تعقيبا على منشور للزميل عصمت منصور حول الترجمة عن العبري وما يتعرض له من انتقادات جاء هذا المقال كمحاولة للمشاركة في هذا الجدل.
أقول: ليس الخطأ أو الصواب في الترجمة أو عدمها، ولكن الخطأ والصواب يكمنان في ماذا نترجم ولماذا نترجم؟ بكلمات أخرى في النوعية والهدف المرجو من وراء هذا.
لا توجد ترجمة بريئة من المقاصد إطلاقا، ولا نتوقع أن تكون بل لا نريد أن تكون هناك ترجمة بريئة من أجل الترجمة.
إن وجدت إما تكون ساذجة ويحتمل أن تخدم العدو قبل أن تخدم الصديق عبر سذاجتها وإما أن تكون معبرة عن قصد قد يكون قصدها وطنيا وأخلاقيا وقد يكون غير ذلك.
وقد كرست صحف فلسطينية يومية منهجا انتقائيا في الترجمة عن صحافة ما يسمى باليسار الإسرائيلي هآرتس مثلا وبالتالي تترجم مقالات ناقدة لحكومة الاحتلال أو مؤيدة بشكل أو بآخر لما تعتبره الحق الفلسطيتي الموزون بميزانها.
وهنا لا يمكن أن تكون هذه الترجمات إلا خادعة أو مراوغة إما تريد أن توصل قناعة المترجم أو مؤسسته بموقف ما، عبر الإتكاء على الترجمة المنتقاة والترويج لها وإما ان توصل فكرة مغلوطة عن الإعلام والمجتمع الصهيونيين إنهما محبان للسلام، وهنا تدخل الترجمة القارئ الفلسطيني والعربي في سرداب طويل ومظلم من التضليل وتوهمهم أن هذه الترجمات تعبر عن المجتمع الإسرائيلي دون أن توضح للقارئ ما إذا كانت هذه الواد المترجمة تعبر عن الجميع أو تمثل أقلية صغيرة عديمة التأثير.
ففي وقت يتجه فيه الإعلام والمجتمع الصهيونيان صعودا نحو الفاشية يتوهم قارئ الترجمات بالديمقراطية " الإسرائيلية". وحين كنت قبل حوالي عشر سنوات أطرح أن ما تقوم به الصحافة الفلسطينية من ترجمات عن الصحف العبرية فيه ما فيه من التضليل كنت أجد من يدافع عن هذه الانتقائية ويصفها بدفعة الأمل للقارئ الفلسطيني.
وبالتالي كان نقدي يبدو غريبا ومتحاملا. ولم يكن هناك من يخطئ (بتشديد الطاء) هذه الترجمة. بل كانوا ينزهونها من المآرب. وحين تختلف نوعية المترجم عن السائد تجد الساكتين على النوع الآخر من الترجمة ينتقدون الترجمة.
الجعبة ملأى بالسهام والأمثلة في هذا الصدد، وسأتركها ربما إلى حين. وأقول الترجمة ضرورة لا بد منها بشرط ألا يغفل المترجم فردا كان أم مؤسسة أن له هدفا يخدم قضيته وجمهوره ووطنه.
ولا أعتقد أن من أمضى عشرين عاما وأكثر من زهرة شبابه في سجون الاحتلال دون أن تهتز خطاه يمكن أن يفوته هذا الهدف