الحدث - جميل ضبابات
لم تمض ساعات قليلة على الهجوم الأولي، حتى نفذ الهجوم الثاني، لكن هذه المرة وصل المهاجمون المقنعون إلى نوافذ غرفة نوم يسرى أبو السعود.
عند أقدام سفح جبل بنيت عليه مستوطنتين جنوب نابلس، يقع منزل أبو السعود، المحاط بسور جميل، وحديقة زرعت بأصناف مختلفة من الأشجار، وفي الحديقة الخلفية زرعت أشجار الزيتون بانتظام.
ومن بين تلك الأشجار، تسلل ليلا المستوطنون، الذين هاجموا المنزل، وحطموا النوافذ، وهو واحد من أكثر الهجمات التي شنت أمس على قرية بورين جنوب نابلس.
لحسن حظ أبو السعود (60 عاما) فإنها لم تكن في المنزل، كانت في زيارة لإحدى بناتها المتزوجات في مدينة نابلس. واقفة إلى جانب واحد من النوافذ التي حطمت "يبدو أنهم كانوا يريدون اختراق الجدران والدخول إلى المنزل لتحطيمه".
ولم يعرف عدد المستوطنين الذي وصلوا إلى منزل أبو السعود ومنازل ثلاثة جيران آخرين لها، لكن شبان ساعدوا في طرد المستوطنين، قالوا إنهم نحو 30 مستوطنا.
وقال سفيان طيراوي، إحدى جيران أبو السعود، إنه سمع صياح المستوطنين وهم يتسللون بين حقول الزيتون، لكنه لم يحص عددهم بالضبط.
"كانوا يرتدون ملابس سوداء ويغطون رؤوسهم، كانوا في حالة حياة"، وبادر طيراوي إلى الاتصال بجيرانه الآخرين وتحذريهم من وصول المستوطنين إلى المنطقة.
وتتعرض قرية بورين المقامة في أرض منخفضة بين جبلين تعلوهما عدة مستوطنات يقطنها مستوطنون راديكالوين إلى هجمات شبه يومية.
ومنذ ساعات صباح أمس، بعيد الإعلان عن قيام فلسطين بتنفيذ عملية في كنيس يهودي، وقتل نحو 5 مستوطنين وإصابة عدد آخر، تصاعدت عمليات الاعتداءات في أكثر من منطقة جنوب وغرب المدينة.
لكن أبو السعود القادمة قبل أسابيع قليلة من مقاطعة مونتريال الكندية، حيث تقيم هناك هي وعائلتها منذ سنوات طويلة لم تتوقع هجوما قاسيا ومفاجئا مثلما حدث.
"كنت في منزل ابنتي عندما اتصل أبنائي من مونتريال وأخبروني أن المنزل يتعرض لهجوم (...) قرءوا ذلك على صفحات الفيس بوك".
وقالت أبو السعود التي حملت صورة قديمة لزواجها منذ عقود كانت مركونة قرب سرير النوم"، ربما كان من الأفضل لو كنت في المنزل. كان يجب أن أدافع عنه".
وحسب أبو السعود التي تحمل الجنسية الكندية فإن أي من الدبلوماسيين الكنديين لم يتصل بها أو يستفسر. وقالت "ربما لا يعلمون أن بيتنا تعرض للهجوم، ربما علي الاتصال بهم لأخبرهم".
وأدت هجمات المستوطنين التي استمرت حتى ساعة متأخرة من ليل أمس إلى أحداث أضرار في منازل قرية بورين وأخرى في بلدة حوارة المجاورة.
وقال مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية غسان دغلس "كانت ليلة صعبة، انتشروا بالمئات في الشوارع (المستوطنين)، كانوا يبحثون عن أي هدف لاصطياده".
وأضاف "نحو 200 منهم على الأقل أحاطوا بقرية بورين فيما كان الجيش يراقب من بعيد ولم يحرك ساكنا". وغالبا ما يتحرك جيش الاحتلال فقط في اللحظة التي يشعر فيها باقتراب الخطر من حدود المنطقة التي يقف فيها المستوطنون.
وقال شبان من قرية بورين إن هجمات المستوطنين استمرت عدة ساعات ولم يتدخل الجيش الذي يقف في أكثر من مكان في المنطقة المحيطة بالقرية.
ومن المتوقع أن يشن المستوطنون خلال الأيام المقبلة سلسلة من الهجمات ضد القرى الفلسطينية في محافظة نابلس، وقد يشنون هجمات في محافظات أخرى.
وقال دغلس "نحن نحذر المواطنين كل ساعة، الأجواء بشكل عام تشير إلى أنهم سيرتكبون اعتداءات في أي وقت، لا يمكن القول إن الهجمات انتهت بطلوع نهار هذا اليوم".
ويستغل المستوطنون الليل للوصول الى اطراف القرى متواريين بأشجار الزيتون.
عندما وصلوا إلى بيت أبو السعود، شوهدوا ينسحبون عبر حقل الزيتون الذي تسللوا من خلاله. وقال دغلس "طالما أنهم يتمتعون بحماية الجيش ويحملون الأسلحة بإمكانهم الدخول والعبور من كل مكان".
وتزيد هجمات المستوطنين على المدنيين الفلسطينيين العزل، واقتحامهم المستمر للمسجد الأقصى من توتر الأوضاع في عموم الضفة الغربية ومدينة القدس.
وتزايد عدد هجماتهم خلال الأيام التي تلت هجمات نفذها شبان فلسطينيون سواء باستخدام أسلحة بيضاء أو سيارات، لكنهم في كثير من المرات التي هاجموا فيها قرى ريف نابلس الجنوبي تركوا وراءهم خرابا كبيرا في الممتلكات والحقول.
وخلال الهجمات التي نفذوها ليلة أمس، قطعوا نحو 20 شجرة زيتون على بعد عشرات الامتار من منزل أبو السعود.