الحدث الفلسطيني
1.مقتل مستوطن إسرائيلي: 9 كانون ثاني 2018.
قُتل في ساعات مساء يوم الثلاثاء، الموافق 9/1/2018م، مستوطن إسرائيلي يُدعى رزائيل بن إيلانا (35 عامًا)، بالقرب من البؤرة الاستيطانية "جفعات جلعاد" الواقعة بالقرب من قرية صرة، جنوب مدينة نابلس، في عملية إطلاق نار على سيارته وفقًا لادعاء جيش الاحتلال الإسرائيلي ومصادر إعلامية إسرائيلية.
ومنذ مقتل المستوطن الإسرائيلي، شرعت قوات الاحتلال الإسرائيلي بمصادرة كاميرات المراقبة المنتشرة في موقع الحادثة، وفي مختلف أحياء مدينة نابلس، وعلى امتداد الطرق التي تربط بين نابلس وجنين. وكان توزيع كاميرات المراقبة التي صادرتها قوات الاحتلال في محافظة جنين كالتالي: الكاميرات المنتشرة على مفرق مثلث الشهداء، والمدخل الجنوبي لمدينة جنين، وكاميرات المراقبة المنتشرة في محيط قرية حداد السياحية جنوب شرق مدينة جنين، إضافة إلى مصادرة كاميرات مراقبة من أمام العديد من محطات المحروقات والمنازل والمحلات التجارية في مختلف مفترقات الطرق والشوارع الرابطة بين جنين ونابلس، وفي محيط بلدة قباطية وبلدة اليامون أيضًا، وكذلك كاميرات مراقبة منتشرة على شارع جنين–حيفا غرب مدينة جنين. ويقدّر مجموع أجهزة تسجيل كاميرات المراقبة المصادرة بين 15-20 جهازًا.
1.شن حملة مداهمات وهدم منازل ضد الفلسطينيين في وادي برقين: 17 كانون ثاني 2018.
شرعت قوات الاحتلال الإسرائيلي، حوالي الساعة 11:00 من ليلة يوم الأربعاء الموافق 17/1/2018م، بتنفيذ عملية مداهمات وتفتيش واسعة في مدينة جنين، تحديدًا في منطقة وادي برقين، الواقعة غرب المدينة. استمرت المداهمات الإسرائيلية حوالي عشر ساعات، طالب جنود الاحتلال خلالها أحمد نصر جرار بشكلٍ متكرر بتسليم نفسه، عبر مكبرات الصوت، وانتهت مع حوالي الساعة الثامنة من صباح يوم الخميس الموافق 18/1/2018م.
نجم عن المداهمات الإسرائيلية استشهاد أحمد إسماعيل جرار (31 عامًا) الذي زعمت قوات الاحتلال إطلاقه النار عليها، في تبريرها لقتله، وهو ادعاء لا يُمكن التأكد من صحّته بسبب غياب شهود حول الحدث.
وادعت قوات الاحتلال إصابة عنصرين من عناصر الوحدة الخاصة بسبب إطلاق النار المزعوم باتجاه جنود الاحتلال، كما ادعت سلطات الاحتلال في حينه أن أحمد إسماعيل جرار، الذي لا يزال جثمانه محتجزًا لدى سلطات الاحتلال، هو أحد أفراد الخلية وأن عنصرًا آخر في تلك الخلية قد تم اعتقاله، وهو وقاص حافظ جرار. وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية قد ادعت أن الهدف من المداهمات لوادي برقين هو ملاحقة المنفذين المزعومين لعملية قتل المستوطن الإسرائيلي.
انتهت تلك الهجمة الإسرائيلية حوالي الساعة الثامنة من صباح يوم الخميس الموافق 18/1/2018م دون الوصول إلى أحمد نصر جرار، ونتج عنها، فضلًا عن استشهاد الشاب المذكور، هدم أربعة منازل على النحو التالي:
- منزل نصر خالد إبراهيم جرار المكون من طابقين؛ الطابق الأول لابنه صهيب نصر جرار، والطابق الثاني تقيم به بقية أفراد العائلة، وهم: زوجة نصر جرار وأبناؤها أحمد
نصر جرار (24 عامًا) وجينا نصر جرار (20 عامًا) محمد نصر جرار (15 عامًا)، وختام خليل جرار (47 عامًا). في حين كان صهيب جرار يقيم مع أفراد عائلته في الطابق الثاني وكان يستعد للبحث عن عروس للزواج لاسيما وأن منزله بات جاهزًا وتم تأثيثه. يبلغ مسطح المنزل حوالي 260 مترًا مربعًا لكل طابق، ويحتوي كل طابق على سبع غرف ومطبخ وحمامات وملحقات إضافية.
- منزل علي خالد إبراهيم جرار، يتكون من طابق واحد، ومساحته 160 مترًا مربعًا، ويتكون من خمس غرف ومطبخ وحمامين وملحقات إضافية. يقيم في المنزل ستة أشخاص، وهم: علي خالد جرار (66 عامًا)، وزوجته نسيم أبو الرب، وأولادهما خالد علي جرار (22 عامًا) وشقيقه التوأم واثق علي خالد جرار، ومصطفى خالد جرار (11 عامًا)، وخديجة علي خالد جرار (8 أعوام).
- منزل إسماعيل محمد إبراهيم جرار، يتكون من طابق واحد تبلغ مساحته حوالي 200 مترًا، ويتكوّن من سبع غرف وحمامين ومطبخ وعدة ملحقات. ويقيم في المنزل ستة أشخاص، وهم: إسماعيل محمد إبراهيم جرار (65 عامًا)، وزوجته انشراح توفيق محمد جرار (55 عامًا)، وأبناؤه محمد إسماعيل جرار (34 عامًا)، والشهيد أحمد إسماعيل جرار (31 عامًا)، وبناته فردوس إسماعيل جرار (28 عامًا) ونور إسماعيل جرار (23 عامًا).
وكما يظهر أعلاه، يقيم في تلك المنازل الأربعة 18 شخصًا من بينهم 6 سيدات و3 أطفال، انتقلوا بعد عملية الهدم للإقامة في منازل أقربائهم في محيط منازلهم المهدومة، علمًا بأن قوات الاحتلال هدمت المنازل دون السماح بإخلائها من محتوياتها، ودون تفتيشها من الداخل، ودون وجود ضرورة حربية مما يشير إلى أن عمليات الهدم تمت بهدف العقاب الجماعي والانتقام من السكان.
1.مداهمة حي الزهراء في مدينة جنين: 23 كانون ثاني 2018.
بات أحمد نصر جرار ملاحقًا من قوات الاحتلال الإسرائيلي التي أعلنت عن استمرار عمليات التفتيش والمداهمة والاعتقال في منطقة جنين، في الوقت الذي انطلقت به تصريحات قادة دولة الاحتلال الإسرائيلي التي توعدت بالوصول إلى أحمد نصر جرار في الوقت الذي شرع به جيش الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ عمليات مداهمة وتفتيش واعتقال في مدينة ومخيم جنين وفي عدة قرى وبلدات قضاء المدينة.
فحوالي الساعة السادسة من صباح يوم الثلاثاء الموافق 23/1/2018م، اعتقل جنود الاحتلال صهيب نصر جرار، شقيق المطارد أحمد نصر جرار، وذلك بعد مداهمة وتفتيش بناية سكنية تعود لعائلة زيد في حي الزهراء في مدينة جنين. وفي هذه الحادثة فتحت قوات الاحتلال أبواب العديد من الشقق السكنية باستخدام جهاز خاص بحوزة جنود الاحتلال، بشكل ألحق الضرر بالأبواب، ودون منح سكان تلك البناية فرصة لفتحها.
ويؤكد شاهد العيان محمد زيد ما سبق في إفادته التالية:
"كنت في المنزل انا وزوجتي وأولادي وهما طفلين ابنتي زين محمد زيد وعمرها سبعة اعوام وشريف محمد زيد وعمره اربعة أعوام صرخت نحو الجنود "استنى شوي" فرد أحدهم "ابعد ابعد" فأدركت ان الجنود سيعملون على تفجير او كسر باب شقتي، عدت أنا وأفراد عائلتي إلى الخلف بعيدًا عن الباب، وهنا قام الجنود وبواسطة جهاز خاص بحوزتهم، على ما يبدو، بفتح الباب دون تفجيره. وفور فتح الباب، دخل إلى منزلي مباشرة حوالي عشرين جندي إسرائيلي جميعهم بالزي العسكري والعتاد الكامل ومسلحين، وكانت مناظرهم مخيفة، حيث صوب بعضهم السلاح نحوي ونحو أفراد عائلتي. وطلب مني أحدهم، وباللغة العربية، توجيه يدي إلى الخلف من ظهري، ومباشرة انتشر الجنود داخل كافة غرف المنزل بينما كنت أنا وزوجتي وأولادي محتجزين في غرفة نومي بناءً على تعليمات من جنود تلك القوة. مباشرةً سألني أحدهم باللغة العربية "جرار هون جرار هون؟"، وكان يقصد بذلك أحمد نصر جرار الذي يلاحقه جنود الاحتلال الإسرائيلي في منطقة جنين منذ عدة أيام."
استمر اعتقال صهيب نصر جرار لمدة حوالي أسبوع، وأكد أن التحقيق معه تركز حول مكان تواجد شقيقه أحمد نصر جرار. كما طالت الاعتقالات العديد من الأشخاص المقربين من الملاحق أحمد نصر جرار، ولم تقتصر عمليات المداهمة والتفتيش والاعتقال على جنين ومخيمها، بل طالت عمليات المداهمة والتفتيش والتخريب العديد من القرى والبلدات لا سيّما تلك التي يقيم بها أفراد من عائلة جرار أو أنسبائهم أو المقربين منهم.
2.مداهمة بلدة برقين: 3 شباط 2018.
وداهمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر يوم السبت الموافق 3/2/2018م، بلدة برقين، الواقعة غرب مدينة جنين، بالتزامن مع اقتحام قرية الكفير الواقعة جنوب شرق مدينة جنين، ودفعت بقوات كبيرة وآليات ثقيلة. في بلدة برقين، حوالي الساعة السادسة من صباح اليوم المذكور، وبعد إطلاق عدة قذائف وتفجير باب منزل مبروك محمد محمود جرار (40 عامًا) الواقع في "حي الجابريات" في بلدة برقين، والذي يقيم فيه مع زوجته وطفليه صهيب مبروك جرار (9 أعوام) ومحمود مبروك جرار (5 أعوام)، قام جنود الاحتلال بإدخال كلب بوليسي إلى داخل المنزل.
هاجم ذلك الكلب مبروك جرار، وأحكم فكيه في كتفه الأيسر على مرأى زوجته وطفليه الذين أصيبا بحالة من الذعر والخوف الشديدين. ولم تشفع صرخات زوجته ومطالبتها لجنود الاحتلال بتخليص زوجها من الكلب، بل عندما صرخت إيناس عبد الله جرار نحو جنود الاحتلال قائلةً: "مشان الله زوجي زوجي"، كان رد أحد جنود الاحتلال على النحو التالي: "أعطينا أحمد نصر عشان نخلي الكلب يترك زوجك." وترك الجنود الكلب البوليسي يجر مبروك جرار من الطابق الثاني إلى الطابق الأول على مرأى زوجته وطفليه، دون أدنى محاولة لردع الكلب عن نهش مبروك جرار. وبعد تفتيش المنزل، اعتقل جنود الاحتلال مبروك جرار المصاب قبل أن يغادروا الموقع، وكانت آثار الدماء وبعض أجزاء لحم مبروك جرار واضحة في مسرح الحادث.
استمر الاقتحام الإسرائيلي في برقين عدة ساعات، وأسفر عن اعتقال ثلاثة أفراد من أبناء عائلة جرار، وتزامن ذلك مع مداهمة ثلاثة منازل على الأقل في قرية الكفير الواقعة جنوب شرق مدينة جنين، تعود إلى عائلة إرشيد، الذين تربطهم صلة نسب مع عائلة جرار. فقد فرض جنود الاحتلال طوقًا عسكريًا محكمًا على القرية، وداهموا ثلاثة منازل على الأقل، وفي تلك الأثناء كانوا يطلقون نداءات عبر مكبرات الصوت تفيد بالتالي: "أحمد سلم حالك". واستخدم جنود الاحتلال الإسرائيلي كذلك الكلاب البوليسية خلال عمليات التفتيش داخل منازل الفلسطينيين في قرية الكفير، فنجم عن ذلك اعتداء كلب بوليسي على نور الدين روحي وزوجته، فأصيبا بجراحٍ طفيفة.
استمرت عمليات المداهمة والتفتيش في قرية الكفير مدة حوالي ثلاث ساعات، وانتهت دون اعتقال أحمد نصر جرار، في حين اعتقلت قوات الاحتلال شخصين شقيقين من عائلة إرشيد، وهما ذياب وقعقاع وليد إرشيد. وحوالي الساعة 2:30 عصر اليوم ذاته، يوم السبت الموافق 3/2/2018م، اقتحمت قوات الاحتلال بلدة برقين مرةً أخرى، برفقة جرافتين عسكريتين تسير إحداهما على عجلات مطاطية، والأخرى على جنزير. وصلت القوات إلى منطقة الحي الشرقي في بلدة برقين، وحاصرت بناية سكنية تعود لعائلة عتيق، وهي بناية مكون من ثلاثة طوابق. يقيم في الطابق الأول عفيف مصطفى محمود عتيق وزوجته رنا حسام قاسم عتيق (30 عامًا) وأولادهما الأربعة، وهم: فاتن عتيق (10 أعوام)، وفرح عتيق (9 أعوام)، وخالد عتيق (7 أعوام)، ويمان عتيق (شهران). وينقسم الطابق الثاني إلى شقتين، يقيم في الشقة الغربية مصطفى محمود عبد الرحمن عتيق (56 عامًا)، وزوجته عائدة رجا عتيق (54 عامًا). ويقيم في الشقة الشرقية محمد مصطفى محمود عتيق (29 عامًا)، وزوجته ناريمان حسام قاسم (28 عامًا)، وأبناؤهما صالح محمد عتيق (7 أعوام)، ومصطفى عتيق (عامان). ويقيم في الطابق الثالث مجدي مصطفى محمود عتيق (28عامًا)، وزوجته فرح حكم عتيق (23 عامًا)، والطفل يحيى مجدي عتيق (ستة شهور).
حاصر جنود الاحتلال البناية، ووصلت الجرافتان إلى محيطها، وبعد إخلائها من سكانها واحتجازهم في منزل آخر يقع مقابل تلك البناية، شرع جنود الاحتلال بعمليات المداهمة والتفتيش في تلك البناية وسط إطلاق النداءات التالية: "أحمد سلم حالك". وتبيّن أن جنود الاحتلال قد أطلقوا عدة قذائف ورصاص حي خلال تواجدهم داخل البناية، وظهرت آثار ذلك بشكل واضح على الجدران والمحتويات. كما تعمد جنود الاحتلال تدمير جزء كبير من محتويات الشقق السكنية تزامنًا مع قيام الجرافتين سابقتي الذكر بهدم ثلاثة بركسات لتربية الأغنام تعود ملكيتها لكلٍ من عفيف مصطفى محمود عتيق، وحسن محمود عبد الرحيم عتيق، ومصطفى محمود عبد الرحيم عتيق. وتبلغ مساحة كل بركس حوالي 200 مترًا مربعًا، وهي مبنية من ألواح "الزينكو" والحديد. وخلال عملية هدم البركسات، هدمت قوات الاحتلال جزءًا من مدخل منزل عفيف مصطفى عتيق الواقع في الطابق الأول من البناية المذكورة.
استمر المداهمات الإسرائيلية حتى حوالي الساعة 8:00م من ليلة اليوم ذاته، وانتهى دون اعتقال أحمد نصر جرار، بينما اعتُقل كلٌ من الشقيقين عفيف ومجدي مصطفى عتيق، وأُجري تحقيقٌ ميداني مع فرح حكم عتيق دار حول المطارد أحمد نصر جرار.
وخلال انسحاب تلك القوة من داخل بلدة برقين، وعند وصول جزء منها إلى منطقة وادي برقين الواقعة بين مدينة جنين وبلدة برقين، تحديدًا في منطقة مفرق العنبر، قامت مجموعة كبيرة من الفتية والشبان الفلسطينيين بإلقاء الحجارة نحو الجيبات والآليات العسكرية. فأطلق جنود الاحتلال الرصاص الحي باتجاه الشبان المحتجين على مداهمات الاحتلال ما أدى إلى استشهاد أحمد سمير أبو عبيد (19 عامًا) إثر إصابته برصاصة في الرأس.
فشلت قوات الاحتلال الإسرائيلي في الوصول إلى أحمد نصر جرار مرةً أخرى، واستمرت طائرة الاستطلاع الإسرائيلية في التحليق في سماء المنطقة، فضلًا عن انتشار عدد من الحواجز العسكرية في محيط مدينة جنين وعلى مداخل عدة قرى وبلدات قضاء مدينة جنين.
استمرت الاقتحامات والاعتقالات الإسرائيلية بحثًا عن أحمد نصر جرار، فمع ساعات ظهيرة يوم الاثنين الموافق 5/2/2018م، اعتقلت قوات إسرائيلية خاصة محمد حسام مرتضى، وعمار يحيى شلبي خلال تواجدهما في شارع حيفا، المدخل الغربي لمدينة جنين. وفي اليوم ذاته، اعتقلت قوات الاحتلال ناجي عاهد جرار بعد مداهمة "متنزَّه موال" الواقع على المدخل الشمالي لمدينة جنين. وجدير بالذكر أن جميع المعتقلين من سكان بلدة برقين، وذلك في إطار ملاحقة أحمد نصر جرار.
1.مداهمات في بلدتي السيلة الحارثية واليامون: 6 شباط 2018.
مع منتصف ليل الثلاثاء الموافق 6/2/2018م، بدأ الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ حملة مداهمات في بلدة السيلة الحارثية الواقعة غرب مدينة جنين، تركزت في المنطقة الشرقية من البلدة وبالقرب من بعض الوديان الواقعة بين بلدتي اليامون والسيلة الحارثية غرب مدينة جنين. فتّش جنود الاحتلال العديد من المنازل وأطلقوا نداءات تطالب أحمد نصر جرار بتسليم نفسه، وعلى أية حال، فإن كافة المداهمات التي نفذها الاحتلال الاسرائيلي لأي منزل وفي أي منطقة في جنين كان يرافقها نداءات ومطالبات لأحمد جرار بتسليم نفسه. وألحق جنود الاحتلال خلال المداهمات والتفتيش أضرارًا مادية كبيرة في محتويات المنازل المقتحمة جراء إطلاق بعض القنابل وكذلك الرصاص الحي داخل وفي محيط هذه المنازل المستهدفة، وهو ما جرت عليه العادة عند اقتحام الاحتلال لأي منزل بحثًا عن أحمد نصر جرار. ونجم عن هذه الاقتحامات في السيلة الحارثية اعتقال جنود الاحتلال ثلاثة أشخاص على الأقل.
ومع ساعات منتصف ليل اليوم ذاته، الثلاثاء 6/2/2018م، انتشرت قوات الاحتلال في منطقة الزردات، وهي منطقة تقع في أقصى الناحية الغربية لبلدة اليامون وإلى الناحية الشرقية لبلدة السيلة الحارثية، لكنها تتبع بلدة اليامون، غرب مدينة جنين.
فقد وصل عددٌ من الجيبات العسكرية إلى ذلك الموقع، وفرض جنود الاحتلال بشكلٍ سريع طوقًا عسكريًا محكمًا في محيط بناية سكنية مهجورة تعود لنبيل محمد علي أبو سيفين. وتتكون البناية من أربعة طوابق، تقع بجوارها إلى الناحية الجنوبية غرفة مستقلة بالإضافة إلى ثلاثة مراحيض. كانت البناية المهجورة قد استخدمت لمدة تتراوح ما بين 6–7 سنوات من قبل الأمن الوطني الفلسطيني كمقر مؤقت، قبل أن يتركها جهاز الأمن الوطني قبل حوالي ثلاث سنوات.
فرض جنود الاحتلال طوقًا عسكريًا محكمًا على تلك البناية، واستُدعي مزيدٌ من الجنود إضافة إلى جرافة عسكرية تسير على عجلات مطاطية، ومع حوالي الساعة 5:00 من فجر اليوم ذاته، يفيد شاهد العيان بسام محمد أبو سيفين بما حدث كالتالي:
"سمعت صوت إطلاق رصاص في الجهة الشمالية لمنزلي مباشرةً، وكان الإطلاق في البداية قليلًا وأقدّر عدد الرصاصات التي أطلقت في البداية بحوالي 10–15 رصاصة فقط، تلاها مباشرة إطلاق رصاص كثيف، وبصوت أعلى، ولمدة زمنية أقدرها بحوالي عشر دقائق في الموقع ذاته. ولم أكن أعلم حتى تلك اللحظة حيثيات إطلاق النار، الذي كان على ما يبدو على شكل اشتباك مسلح، إذ لم يتكرر إطلاق الرصاص المتقطع والخفيف بل وقع لمرة واحدة فقط، أما الإطلاق الكثيف للرصاص فقد استمر حوالي 10–15 دقيقة. أشير إلى أنني لم اسمع اصوات لأي نداءات تطلب من أي أحد تسليم نفسه قبل إطلاق الرصاص.
وبيّنت لنا التحقيقات أن إطلاق النار وقع أثناء قيام الجرافة العسكرية بهدم الغرفة سابقة الوصف من الجهة الشرقية للغرفة. علمًا بأن لتلك الغرفة مدخلٌ واحدٌ يقع إلى الناحية الغربية منها. ويبدو أن قوات الاحتلال الإسرائيلي قد حاصرت أحد الأشخاص، والذي
يُعتقد أنه أحمد نصر جرار في تلك الغرفة، وعندما شرعت الجرافة بعملية الهدم، حاول ذلك الشخص الهرب من الناحية الغربية من خلال الباب، وفور خروجه وابتعاده عن تلك الغرفة مسافة حوالي 5-10 أمتار على الأكثر، سمع دوي إطلاق نارٍ أدى إلى إصابته في رأسه وفي مختلف أنحاء جسده، وسقط على الأرض بجوار الجدار الإسمنتي الواقع إلى الناحية الجنوبية للبناية المهجورة، ويبدو أنه استشهد فور إصابته.
يروي شاهد العيان الوحيد بسام محمد أبو سيفين ما رآه كما يلي:
"ثم شاهدت جنديين إسرائيليين يرتديان قفازات طبية على أيديهما ويحملان نقالة خاصة بنقل المصابين أو القتلى، وتوجهوا إلى محيط تلك الغرفة، تحديدًا إلى الناحية الغربية منها، ثم خرجا بعد مرور بعض الوقت وهما يحملان جثمانًا على تلك النقالة، وكان ذلك الجثمان مغطىً بشكل تام بغطاء أبيض اللون. وتوجه الجنديان بالجثمان إلى داخل أحد الجيبات العسكرية، وهو جيب تابع للجيش، وليس مركبة إسعاف عسكرية، ثم لاحظت أن بعض جنود تلك القوة قاموا بإحضار وإرسال جهاز آلي متوسط الحجم، يتم التحكم به عن بعد، وقام الجنود وبواسطة ذلك الجهاز بفحص كيس نايلون ذي لون أحمر، وأطلقوا رصاصة واحده نحوه من قبل ذلك الجهاز على ما يبدو، ولم تصدر أية أصوات لأي انفجارات، حيث تقدم بعدها أحد الجنود وقام بأخذ ذلك الكيس ووضعه داخل أحد الجيبات العسكرية."
استمر تواجد وانتشار قوات الاحتلال في ذلك الموقع حتى حوالي الساعة الثامنة من صباح اليوم ذاته، دون تسجيل مداهمات لأي منزل في ذلك الموقع، ثم شرعت تلك القوة بالانسحاب ومغادرة المكان، وهنا تمكن العديد من الأشخاص من الدخول إلى تلك المنطقة حيث ـفاد الشاهد ذاته بما يلي:
"كحال العديد من المواطنين، توجهت إلى الغرفة المهدومة جزئيًا، وإلى الناحية الغربية منها، وعلى بعد عدة أمتار فقط، شاهدت سترة ذات لون جيشي ملقاةً على التراب، وعليها آثار دماء. ولاحظت وجود بقعة دماء على التراب، وبقايا عظم وبقايا من دماغ
أحد الأشخاص، وأشار العديد من المواطنين إلى أن تلك البقايا تعود لدماغ شخص أصيب في ذلك الموقع، ويبدو أنه قد أصيب في رأسه وفي مختلف أنحاء جسده. كانت تلك البقايا على بعد حوالي عشرة أمتار عن مدخل الغرفة الغربي والوحيد، وبمحاذاة الجدار الإسمنتي الفاصل بيني وبين بناية شقيقي.
بعد انتهاء الاقتحام وانسحاب القوة الإسرائيلية من الموقع، تناقلت وسائل الإعلام العبرية وكذلك المحلية نقلًا عن الإعلام العبري، خبرًا مفاده أن المطارد أحمد نصر جرار قد "قتل" خلال "عملية عسكرية" في بلدة اليامون غرب مدينة جنين.] ومن بين التصريحات التي تم تداولها لقادة دولة الاحتلال، ما صدر عن ". كما صدر العديد من التصريحات على لسان مسؤولين من المستوى السياسي والعسكري الإسرائيلي أثنت على جيش الاحتلال وعلى مختلف الوحدات العسكرية التي نجحت في اغتيال أحمد نصر جرار.
عُثر في مسرح الحادث ذاته على ملابس تعرّف عليها ذوو أحمد نصر جرار، حيث أكدت والدته وشقيقه صهيب نصر جرار أن تلك الملابس تعود لأحمد نصر جرار، وكانت آثار الدماء وبقايا جزء من عظم الجمجمة إضافة إلى جزء من الدماغ واضحة على تلك الملابس التي تركها جنود الاحتلال خلفهم. ويبدو أن جنود الاحتلال جردوا أحمد نصر جرار من ملابسه قبيل احتجاز جثمانه الذي لا يزال حتى لحظة إعداد هذا التقرير محتجزًا لدى سلطات الاحتلال. وفي حين تأكد استشهاد أحمر نصر جرار، لايُمكن إثبات زعم الاحتلال بأن أحمد قد باغت قوات الاحتلال بإطلاق النار، خصوصًا وأن قوات الاحتلال دائمًا ما تسوق هذه الحجج في تبرير قتلها للفلسطينيين.
وأكد شاهد العيان بسام محمد أبو سيفين أنه شاهد بأم عينيه جنود الاحتلال الإسرائيلي، في مسرح الحادث سابق الوصف، يعتقلون شخصًا دون معرفة هويته، وروى حول ذلك ما يلي:
"استرقت النظر للحظات من نافذة منزلي الشرقية لأشاهد جنديين بالزي العسكري الكامل يقتادان شابًا مجهول الهوية، يرتدي زيًا مدنيًا، مربوط اليدين إلى الخلف من ظهره، واقتاده الجنود إلى داخل جيب عسكري إسرائيلي يقف برفقة العديد من الجيبات الأخرى على بعد حوالي 50 مترًا عن البناية الخاصة بي جنوبًا، ولا أعلم المكان الذي أخرج منه ذلك الشخص لحظة اعتقاله." وكانت حادثة الاعتقال هذه قبيل وقوع الاشتباك المسلح في مسرح الحادث بحوالي خمس إلى عشر دقائق. ولا يزال الشخص المعتقل مجهول الهوية، ولم تُبلغ المصادر الرسمية الفلسطينية باعتقال أي شخص في تلك المنطقة، ولم تصل تحرياتنا إلى أي نتيجة حول المسألة.
ومنذ الإعلان عن استشهاد أحمد نصر جرار غادرت طائرة الاستطلاع سماء المنطقة، وتراجع نشاط جيش الاحتلال الإسرائيلي في منطقة جنين، وذلك بعد ملاحقة ومطاردة استمرت حوالي عشرين يومًا ارتكب خلالها الاحتلال الإسرائيلي جرائم عديدة خلال عمليات المداهمة والتفتيش والاعتقال والهدم وتخريب الممتلكات الخاصة.
1.خاتمة
أدت الاقتحامات الإسرائيلية المتكررة، طوال الفترة المذكورة، إلى هدم أربعة منازل بشكل تام وهدم ثلاثة بركسات لتربية المواشي إضافة إلى هدم جزئي لمدخل أحد المنازل، فضلًا عن تدمير محتويات العديد من منازل الفلسطينيين نتيجة إطلاق مختلف أنواعالقنابل والرصاص الحي داخل تلك المنازل. واعتقلت قوات الاحتلال طوال تلك المدة حوالي 70 شخصًا، أطلق صراح جزء منهم في وقتٍ لاحق، وقتلت ثلاثة فلسطينيين، وأرهبت الفلسطينيين في المناطق الواسعة التي تعرضت للمداهمات والتفتيش.
تُعد ممارسات قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين، في مدينة جنين، طوال هذه الفترة الزمانية، عقابًا جماعيًا يهدف للوصول إلى منفذ مزعوم لعملية قتل المستوطن الإسرائيلي. هذا على الرغم من أن "القانون الدولي الإنساني" يحظر العقوبات الجماعية في عدد من النصوص أهمها "الاتفاقية الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية" (اتفاقية لاهاي) التي تنص على أنه "لا ينبغي إصدار أية عقوبة جماعية، مالية أو غيرها، ضد السكان بسبب أعمال ارتكبها أفراد لا يمكن أن يكون هؤلاء السكان مسئولين بصفة جماعية." كما تؤكد على ذلك اتفاقية جنيف الرابعة بنصها على أنه "لا يجوز معاقبة أي شخص محمي عن مخالفة لم يقترفها هو شخصيًا. تحظر العقوبات الجماعية وبالمثل جميع تدابير التهديد أو الإرهاب.
[ الاتفاقية الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية (دخلت حيّز التنفيذ في 18/10/1907)، المادة 50. دخلت هذه المادة القانون العرفي، يُنظر: ھنكرتس، جان ماري، ولویز دوزوالد- بیك. القانون الدولي الإنساني العرفي، المجلد 1. جنیف: الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، 2016. القاعدة رقم 103، ص 329-330.