منذ سنوات سبع ونهر الدم الذي يرافق الهجوم الاستعماري/الارهابي على سوريا يتدفق دون أن يلوي على شيء. لكن للإنصاف نقول إن ينابيع نهر الدم ربما وجدت مصباً آخر في يمن العرب السعيد.
مؤخراً كان هناك تركيز إعلامي واسع على الدماء التي تسيل في غوطة دمشق. التركيز منصب على نحو "طبيعي" على جرائم بشار الأسد المتوحش. ويتوهم البسطاء من أمثالي أن بشار الأسد رجل أسطوري خارق يقوم بنفسه بالجرائم البشعة كلها. ينسى الناس أن هناك حزباً وجيشاً وجنوداً وشعباً. ينسون أن دولة تفتقر إلى الشرعية تسقط مثل حبة التوت وحدها دون مساعدة خارجية من أي نوع. لقد سقط شاه إيران على الرغم من وجود مليون رجل "سافاك" في خدمة حمايته.
بشار الأسد عكس الشاه: هنالك حملة دولية أمريكية/إسرائيلية/أوروبية/تركية/خليجية تحاصره من كل حدب وصوب، وهناك قوى غير حكومية حزبية وشعبية تتلطى بالإسلام تهاجمه وتراه عدوها الأوحد. ومن هؤلاء الإخوان المسلمون وحزب التحرير والنهضة ..الخ وليس فقط القاعدة وداعش.
على الرغم من ذلك صمد الجيش السوري، وصمد "بشار"، ببساطة لأن لدى الجيش والرئيس حاضنة شعبية واسعة.
الإخوان المسلمون لا يبصرون جرائم داعش ولا النصرة ولا الجيش التركي ولا الجيش الأمريكي و"يتشمتون" بسوريا عندما تقصفها "إسرائيل" ويشككون في شجاعتها عندما تسقط طائرة إسرائيلية.
الليبراليون أيضاً لا يبصرون إلا جرائم بشار في الغوطة. ويصبح حلم/وهم الديمقراطية مخصصاً لمحاكمة سوريا دون غيرها. يغمض الليبراليون العرب عيونهم عن دكتاتورية معسكر الخليج/السعودية ووحشيته وخيانته لفلسطين وقضايا الأمة. ويغمضون عيونهم عن جرائم تركيا والنصرة والقصف الأمريكي. ويصحو ضميرهم فقط للتنديد بالدولة السورية التي تقف وحدها اليوم ضد الاستعمار الكوني والإقليمي.
كيف يمكن لفلسطيني من الإخوان المسلمين أن لا يرى ان سوريا هي اخر قلعة للدفاع عن فلسطين والعروبة؟ كيف يضع بيضه في سلة أردوغان ربيب الأطلسي أو حكام قطر المشبوهين؟ كيف يستطيع التحالف مع السيسي الذي انقلب على الخليفة مرسي؟ لكن يعجز عن التحالف مع القوة العربية الوحيدة التي تقاوم الاستعمار؟ أهو مكره لا بطل؟ أم هو انتهازي حتى آخر المشوار؟
ترى هل يجوز أن نقنع أنفسنا بأن هؤلاء أبرياء/سذج، أم أن علينا أن نصر أن لديهم حفنات من الدولار يدافعون عنها؟
لا بد أن هناك أفراداً أبرياء. لكن معظم الهاتفين "أنقذوا الغوطة" الذين لا يشاهدون "انقراض" اليمن بالأوبئة وقصف المشافي والمدارس، هم عملاء لأمريكا والخليج. مع إدراكنا أن بعضهم يقرأ في ذبح اليمن نوعاً من الجهاد السني "المشروع" من أجل إبادة الشيعة المارقين.