الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

هولوكوست أحمد الطيبي

2018-01-29 09:01:37 AM
هولوكوست أحمد الطيبي
رولا سرحان

 

 

يقول محمود درويش: "مصادفة، عاش بعض الرواة وقالوا: لو انتصر الآخرون على الآخرين لكان لتاريخنا البشري عناوين أخرى."

بهذه البساطة، يلخص درويش، سهولة كتابة التاريخ من جهة واحدة، متفقا مع حقيقة أن "التاريخ يكتبه المنتصرون"، وهي الحقيقة العوراء، التي يدافع عنها أحمد الطيبي، في ذكرى الهولوكوست، كل مرة. 

 

في زمن غير بعيد، يصف الإسرائيليون خطاب أحمد الطيبي عن الهولوكوست بأنه معلم تاريخي، وبأنه أفضل خطاب في تاريخ الكنيست. 

اليوم يعود الطيبي ليدلي بدلوه في ظل الأزمة التي تحتد رويدا رويدا بين إسرائيل وبولندا، بسبب قيام الأخيرة، بإعطاء أهل الاختصاص من المؤرخين، أحقية إعادة كتابة التاريخ البولندي فيما يتعلق بالمحرقة، يطالب الطيبي الحكومة البولندية بإلغاء القانون الذي وصفه بالمخجل، مشيرا إلى أن "إعادة كتابة التاريخ لم تكن يوما عملا محقا".

وفي الحقيقة، إن إعادة كتابة التاريخ هي أحوج ما يمكن أن نكون له اليوم، وخاصة التاريخ المضخم للمحرقة، هنالك أحداث تاريخية وقعت، ليس بالإمكان إنكارها، لكن بالإمكان مراجعة حجمها، والمتسببين فيها، والمشاركين فيها، ومعرفة ضحاياها.

 

هنالك حاجة "لمؤرخين" من قبيل أولئك الذين تحدث عنهم ويلز في قصته عن "آلة الزمن"،  التي تمكن صاحبها من التحرك في "المكان والزمان"  كما يشاء، فيكون بإمكان المؤرخ أن يزور المراحل البعيدة من تاريخ العالم ليعود ليقص أسفاره، وما حدث في حقبة تاريخية ما، تماما كما حدثت لا كما يراد لها أن تحدث افتراضيا، بينما هي لم تحدث واقعيا.

إن أبناء الاحتلال ينبشون في الماضي الذي يعيشون فيه ويتطلعون إلى المستقبل ليكونوا فيه، لذلك ينتصرون في الحاضر.

 

اليوم، ترأس بولندا حكومة يمينية متطرفة، تعادي السامية لكنها تناصر إسرائيل. من أبرز صفات هذه الحكومة أنه يسوؤها التذكير يوميا بالدور البولندي في المحرقة،  واشتكى نائب وزير العدل البولندي من أنه لا يمر يوم دون أن تستخدم وسائل الإعلام بطريقة خاطئة عبارة "معسكرات الإبادة البولندية"، مما ينسب جرائم النازي التي ارتكبها الألمان إلى بولندا وإلى الشعب البولندي.

بولندا، تريد أن تتخلص من إرث المحرقة، وهي في طور مراجعة مناهجها المدرسية لتنقيح مشاركة بولندا في المحرقة.

أحمد الطيبي لا يخجل من الدفاع عن اسرائيل في أن يكون لها حق تزوير التاريخ المتعلق بالمحرقة، بينما لا يريد لبولندا أن تدافع عن تاريخها؟ 

 

أنجح الأمم وأقواها هي التي تعمل على إعادة كتابة تاريخها، بشكل علمي نقدي، ومن الشعوب التي قامت بجهد كبير لإعادة قراءة تاريخها، هو الشعب الإسباني بعد وفاة الجنرال فرانكو في إطار تحقيق المصالحة الوطنية والمجتمعية.

أما أضعف الدول فهي تلك التي تعتقد أن التاريخ لها وحدها، وإسرائيل من تلك الدول، التي تجد في أحمد الطيبي ,وآخرين لقمة سائغة لترديد أقوالها، واستخدامهم في إضفاء الشرعية على أفعالها.