تنشغل أجهزة البوليس والقضاء في إسرائيل بالتحقيقات مع بنيامين نتنياهو وينشغل معهم كل الشعب الفلسطيني في حين لا يلتفت احد في مؤسسات دولة الاحتلال إلى هذا الأمر بشيء فتواصل الهيئات الاستيطانية عملها على أرضنا ويستمر النشاط العدواني يوميا ضد شعبنا من قتل وهدم واعتقال فيوميا تقوم هيئات الاحتلال المختلفة بدءا من الجيش وانتهاء بأصغر مؤسسة احتلالية ينشطون جميعا في التخلص من شعبنا وقضيتنا وتهويد أرضنا فبلدية القدس تتوسع يهوديا وتقلص الوجود العربي الفلسطيني في القدس بكل الأشكال فهي تهدم بيوتنا وتسحب هوياتنا وتغلق بوابات القدس في وجوهنا وبشكل محموم تهود كل مكان حتى لم يعد هناك قدس شرقية نتشدق بها بكل مكان.
نحن فقط من ننشغل بانتظار نتائج التحقيق مع رئيس وزراء اسرائيل وقد سبق لرئيس وزراء آخر أن زج به في السجن دون أن يحدث غيابه أي ارتباك على الإطلاق وسبق أن زج برئيس الدولة في السجن من قبله وسيذهب نتنياهو للسجن أيضا لكن الاستيطان والتهويد سيتواصل ما دمنا لا ننشغل أبدا إلا في مواجهة بعضنا ولا ننقض مستأسدين إلا على أنفسنا.
الاحتلال منشغل بنا في المطلق بينما ننشغل جميعا بالمصالحة الغائبة مقابل مواصلة فرض العقوبات على غزة ليس من اسرائيل وأمريكا فقط بل وحتى من رام الله نفسها ونحن نصر على ان موقفنا هو مواصلة المفاوضات دون حتى ان يستمع لنا احد ويعلن الرئيس الفلسطيني نفسه أمام مجلس الأمن بحسرة أننا جميعا نعمل لدى الاحتلال وأيا كان ما قاله قبل أو بعد ذلك إلا ان القول بذلك ودعوة الاحتلال لتحمل مسئولياته يفقد كل قول بعد ذلك قيمته عن الصمود ومواصلة الاستعداد للقبول بالحلول السياسية والدبلوماسية والاستعداد لمواصلة المفاوضات, ثم ليأتي بعد ذلك صائب عريقات ليعلن ومن على شاشة دولة الاحتلال نفسه ان الحاكم الفعلي للسلطة الفلسطينية هو وزير حرب الاحتلال وان رئيس وزراءنا هو منسق شؤون الاحتلال في الضفة الغربية, وان يأتي هذا من الرجل الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية ان ظل هناك أصلا منظمة للتحرير فهو يقدم رسالة إحباط وتيئيس للشعب بأسره فمن المفترض ان تقدم القيادة لشعبها حلولا ومخارج للازمة لا ان تقدم له صورة من لا حيلة له ولا حول لعمل أي شيء في سبيل حرية شعبنا وبلادنا.
التيأييس هو السمة الغالبة اليوم على السياسة الفلسطينية المعلنة وما نظام الانتصارات السنوية المتتالية كل عام عبر خطاب في منظمات الأمم المتحدة بقوم بها الرئيس ثم نعود للاحتفالات والتصفيق لخطاب لا مثيل له ولانتصار لا مثيل له في حين تواصل دولة الاحتلال فرض الحقائق على الأرض, وحتى بعد إعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل وقرب إعلانه عن صفقة تصفية القضية الفلسطينية فان العالم الذي رفض قرار ترامب لم يفعل شيئا على الأرض في سبيل منع تنفيذ هذا القرار بما في ذلك دول مجلس الأمن وفي المقدمة روسيا نفسها المنشغلة كليا بالحرب في سوريا.
انقسام لم ينتهي ولا يبدو انه سينتهي بين غزة والضفة ومضايقات لغزة ستقودها حتما للانفجار أو القبول بالانقطاع كليا عن فلسطين وإقامة دولة مستقلة هناك بحماية أمنية مصرية وهو ما ستقبل به مصر لصالح أمنها القومي وتفكك داخلي في الضفة الغربية وتخبط بين أطراف القيادة بلا انسجام بالموقف يؤشر إلى انقسامات جديدة لا احد يدري متى ستنفجر مع ان الجميع يدرك ان وجود الرئيس عباس هو المانع الوحيد اليوم لوقوع مثل هذا ويعلم الجميع ان غيابه عن الساحة سيفتح الباب على مصراعيه لانقسامات وخلافات لا يدري احد إلى أين ستصل بنا.
كلمات الرجاء التي أنهى بها الرئيس محمود عباس خطابه أمام مجلس الأمن لم تجد آذان صاغية فعالم القطب الواحد لا يسمع الرجاء ولا يعرف إلا الحقائق على الأرض وعالم أميركا وإسرائيل يعرف جيدا حقيقة واقع الحال الفلسطيني المنقسم داخليا والمتصارع على سلطة غير قائمة باعتراف أعمدتها صراع على حكومة لا تحكم بل هي وهم لا أكثر ولا اقل حكومة قال عنها رأس الهرم فيها أنها تخدم الاحتلال وقال عنها الرجل الثاني في منظمة التحرير ان رئيسها الحقيقي هو وزير دفاع الاحتلال فالي أين تريد قيادة يائسة ان تصل بنا وبشعبنا وقضيتنا وما دام الأمر كذلك فلماذا يواصل قادة السلطة والمنظمة والفصائل الفلسطينية جميعا التمسك بمناصبهم دون ان يقدموا حلا واحدا أو خيط أمل لشعبنا بان لديهم وسيلة للحرية والتحرير وفيما عدا الأمين العام الأسير في معتقلات الاحتلال احمد سعدات والأبطال الذين استشهدوا منهم فان شعبنا لن يغفر لأي من الآخرين جريمة الصمت والعجز التي يعيشها ويقودنا إليها ان لم يجدوا طريقا لشعبنا وبرنامجا حقيقيا بوحدة الشعب والوطن وينتهي بالحرية والتحرير للأرض والشعب من الاحتلال ورجسه.
القاعدة ببساطة تقول ان أحدا لن يقدم لك أي تنازل ان لم تكن قادرا على إجباره على فعل ذلك ويبدو ان قيادتنا تعلن يوميا للاحتلال والعالم أنها عاجزة عن فعل ذلك وبشكل علني والأخطر من ذلك أنها تصر على طمأنة هذا العالم والأعداء في المقدمة أننا لن نفعل شيئا فلا زال الرئيس الفلسطيني يعلن في مجلس الأمن التزامنا بالوعود التي قطعناها للإدارة الأمريكية بعدم الانضمام إلى 22 منظمة دولية بعكس قرارات المجلس المركزي الفلسطيني الأخير كما ان كل نشاط الحكومة الفلسطينية جاء مناقضا كليا لتلك القرارات بدءا من لقاء وزيرة الاقتصاد بوزير اقتصاد الاحتلال في باريس التي من المفترض ان نعلن انفكاكنا من اتفاقيتها الاقتصادية, ولقاء الحمد الله بوزير مالية دولة الاحتلال وبدل ما أعلن عن التمسك باتفاق المصالحة وجدنا ألف عذر وعذر لوضع العصي في دواليبها وبدل القرار عن حق الشعب الفلسطيني بممارسة كافة أشكال النضال لا زلنا نعلن ان الشكل الدبلوماسي هو الشكل الوحيد الذي نتمسك به.
ان غياب رافعة كفاحية شعبية وبرنامج تلاقي وطني يقوم على قاعدة تصعيد وتيرة الكفاح بكل أشكاله ضد الاحتلال وجيشه ومستوطنيه ومقاطعة حقيقية للإدارة الأمريكية ومشاريعها وهيئاتها وبرامجها والعمل الشعبي الكفاحي على الأرض ضد الاحتلال ومشاريعه بقيادة حقيقة فاعلة ترسم وتقود الكفاح فعلا لا تصدر البيانات هنا وهناك لعمل فردي معزول هنا أو هناك بينما تنشغل هي بكل ما يعطل وحدة شعبنا واستمرار كفاحه حتى النصر, وبدون ذلك أي بدون برنامج كفاحي يبدأ التنفيذ فورا واستعادة المنظمة وفصائلها المنضوية وغير المنضوية تحت لوائها لدورها ومهمتها الأساس في الكفاح والثورة في سبيل الحرية والتحرير وإلا فإنهم لم يكونوا سوى أداة تعطيل ومنع لانجاز شعبنا لحقوقه الوطنية لا أكثر ولا اقل.