السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

أزمة الغاز في غزة.. تجدد دائم

مواطنون: أزمة الغاز أعادتنا لاستخدام الطرق البدائية في الطهي والتدفئة!!

2014-11-25 12:20:34 AM
 أزمة الغاز في غزة.. تجدد دائم
صورة ارشيفية
الشوا: الحصار وتحويل المركبات للعمل على الغاز فاقم الأزمة.. وحلول قريبة تلوح في الأفق!!
 
الحدث - محاسن أُصرف
يبحث المواطن عبد الله الفرا (35 عاماً) في أزقة وشوارع مدينته خان يونس عن أحد موزعي الغاز ليعطيه أنبوباً فارغاً علّه يُعيده إليه بعد أيام مليئاً بالغاز، لكن دون جدوى فلا طيف لسيارات توزيع الغاز يلوح في الأفق، ولا أيضاً الموزع الذي اعتاد أن يأتي لمنزله ليأخذ أنابيب الغاز الفارغة ويملأها يُجيب على اتصالاته المستمرة منذ قرابة الشهر.
تلك الحالة لم تجعل للمواطن "الفرا" وعشرات مئات المواطنين في غزة سبيلاً إلا العودة إلى الطرق البدائية، يقول الرجل في الوقت الذي تكون فيه الكهرباء حاضرة نستعملها في إنضاج الطعام وكافة الاحتياجات اليومية، وفي حال عدم وجودها نُشعل بعض الحطب إن وجد، فلا طاقة أيضاً لشرائه في ظل ضعف القدرة المالية لنا، يقول لـ"الحدث": "نُعاني كثيراً ولا نجد سبيلاً لإنهاء معاناتنا"، ويُضيف أن ما يزيد العبء المالي والنفسي عليه أنه إذا حالفه الحظ ووجد موزع يقبل بتعبئة أنبوب الغاز الخاص به يتوجب عليه دفع ثمن تعبئتها مقدماً قرابة (65 شيكل) أي ما يُعادل 17 دولاراً، يقول: "في ظل تأخر الرواتب يكون أمر تدبير المبلغ عبر الاستدانة من جار أو قريب"، ويُتابع، لا تنتهي المعاناة هنا، بل تستمر إلى 20-25 يوماً أخرى بعد استلام الموزع أنبوب الغاز، إذ تبدأ، وفق قوله، مرحلة أخرى من معاناة الانتظار لحين وصول غاز إلى المحطة وتعبئتها، يقول: "هذه المرحلة أيضاً مكلفة مالياً ونفسياً حيث لا أنفك عن الاتصال على الموزع لمعرفة إذا ما تم تعبئة الأنبوب أو لا، وأحياناً أضطر للذهاب إليه حيث يُقيم، أي أتحمل عبئاً من أجل  تخفيف عبء آخر عن أسرتي".
وعلى مدار سنوات الحصار الذي فرضته إسرائيل على قطاع غزة خلال السنوات الثمانية الماضية، عانى المواطنون من تفاقم أزمة غاز الطهي وبدأوا باستخدام الحطب تارةً والتيار الكهربائي تارةً أخرى لتلبية احتياجاتهم اليومية التي تأثرت بالأزمة، ويقول المواطنون وأصحاب محطات التوزيع إن الكميات التي تُدخلها إسرائيل يومياً من خلال المعابر لا تفي باحتياجات المواطنين، ويُشيرون إلى أن إغلاق المعابر يومي الجمعة والسبت يُفاقم نسبة العجز، بينما دخول فصل الشتاء يجعل من المستحيل تجاوز الأزمة، نظراً لزيادة الاستهلاك المنزلي في الشتاء.
"الحدث" في سياق التقرير التالي تقف على حدود الأزمة وانعكاساتها على حياة الناس في قطاع غزة الذي ما زال يُعاني حصاراً مستمراً منذ عام 2007.
 
زيادة استهلاك
 
وتُدخل سلطات الاحتلال الإسرائيلي حوالي 200 طن من الغاز يومياً لا تُلبي احتياجات القطاع، والتي تصل إلى 350 طن من الغاز يومياً، ويُشير موزعو الغاز إلى أن ما يصل شهرياً من الغاز لا يتجاوز 4000 طن فقط، في حين حاجة القطاع تتجاوز ذلك إلى 10500 طن شهرياً، ما يُحدث عجزاً يصل إلى 6500 طن، ويؤكد إبراهيم أبو مطلق صاحب شركة أبو مطلق للغاز في عبسان بالمنطقة الشرقية من محافظة خان يونس، أن أزمة الغاز موجودة منذ فرض الاحتلال الإسرائيلي حصاراً على قطاع غزة في العام 2007 إلا أنها تتذبذب بين انطباق وانفراج، ويُتابع: "قبل عامين بدأت الأزمة تُراوح حالة الانطباق نتيجة زيادة استهلاك الغاز من قبل سائقي المركبات في القطاع"، مؤكداً أن ذلك انعكس على عدم توفر غاز الطهي في المنازل، وصعوبة وصوله إليهم، حيث تتراوح مدة تعبئة الأنابيب الفارغة بين 20-25 يوماً وفقاً لحالة المعابر وتوفر الغاز أيضاً في المحطات.
ويقول أبو مطلق في اتصال هاتفي مع "الحدث": "الاستهلاك الزائد من قبل أصحاب المركبات الذين حولوا سياراتهم إلى الغاز، حرم الكثير منهم من تعبئة أنابيبهم الخاصة بهم نتيجة نفاذ الغاز من المحطات".
ولا يختلف عنه "محيسن المشهراوي" صاحب محطة المشهراوي لتعبئة الغاز بالزوايدة، فقد أكد في اتصال هاتفي مع "الحدث" أن أزمة الغاز تتفاقم كثيراً في فصل الشتاء من كل عام نتيجة زيادة الاستهلاك، سواء في المنازل أو في مزارع الدواجن للتدفئة، وأضاف أن أصحاب المركبات الذين حولوا مركباتهم للعمل على الغاز تزيد من الأزمة كثيراً، وقال إن ما يدخل من الغاز إلى القطاع لا يكفي الاحتياجات اليومية التي تفوق الكميات الداخلة بـ 150 طن يومياً.
ويُشير "المشهراوي" إلى أن السبب الرئيس في مشكلة الغاز هو الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة منذ العام 2007 وعدم سماحه بإدخال كميات تفي باحتياجات المواطنين اليومية، داعياً هيئة المعابر إلى زيادة الطلب من السلطات الإسرائيلية، وحول التسهيلات التي أعلنتها إسرائيل بعد توقيع اتفاق القاهرة إبان حرب الـ51 يوماً الأخيرة على القطاع بزيادة كمية البضائع وفتح المعابر التجارية وإدخال الوقود والغاز إلى القطاع، قال المشهراوي: "هي تصريحات إعلامية فقط، ولم نلمس شيئاً منها على أرض الواقع"، وأضاف أن إغلاق معبر كرم أبو سالم خلال الأسابيع الماضية ليومين متتاليين إضافة إلى إغلاقه في أيام الإجازة اليهودية فاقم الأزمة، وأصبح الناس يتوافدون إلى المحطات بغية الحصول على غاز، لكن دون جدوى فلم يكن لدينا مخزون.
 
أسباب الأزمة
 
ويُفسر لنا "محمود الشوا" رئيس جمعية أصحاب البترول والغاز في قطاع غزة، أسباب تفاقم أزمة غاز الطهي خلال الأسابيع الماضية في قطاع غزة، فيقول: "السبب الأساسي "إغلاق المعابر" وعدم سماح الاحتلال الإسرائيلي بإدخال الكميات الكافية لاحتياجات المواطنين في القطاع، والتي تصل يومياً إلى 350 طن"، لافتاً إلى أن ما يدخل فقط 230-250 طن يومياً بعجز يصل 100 طن يومياً، وبيَّن أنه في حال إغلاق المعبر بشكل مفاجئ، تتفاقم الأزمة وتبدأ ظاهرة الطوابير البشرية على محطات التوزيع المنتشرة في القطاع.
وفي المجال ذاته أوضح "الشوا" أن زيادة نسبة السائقين الذين يعتمدون في تشغيل سياراتهم على الغاز، فاقم الأزمة حيث تستهلك السيارات التي تعمل على الغاز حوالي 55% من كمية الغاز الداخلة إلى القطاع، وقال: "لنحل هذه الأزمة، نحن بحاجة إلى 120-130 طن يومياً لهذه السيارات، وهذا ينعكس سلباً على حصول المواطن على الغاز في منزله، ناهيك عن دخول فصل الشتاء وزيادة كميات استهلاك الغاز على المدافئ، سواء في المنازل أو من قبل أصحاب مزارع الدواجن في القطاع، حيث تعمل مدافئ مزارعهم على الغاز".
ونوه "الشوا" إلى حالة من الاستغلال يقوم بها بعض الموزعين للغاز، حيث يبيعون الغاز في السوق السوداء لأصحاب السيارات التي حولت عملها من البنزين إلى الغاز، مؤكداً أن الجهات المسؤولة في القطاع تُتابع وتراقب الموزعين من أجل وضع حد لهذه المشكلة، واستدرك: "ذلك يتم اجتهاداً، حيث لا يوجد قرار رسمي حتى الآن بتوقيف السيارات التي تعمل على الغاز"، ودعا إلى ضرورة اتخاذه عاجلاً أو العمل باتجاه الضغط على الإسرائيليين سياسياً لإدخال الكميات اللازمة من الوقود الخاص بالسيارات والغاز بما يُحقق تخفيف معاناة المواطنين.
 
حلول قريبة
 
وحين تساءلت "الحدث" عن حلول تلوح في الأفق للتخفيف من واقع الأزمة على حياة المواطنين في قطاع غزة، كشف لنا "الشوا" أنهم طالبوا إدارة المعابر بتمديد خط جديد للغاز في إطار التوسعات المنوي عملها في معبر كرم أبو سالم، وقال: "الخط سيكون من الطرف الإسرائيلي إلى الطرف الفلسطيني للمعبر مباشرة، ويُحقق ذلك زيادة في نسبة الغاز الواصلة إلى القطاع، بالإضافة إلى تحقيق فائض يُمكن استخدامه كمخزون استراتيجي يحل الأزمة إذا ما تم إغلاق المعبر لأيام، كما حدث مؤخراً"، وتابع أن عدم وجود مخزون من الغاز والوقود عموماً، يجعل القطاع مكشوفاً وغير آمن.
وتوقع "الشوا" أن تزيد كمية الغاز إذا تم تشغيل الخط الثاني عن 350 طن يومياً، بما يُحقق الاكتفاء وبعض المخزون الاستراتيجي، وأشار إلى أن هيئة المعابر تعمل حالياً على المشروع، ومن المتوقع أن يتم افتتاحه قريباً حيث تم الاتفاق مع شركة إسرائيلية لعمل الخط.