تسمع تفصيلا دقيقا مشابها لما هو عند الاحتلال عن قضيتك وتهمتك، وذات الأسئلة التي تم استجوابك عليها.
هذا الحديث ينطبق أيضا للاسف على الفلسطيني قبل اعلان وقف التنسيق الأمني إن طبق على الأرض.
إذ كانت لي تجربة شخصية، تم اعتقالنا أربعة شبان عام 1999 ثلاثة لدى الأمن الفلسطيني، وواحد لدى الاحتلال بحجة الاشتباه بعلاقة وطنية، التحقيق لدى الاحتلال، كان ذاته لدى الأمن الفلسطيني، وذات القضية المزعومة كانت مدار تحقيق من قبل الجانبين.
هذه ليست القضية الأولى ولا الأخيرة، وعشرات القصص بل المئات منها كانت حاضرة من خلال المشاهدة أو الاطلاع على تفاصيل بحكم التزامن في الاعتقال أو يتحدث به الناس على الأرض.
أذكر في حواري مع أحد ضباط الأمن وكان في جولة تحقيق، جاء مبتسما، ريماوي استطعنا اليوم الوصول الى خلية ضخمة في رام الله، يشرف عليها فلان، وبحوزتها أسلحة ومعدات متطوره.
سألته أمانه أن تجيبني صادقا، هل كانت المجموعة تهدد أمن السلطة، وكانت تخطط لتنفيذ عمليات ضدها، قال لا ... قلت الم تكن يوما أنت ناشطا ومقاوما، كيف تمارس مالا تقتنع به .... سمط، وغادر المكتب ولم أره سوى بعد أسبوعين.
أصدقاء لي كثر في الأمن التقيتهم في السجون، وتربطني بهم علاقات مجتمعيه، و الكثير من هو خير مني.
لكن النقاش الوطني الان بعد قرار المجلس المركزي، بات مهما حول الدور، إن كنت تمارس عملا لا يرتبط، بملاحقة الجريمة، العملاء، والدعارة المنظمة، المخدرات، وتكليفك الأصلي هو متابعة النشطاء من الفصائل الفلسطينية.
أحزنني جدا، أن شاهدت قبل أيام عنصرا أمنيا يقوم بتصوير شبان في مظاهرة مناصرة للقدس بالفيديو، ثم متابعة من يوزعون الأعلام، وسألت نفسي ما هدف ذلك؟ هل هذا يحفظ أمن الفلسطيني؟ يوفر الحماية له؟ يصنع مستقبلا للفلسطيني؟
اليقين لا، لكن ما الحكمة من ذلك؟ وما الذي يمكن تحقيقه ولمن المعلومة سيتم توجيهها؟
الاحتلال في كل مناسبة وحدث على الأرض، يقول لقد وصلنا للمجموعة كذا، وللخلية كذا، وللمنفذ فلان بفضل التنسيق الأمني.
هل هذا صيح ؟ أنا شخصيا لا اسمح لنفسي التفكير في ذلك، لأن من نعرفهم من الاخوة والإصدقاء في الأمن لا يفعلونها، لأنهم مثلنا وطنية ويعيشون مثلنا تحت الاحتلال، وعايشوا القهر، وهم تواقون للانعتاق من الاحتلال.
هذه القضية التي يؤمن بها الشعب الفلسطيني، لكن هناك سلوك لا يفهم، من قبل الأمن ويحتاج من اهل الأمن تصويبه.
متابعة الشرفاء ورصدهم، ملاحقة النشطاء واستجوابهم، رصد الحالة الفلسطينية في الشق الايجابي منها.
لماذا؟
الحالة الفلسطينية بكليتها أمام تحولات خطيرة لصالح الاحتلال، تحتاج هذه الحالة للفلسطيني جميعه، مواجهة المشاريع الخطيرة، لذلك كل مجتهد خارج النص، سيصيبنا بالهلاك، وسيدعم توجه عدوه.
إخواني في الأمن العربي، يسعكم حفظ أوطانكم من الاختراق، والعبث، والتخريب والجريمة...... وفي فلسطين مساحة مكافحة الاختراق والتخريب، هي عقيدتكم الواجبة.
الم تكونوا يوما في الفهد الأسود، والنسر والنجم، حين كنتم السد المنيع للحرب على العملاء، ومساندة الضعفاء.
أعلم أن نتاج أوسلو فرضت عليكم منهجا يحكمكم، لكن أعلنت المؤسسة الفلسطينية اليوم انتهاء العهد الماضي، المطلوب منكم ترتيب الأولويات بما يتفق مع طهركم الذي نعهدكم عليه.
الاحتلال يوجه كل يوم لكم الاهانة، ويحاول التشويه ليسلخكم عنا، والأصل أن الحالة الفلسطينية تراكم عزوتها، الأمر الذي يتطلب منكم تعزيز الثقة في هذه المرحلة الحساسة بكم.
من يتابع الاعلام العبري يجد تصريحات عن مرحلة دايتون وصناعة الأمن على العين الصهيونية، ويسمع تصريحات ضباط الأمن الصهوني عن التنسيق الأمني وأهميته للكيان، ويشاهد الصور المسربة من قبل اعلام الاحتلال قصدا للقاءات معهم" للقول للفلسطيني، هناك منكم من نلتقي معهم، ونرتب معهم، وهم يقبلون ما نفعله بكم".
في الزمن الجميل عرفنا منكم أبو جندل، وأبو العوض، والشاويش، وعريبي، وشباب ال 17، والوطني، وغيرهم كانوا من الرواية الوطنية الجميلة ولا أظنهم سيغادرون.
لا يفهم مني طلب بتحويل اجهزتكم قوات مقاومة، تقديري المقاومة لها أهلها ومكنتها المرتبطة بالفصائل الفلسطينية، لكن المطلوب منكم القيام بواجب حماية السلم المجتمعي و تحصين المجتمع الفلسطيني.
وكذلك الواقع مع الأمن العربي، إن فعلتم ذلك، ستتصدرون واجهة المحبة، والحضور وتستطيعون ذلك.
تجربتي الشخصية واسعة في العلاقة مع الأمن، سواء بقطع الراتب، الاعتقال، وغيرها، لكن هذا لا يعني الأمنية بالخير للناس.
رب احفظ وطنا واحرس شبابا فيه، يسعون للانعتاق من الضعف والخيبة.