لا أمان في هذا المكان، لا أمام له.
في ظل منظومة أمنية فلسطينية مهترئة، كانت وما زالت تنسق مع الاحتلال منذ السنوات الأولى لإنشاء السلطة الفلسطينية، لن تكون النتيجة إلا ما كانت اليوم، رحيل أحمد نصر جرار شهيدا.
لا أمام لنا ولكم ولهم.
لأننا في وهم يعيش على أمل أن يكون لنا يوما ما دولة، وهم يعيشون على أمل أن تكون لنا دولة، وبين الدولة التي يريدون لنا، وتلك التي نريد لأنفسنا، أخذوا الأرض، وأخذوا معها شابا اسمه أحمد.
لا سلام.
تلك هي الحقيقة الوحيدة التي لم نستطع أن نفهم أن الاحتلال يريد لها أن تعني احتلالا مستمرا، بصيغة لم تختلف أبدا لأننا لم نحصل إلا على مزيد من الشهداء، ومزيد من الأسرى، ومزيد من الأراضي المصادرة، والمزيد من التنكيل بنا، وإهانتنا بقيادتنا السياسية وإهانة قيادتنا السياسية بنا.
الاحتلال لا يفهم.
ولن يفهم أبدا، ولن يفهم قادته السياسيون أنهم هم من قتلوا الحاخام المستوطن على يد أحمد جرار، لأنهم هم من أقاموا له منزلا في مستوطنة مقامة على أرض مصادرة من قرية صبرة في مدينة فلسطينية هي نابلس، وهم من قتلوا المستوطن في مستوطنة أريئيل على يد الشاب عبد الكريم عاصي.
الشابان خرجا من رحم الأرض التي تسرق، ليعيشا في أكذوبة السلام الذي لم يتحقق، كغيرهم آخرين تصطدم آمالهم بأول حاجز عسكري فيعيدها إلى صدورهم، يعيشون في مشهد مشوه تأكله المستوطنات، وينغل فيه الجنود على مفترق الطرق حيث تسقط أحلامهم بين منطقتي (أ) تفصلهما منطقة (ج) فيعودون إلى الوراء من حيث جاؤوا.
لا أمان في هذا المكان، لا أمام له، لأنه مكان احتلال.
لا مكان لأحمد جرار ولا لعبد الكريم عاصي هنا، لأن المكان لا يليق بهما، هي معادلة "الأنا" كاملة الإنسانية والكرامة في مقابل الاحتلال؛ متوازيان لا يلتقيان، لا يتعايشان.