كلمة " أمة" في اللغة العربية مشتقة من كلمة "أم"، وهذا ما يوضح عامل وحدة الأصل أو ما يقوم مقامها في الأمة، وفي هذا يقول إبن خلدون: "يترتب على نسب الولاء كل ما يترتب على نسب الرحم ". وإذا أردنا اعطاء تعريف للأمة فإننا نرى أن أفضل تعريف لها هو التالي:"هي جماعة طبيعية من البشر قادتهم الأرض والأصل والعادات واللغة الى وحدة في نمط الحياة والوعي الاجتماعي".
فمن التعريف يتبين لنا أنه من أصل العناصر الثلاثة التي تشكل الدولة لا يتوفر في الأمة إلا عنصر واحد وهو عنصر السكان، وأما العنصران الاخران – وهما الاقليم والسيادة – فلا يتوفران في الأمة دوماً، لهذا لا يمكن للأمة أن تصبح " دولة " إلا إذا وجدت لها إقليماً خاصاً بها وأقامت فوق هذا الاقليم سلطتها الوطنية المستقلة .
وإذا كانت " النظرية القومية " قد سادت بعد الثورة طيلة القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وإذا كان الاساس في هذه النظرية ينص على أن يكون لكل أمة دولة، فإن الواقع الدولي لا يزال حتى الآن مخالفاً لمعطيات هذا المبدأ، حيث أننا نجد اليوم أربعة أنواع من الأمم في العالم وهي:
ومن هذا العرض يتبين لنا أن مفهومي " الدولة " و " الأمة " ليسا متطابقين ولا مترادفين إلا في حالة واحدة هي حالة الأمة – الدولة التي ينادي بها المبدأ القومي، وأما في الحالات الأخرى فيختلف المفهومان اختلافاً بيناً. وإذا كان من المستحسن أن يكون لكل أمة دولتها الوطنية الخاصة بها لإننا نكون بهذا قد حققنا مبدأ أساسياً من مبادىء القانون الدولي المعاصر، وهو مبدأ (حق الشعوب في تقرير مصيرها) فإن الواقع لا يزال على غير هذا الشكل المثالي، وطالما بقي الواقع مغايراً تبقى الحاجة للتمييز بين مفهومي "الدولة والأمة" .
وهذا التمييز يستتبع بالتالي التمييز بين مفاهيم أخرى فرعية كالتمييز بين "الأمة" و"الشعب" من جهة، وبين "القومية" و "الجنسية" من جهة ثانية، وبين "القومية" و"الوطنية" من جهة ثالثة، وهي مفاهيم تتحد في حالة " الدولة – الأمة " وتختلف في الحالات الأخرى.