لا شيء جديد
لا شيء جديد في الخارج، الأشجار لازالت تثرثر بصمتٍ حتى لا تزعج حارس الليل...
كان يحتسي قهوة الأرق وهو يستمع لعصفورٍ يغني أغنية الموت.
كان فقيراً ليس لديه سوى كتاب واحد ونصف حكايةٍ تحتضر، ومع ذلك كان سعيداً برفقة الليل والقمر والجنادب.
أما أنا، كان يحاصرني كثير من الكنوز والثريات وسلاسل الذهب تلتف حول رقبتي، فتخنقني كل يوم... لم أكن أريد سوى كتاب واحد ونصف حلم، ولكن سُرق مني على عجل.. ارتديت قناعي المعتاد، ورسمت ابتسامة باهتة، لتخفي بعض خطوط حسرات الروح وغربة المنافي. الجرائد القديمة المنثورة على الطاولة الخشبية لا تحتوي إلا على الأخبار الكئيبة. قهوتي مازالت تسأل عن سكرها المعتاد...
لكنه لن يأتي اليوم، أخبرني أنه سيتأخر، ثم أرسل لي رسالة هاتفية بأنَّ طائرته ستقلع بعد ساعة وعشر ثوان. أحسست بأن قلبي سيقلع من مينائه إلى بحر الشوق ليغرق في أمواج الضياع، هل يعلم بأنني مازلت أنتظره عند شجرة لقائنا الأول..؟
ولكن لا أعرف هل سأقوى على الانتظار؟!.. وهل سيعود وفي يده أزهار الاشتياق؟!...
لا أعرف هذا أيضا!!
كل الذي أعرفه الآن أنني بحاجة إلى شيء من دفء هذا النهار، لأملأ شيئاً من روحي المفرغة من عواصف الانتظار
----------
سألني كيف أكون شاعراً؟؟؟
فقلت: إن أُصبت بحمىّ الشعر...
فلن يكفيك علبة اسبرين واحدة
لتتخلّص من من زكام الوحي والكتابة...
ولكي تصبح شاعراً
عليك أن تغوصٓ في بحور الشعر شهوراًطويلة
ثمّ تطفو وقد امتهنت اصطياد الحروف
لتنسجٓ منها سجادةً شعريةً
لا شرقيةً ولا غربية ...
عليك أن تكون حاوياً
لتروّضٓ ثعابين القصائد ....
كلها حتى يلدغك أحدهم
حتى تُصاب بعدوى الإبداع والشاعرية
عليك أن تكون مسكوناً
بألفٍ من الجنّ والشياطين
لتكتب على ناي الشعر مرةً
وتارة على صهيل وردةٍ جورية
عليك أن تركض في حقول الجنون
عارياً من كل شيئ
إلا من ثوب الخيال
المنقّط بالنمور والبلابل البريّة...
عليك أن تكون جاهزاً لتدخل
لموتكٓ الأخير ...
في أجمل القصائد ...
وعندها سترتدي ثوب الشعر
وسيصافحك مارد الفصاحة
ويعطرّك بالريح والزمهرير ....