وداد البرغوثي
بعض عناصر المعارضات العربية أمرهم غريب. تحاول أن تحترمها ولما تبحث عن مسوغات لهذا الاحترام لا تجد. وإذا وجدت هذه المسوغات في فترة ما فإنك سرعان ما تفقدها. ما يدعو لهذا الكلام والذي يشبه المغالطات إلى حد كبير، أنك لا تستطيع أن تفهم هذه العناصر تعارض من؟ ولماذا تعارض؟ومن أجل ماذا تعارض؟.
تلتقي شخصيا أو ترى عبر الإعلام العديد من عناصر المعارضة العراقية فيقولون إنهم خرجوا من العراق لأنهم يعارضون الدكتاتور صدام حسين. تقول: هذا حقهموتحترم جرأتهم، فتتفاجئ حين تجد شاعرا منهم يقول القصائد التي يمدح فيها دكتاتورا أخرا، يثير الغرابة أن تجد مغنيا أو مسرحيا يعد مسرحية أو أغنية في الاحتفال بعيد ميلاد دكتاتور آخر في بلد آخر، نجد معارضا يصطف في خندق المعارضة نصرة للحريات ويغادر وطنه بدعوى أن الوطن لم يعد يتسع له وللدكتاتور معا، وإذ به يرتمي في رمال أشد الدول ضيقا بالحريات. وقد يلجأ آخرون في دفاعهم عن الحريات والتنظير لها إلى دولة احتلت بلادهم عشرات السنين، وقد رأينا منهم من عاد إلى العراق أو إلى ليبيا ومنهم من عاد على متن دبابة أمريكية ومنهم من مازال الحلم يراودهأن يعود إلى سوريا رغم تأكدهم من فشل مشروعهم الانقلابي التدميري.
واضح أن أمثال هؤلاء المعارضين لا يعارضون من أجل خير وطن أو أمة، بل من أجل مصلحة شخصية أو من أجل خلاص فردي. "أنجو بنفسي أو أنجو وأهلي ومن بعدي الطوفان".
بعض هؤلاء المعارضين عاشوا في بلدهم ومدحوا المقامات العليا وهم موقنون أن قادة بلدهم أقوياء وأنهم يشكلون لهم الحامي والسند فلما خرج من يدعو للتظاهر بحثا عن "الربيع " الذي روج له أعداء الوطن حتى تحولوا إلى سحيجة ضد من "سحجوا له" قبل وقت قليل.
العجب ليس في المستعدين دائما لأن يصيروا مطايا لمن يدفع لهم ثمن السرج لا أكثر ولا أقل. العجب فيمن يدفعون لهم ثمن السرج بدعوى أنهم دعاة حقوق إنسان فهؤلاء احتاجوا لمطايا ووجدوا. ولكن العجب فيمن يصدق المطايا، المستعد أن يقدم الظهر واللجام والكرباح لمن يمتطيه.