الحالمون يتخيلون فلسطين، نعم ولهم الحق أن يتخيلوا أو يحلموا، فلا ألومهم، مهما ابتعدوا في الحلم. وأنا أقرأ قصصهم في الكتاب سالف الذكر، كانت الفكرة أن أتواصل معهم جميعا إن استطعت لمقارنة ما كتبوا في 2008 مع ما سيكتبون أو يعبرون به في 2018 أي بعد أن أصبح العام 2018 واقعا وأصبح واقع أبعد ما يكون عن الحم الذي كتبه الأطفال. كنت أرغب أن أسلسل كتابتي حسب كتاباتهم، ولكن عملية البحث عنهم تأخذ وقتا أكبر من المتوقع، لذلك فسأكتب حسب تسلسل إجاباتهم على رسائلي:
الحالم مجد القاضي طالب الطب في ألمانيا الاتحادية الآن طالب الصف الثامن آنذاك حلم مجد أنه عاد ليبني بيته في قريته الأم بيت نوبا ويتحدث عن الزيادة المضطردة على راتبه في ظل دولة الأحلام المزدهرة وهو الجنيه الفلسطيني. ويبتعد في خياله أكثر فيتحدث عن المصانع وسكك الحديد وأكبر متاحف التراث في العالم ومشروع الطاقة على سواحل غزة الذي سيزود الطائرات التي تهبط في المطارات الدولية بالطاقة والمطاعم التي نشأت تحت الماء بديلا للمطاعم التي تمت إزالتها عن الشاطيء.
هذا الحلم الوردي تزامنت قراءتي له قبيل كتابة هذا النص مع خبر عاجل عن استشهاد صياد فلسطيني في مياه غزة بنيران الزوارق البحرية الإسرائيلية، وكأنه يقول لي:
استفيقي من حلمك الطفل، كأن سبعين عاما غير كافية ليمشي أو ليحبو. غير أن الحلم مهما مر من دهر عليه لم تشب غرته ويرفض أن يشيخ.
لذلك فإن الحالم مجد القاضي لم يفقد الأمل ويقول في معرض رده على أسئلتي: قمت بالمشاركة في مسابقة "تخيل فلسطين عام 2018" من خلال المدرسة، و كنت في ال13 أو ال 14 من عمري. هدفي من المشاركة كان تعزيز قدراتي اللغوية و قوة مخيلتي (مع أني كنت واثقا أن فلسطين لن تكون بلدا مستقلا عام 2018). لم آخذ فكرة استقلال فلسطين عام 2018 على محمل الجدية، بل حاولت فقط تخيل واقع آخر أبعد ما يكون عن واقعنا. أما بالنسبة للتفاؤل و الأمل، فكلاهما ضروري و مهم لاستمرار رغبتنا كشعب في العيش بحرية و راحة حتى وإن كان واقعنا يقول العكس. لا شك أن واقع البلاد السياسي و الاقتصادي و المجتمعي مخيب جدا للأمل، و لكن لا يجب لوم المتفائلين منا على ذلك، بل يجدر بنا العمل نحو تغيير واقعنا للأفضل.