السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

متابعة الحدث| 308 آلاف لاجئ فلسطيني مفقود في لبنان

2018-01-23 02:28:36 PM
متابعة الحدث| 308 آلاف لاجئ فلسطيني مفقود في لبنان
طفلة فلسطينية لاجئة (أرشيف الصفحة الرسمية للأونروا)

 

الحدث- محمد غفري

 

بشكل مفاجئ خالف التوقعات والأرقام الإحصائية السابقة كافة، كشف الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني نهاية عام 2017، أنَّ عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يبلغ 174422 لاجئًا، يعيشون في 12 مخيمًا فلسطينيًّا، و156 تجمعًا في لبنان.

 

في المقابل، تقول وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، عبر موقعها الإلكتروني الرسمي: إنَّ هناك أكثر من 483000 لاجئ  فلسطيني مسجل لديها في لبنان.

 

التعداد الذي نفذه مؤخرًا كل من جهازي الإحصاء اللبناني والفلسطيني، برعاية لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني وبالتنسيق والتعاون مع سفارة فلسطين في بيروت، أظهر أرقامًا أقل بنحو 308578 لاجئًا من أرقام تعداد "الأونروا"، وهو ما يثير العديد من علامات الاستفهام، حول مدى دقة الأرقام التي خرجت بها ولأول مرة الجهات الرسمية الفلسطينية واللبنانية، ومدى انعكاس هذه النتائج على واقع اللاجئين هناك.

 

رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري أكد في كلمة له خلال مؤتمر الإعلان الرسمي عن نتائج الإحصاء في العاصمة اللبنانية بيروت، شهر كانون الأول الماضي، أنه "مع إنجاز هذا التعداد أصبح عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان واضحًا اليوم".

 

 

وشكك الحريري في الأرقام السابقة، عندما قال: "كان البعض يتحدث عن رقم 500 ألف أو 600 ألف أو 400 ألف، كان هناك كلام يهوِّل فيه بعضنا على بعض، وكنا نسمع أرقامًا تستخدم في التجاذبات".

 

أما رئيسة الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني علا عوض فتمنت خلال كلمتها، أن تشكل نتائج التعداد فرصةً حقيقيةً لتغيير الواقع الذي يعيشه اللاجئون الفلسطينيون في لبنان على كل الصعد ووضع المجتمع الدولي في صورة معاناتهم المستندة إلى الحقائق والأرقام التي نتجت عن هذا التعداد.

 

التعداد لم يشمل الفلسطينيين كافة

في الوقت الذي تتحدث فيه الأوساط الرسمية عن أرقام باتت، حسب تعبيراتهم، حقيقة وأقرب ما يكون إلى الدقة، قال المتحدث الرسمي باسم الأونروا سامي مشعشع: إنَّ الإحصاء الذي تم بالمشاركة بين الحكومة اللبنانية ومركز الإحصاء الفلسطيني، لم يشمل اللاجئين الفلسطينيين كافة في لبنان، وفقط تم للاجئين الفلسطينيين الذين يوجدون في المخيمات الفلسطينية المعترف بها، وأيضًا في بعض التجمعات المعروفة، ولهذا السبب يوجد تباين بين أرقام الأونروا وأرقام هذا الإحصاء.

 

من الموقع الرسمي للأونروا

 

وأوضح مشعشع في لقاء خاص مع (الحدث)، أنَّ الأونروا تستند في تعدادها للاجئين الفلسطينيين على باحثيها الاجتماعيين الذين يقيّمون الاحتياجات، ويقدرون عدد اللاجئين الفلسطينيين، وأيضًا عندما يتقدم لاجئ فلسطيني هو وأولاده وأسرته لتحديث بياناتهم، وهذا كله يعطي الوكالة القدرة على تلمس الأعداد.

 

وأكد مشعشع، أنه عندما تنظر إلى الميزانيات التي ترصدها الوكالة لتقديم الخدمات، تتشكل لك الصورة إلى أبعد من 170 ألف لاجئ، كما هو الحال مع خدمات الصحة والتعليم.

 

رئيس الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني علا عوض، أكدت بدورها أنَّ التعداد لم يشمل الفلسطينيين في لبنان كافة، وإنما شمل كل المخيمات الفلسطينية في لبنان، البالغ عددها 12 مخيمًا، بالإضافة إلى 156 تجمعًا محاذيًا للمخيمات.

 

 

وقالت عوض لـ(الحدث)، إنَّ التعداد لم يشمل جميع الفلسطينيين؛ لأنه إذا أردنا إجراء إحصاء كامل، يجب على اللبنانيين إجراء إحصاء سكاني، ومن خلاله نكون قادرين على شمل جميع الفلسطينيين في لبنان.

 

وحول الفجوة بين أرقام الأونروا والإحصاء الرسمي، أوضحت عوض أنَّ هناك فرقًا بين تعداد الإحصاء وبين سجلات الأونروا. سجلات الأونروا تعتمد على وثيقة يحملها اللاجئ الفلسطيني بغض النظر عن وجوده أو عدم وجوده على الأرض، أما التعداد فهو تعداد فعليّ على الأرض، ومن لم يكن موجودًا لم يعد.

 

رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني د. حسن منيمنة في لقاء خاص مع (الحدث)، أكد دقة أرقام الإحصاء: "نحن قمنا بتعداد حقيقي وفعلي قامت به مؤسستان رسميتان، ونحن واثقون أنَّ هذا هو العدد الفعلي للفلسطينيين في لبنان".

 

إذاً، منيمنة بلجنته، التي يعدّ أحد أضلع القائمين على نتائج الإحصاء الأخير حسم أنَّ عدد اللاجئين في لبنان نحو 174 ألفًا، مضيفًا "التعداد شمل اللاجئين الفلسطينيين كافة في المخيمات والتجمعات المحاذية للمخيمات والتجمعات البعيدة، والذين لم يشملهم التعداد هم فقط العائلات المنفردة والمنتشرة هنا أو هناك في لبنان، لأنّ هؤلاء لا يمكن إحصاؤهم، إلا إذا قمت بإحصاء وطني شامل لكل المقيمين في لبنان على الأرض، سواء كانوا لبنانيين وغير لبنانيين".

 

وأكد أبضًا، أنَّ هذا الرقم يمثل كل مجموع الفلسطينيين المقيمين حاليًّا في لبنان، ما عدا بعض العائلات، وهم بتقديره الشخصي لا يتجاوزون المئات من الأشخاص.

 

 

ولكن هناك فجوة كبيرة بين رقمي الإحصاء والأونروا؟

بالإجابة على ذلك، قالت علا عوض: إنّ التعداد في المخيمات والتجمعات كان أقل من سجلات الأونروا، لأنّ هناك هجرة للاجئين الفلسطينيين من المخيمات، إما هجرة داخلية، أو هجرة خارجية، وذلك يرجع إلى الظروف الصعبة التي يعاني منها اللاجئون في لبنان والتي تعدّ الأصعب بين أماكن وجود اللاجئين كافة.

 

وأضافت عوض، أنَّ التعداد قدم رقمًا حقيقيًّا بنسبة كبيرة لعدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ولكنْ هناك عدد كبير من الفلسطينيين انخرطوا في المجتمع اللبناني لم يستطيعوا الوصول إليهم، وإنما وصلوا للأغلب.

 

الوزير اللبناني السابق د. حسن منيمنة علق بدوره أنَّ "السجلات لا تعكس حقيقة من تبقى من الفلسطينيين في لبنان، السجلات تضم اللاجئين الذين جاؤوا إلى لبنان من سنة 1948، ولم يتم شطب لا المتوفين، ولا المهاجرين نهائيًّا أو غير نهائي من لبنان".

 

لكن منيمنة أكد أهمية سجلات الأونروا رغم التشكيك بدقتها "من المهم بقاء هذه السجلات كي نحفظ للاجئين حقهم في العودة، أو حقهم في التعويض في حال تمت في يوم من الأيام تسوية دولية".

 

 

أرقام الإحصاء لم تقتصر فقط على عد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان 174422 لاجئًا فقط، وإنما ذهبت إلى تفصيل هذه الأرقام بأنه يعيش من هؤلاء 78897 لاجئًا داخل المخيمات، 37652 في التجمعات المحاذية للمخيمات، بينما يعيش 57874 في تجمعات أخرى.

 

إذاً، هل تعني الأرقام تخفيفًا مقصودًا لحجم مشكلة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان؟

رئيس الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني علا عوض، قالت: إنّ الإحصاء خرج بأكثر من مؤشر مهم.

 

من هذه المؤشرات -بحسب ما ذكرت عوض لـ(الحدث)- عندما نتحدث عن مشكلة البطالة ظهر لدينا أنَّ نسبة البطالة لدى اللاجئين 18%، من بين 51400 لاجئ من حجم المشاركين في القوى العاملة، وبالتالي يظهر أنَّ اللاجئين لن يشكلوا خوفًا من الإحلال بدل القوى العاملة اللبنانية.

 

مؤشرات أخرى، بحسب عوض، هو قضية البناء والتوسع العمراني في المخيمات، ومنح اللاجئين الفلسطينيين حق التملك في لبنان، والعمل على تحسين ظروف واقع التعيلم.

 

وبالتالي هذه الأرقام -كما أكدت عوض- توفر حقائق للتدخلات سواء للحكومتين اللبنانية والفلسطينية، والمؤسسات الدولية التي تعنى بقضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. 

 

أما المتحدث الرسمي باسم الأونروا فلم يقلل هو الآخر من أهمية الأرقام التي خرج بها الإحصاء عندما قال: "هذا أول إحصاء يتم منذ النكبة لتقييم احتياجات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وبالتالي هذا الإحصاء بحد ذاته والأرقام التي خرج بها، يوفر معطيات للأطراف كافة، ويساعد في إيجاد سياسات تتعامل مع قضايا البطالة والظروف الاقتصادية والصحة...".

 

وأضاف مشعشع، أنَّ الوكالة تطلع إلى لقاءات مع الجهات المختصة في هذا الإحصاء، لتحليل البيانات الإحصائية والنظر في تأثير هذه الأرقام على خدمات الوكالة.

 

كذلك تمنى رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني د. حسن منيمنة أن تساهم هذه الأرقام في تحسين وضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

 

 وقال: إنّ أرقام الإحصاء أظهرت حقائق وجود الفلسطينيين في لبنان، وبالتالي مع هذه الأعداد غير الكبيرة لهذا الوجود، من المفترض أن تساعد على حلحلة الكثير من القضايا، التي يعيشها الفلسطينيون داخل المخيمات وخارجها.

 

هل تتماشى نتائج الإحصاء مع إمكانية إيجاد حلول سياسية لقضية اللاجئين؟

رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري خلال كلمته أكد أنه "ليس هناك أي التباس أو أي نافذة يمكن أن تفتح، لا على التوطين ولا على أي إجراء يناقض حق العودة أو ينزع عن اللاجئين هويتهم، هوية فلسطين".

 

أما علا عوض فأكدت "أنَّ الوجود الفلسطيني في لبنان وغيره من الدول العربية الشقيقة ما هو إلا وجود مؤقت، إلى حين تقرير مصيرهم وعودتهم إلى ديارهم".

 

الوزير اللبناني السابق حسن منيمنة، قال: "التوطين أمر سياسي ويأتي نتيحة تسوية سياسية دولية، قد تقترح بعض الدول توطين لاجئين هنا أو هناك ضمن مسار التسوية، ولكن نحن اللبنانيين لدينا رفض كامل لأي توطين فلسطيني، والفلسطينيون أنفسهم يرفضون التوطين ويطالبون بحق العودة".

 

وأضاف: "إذا كان هناك قرار دولي بالتوطين لا يأخذ بعين الاعتبار العدد، إنما هذا قرار سياسي ينتج عن تسوية سياسية، في حال حدث ذلك في يوم من الأيام".

 

بينما تؤكد الجهات الرسمية الفلسطينية واللبنانية دقة أرقامها مع هامش بسيط للخطأ، وما يرافق ذلك من فخر بنتائج الإحصاء التاريخي الأول، وانعكاسه الإيجابي المفترض على وضع اللاجئين المعيشي، دون المساس بحق العودة، تورد الأونروا عبر قنواتها الرسمية أنَّ عدد اللاجئين المسجلين لديها في لبنان أضعاف ذلك، وهنا نتساءل: أين ذهب 308578 لاجئًا فلسطينيًّا في لبنان؟