الخميس  28 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

و"فقع" بالون ال2018 / بقلم: وداد البرغوثي

2018-02-21 10:31:41 AM
و
وداد البرغوثي

 

كنت أهم بأن آوي إلى فراشي.بحثت عن كتاب أقرأ منه شيئا قبل النوم،  وقع بين يدي كتاب موجود في مكتبتي لا أدري منذ متى، ربما لم أره من قبل أو نسيته أو لم أعره اهتماما خاصة وأنه للأطفال وليس لامرأة ستينية من أمثالي. كان هذا الكتاب كفيلا بأن يطرد النوم عن عيني حتى الفجر .الكتاب بعنوان : تخيل فلسطين عام 2018، بإشرف وزارة التربية والتعليم العالي ومؤسسة اسمها صوتنا فلسطين. هو عبارة عن ما يقارب 50 نصا لتلاميذ مدارس تتراوح أعمارهم بين 12- 16 تم اختيارها في مسابقة لطلبة المدارس في العام 2008 كأفضل النصوص. يعني أن كتابها الآن قد يكونون ممن أنهوا البكالوريس أو على وشك ، والأكبر بينهم ربما أنهوا الماجستير أو على وشك.

هؤلاء التلاميذ حملهم القائمون على الفكرة عبء التخيل تخيل فلسطين في ظل السلام، فحملوا العبء وتخيلوا ما لاطاقة للقائمين على أوسلو بتحملها. تخيلوا الحرية التي أصبحت في خيالهم واقعا، وحواجز الاحتلال التي أصبحت من ذكريات الطفولة ما قبل التحرير، تخيلوا مطار قلنديا الدولي، والسجون التي تحولت إلى حدائق عامة، رائدة الفضاء الفلسطينية التي تردد خبرها في الإعلام، خطاب الرئيسة الفلسطينية، وشطح غيرهم لأكثر من ذلك بأن وقفوا على شبابيك منازله في حيفا يتفرجون على أمواج البحر، وغير ذلك من الخيالات التي أحسها الآن كسكاكين تذبحنا جميعا.

فكرت أن أكتب عن الكتاب مقالا، ولكن عم أكتب? من أين أنطلق هل من الخيال؟ هل من الواقع؟ هل من جس نبض من كتبوا ؟ هل من التعرف عليهم؟ هل من صدمتهم وصدمتنا؟ هل من تخيل القائمين على المشروع الذين اعتقدوا، زورا وبهتانا أن العام 2018 لن يأتي ولن تنكشف خدعة أوسلو؟

أفكار كثرة تتداخل وحيرة تتلبسنيوأنا أتخيل ذوي الأحلام الكبيرة التي صاغوها قصصا ورؤى قبل عشرة أعوام ، و كيف يقفون على مبعدة بعد انتهاء الأعوام العشرة .فكثر من الأمور آلت إلى خراب أكبر مما كان.

كيف "فقعت" بلالين أحلامهم ولم يخرج منها إلا الهواء. وها هو العام 2018 يأتي مستعجلا دون أن يحمل معه حيفا وبحرها ولا بيت نوبا المنتفضة من تحت أنقاضها، ولم تهبط مع هوائه رائدة الفضاء الفلسطينية ولم تسقط فتافيته في الحدائق العامة التي شيدتها أحلامهم بدلا من السجون ولم تشيد مدينة محمود عباس الطبية المزودة بأحدث الأجهزة، وما زالت حواجز الاحتلال قائمة لم تتغير أللهم إلا إذا اعتبرنا تزويدها بأحدث أجهزة التصنت والتفتيش والكاميرات وتشديد الرقابة تطورا.

حين "يفقع" بالون الطفل يشتري بدلا منه عشرة، أما حين تصبح الأحلام بالونا و"يفقع" ولو بعد عشرة أعوام فستتكشف عورة الحقيقة ولن نجد في السوق بالونا آخر.

أيها الحالمون، ماذا تقولون الآن عمن دعاكم لحلم سيتحقق بعد عشرة أعوام؟ ما هو شعوركم تجاه من خدعوكم فقالوا: سلام، ولم يلبث السلام "حتى مطلع الفجر".عشر سنوات من الحصار والمجازر والحروب والمحتل يزداد شراسة والأوسلويون يمعنون في الاستجداء.  أشفقوا على أحلامكم ، وحافظوا عليها كي لا تنهار. فالوهم وحدها لا يكفي ليتحقق الحلم.

حي على المقاومة بكافة أشكالها.