الخميس  28 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الإمارات وتفكيك شيفرة حزب الله ناجح شاهين

2018-03-05 01:03:19 PM
الإمارات وتفكيك شيفرة حزب الله
ناجح شاهين
ناجح شاهين

مركز الإمارات للسياسات عقد مؤتمراً في نهاية شباط. أحببنا أن نتابع ما يجري بغرض فهم آخر منتجات الآيديولوجيا في الإمارات في سياق انضمام الخليج إلى عالم ترامب/نتانياهو الجديد الشجاع.

 

أشارت رئيسة مركز الإمارات للسياسات إبتسام الكتبي إلى خطورة الحزب الذي "تحوّل في السنوات الأخيرة من لاعب لبناني الى لاعب إقليمي، إثر مشاركته في حروب إقليمية في سوريا والعراق واليمن".

 

وأوضحت أن "الحلقة النقاشية تسعى الى تسليط الضوء على إيديولوجية حزب الله، وبناه القيادية والتنظيمية والمؤسساتية، وأدواره السياسية والعسكرية، ودراسة التطورات في أهدافه وأساليبه، والبحث في إشكاليات الهوية الدينية والعسكرية والسياسة لدى الحزب".

 

لمع اسم ابتسام الكتبي بعد أن وقعت اتفاقية مع حكومة كردستان لكي يشرف المركز "الخبير" في الديمقراطية على تنظيم الانتخابات في الإقليم، وقد كان قنصل الإمارات على الأرجح السياسي الوحيد من خارج الإقليم الذي حضر الاستفتاء. وكانت الكتبي هي الشخصية "الأكاديمية" العربية الوحيدة التي دعاها حلف الناتو إلى لقائه في قطر سنة 2004 لإعلان مبادرة اسطنبول في ذلك العام. كما أنها قادت حملة "علاقات عامة" إعلامية/تثقيفية حول قصور قطر عن إدارك تغير الولايات المتحدة بعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض. بينت الكتبي بالدليل والحجة أن الزمن ليس زمن قطر وإنما زمن ابوظبي.

 

غني عن القول إن الإمارات تخوض حرباً سرية وعلنية ناعمة من أجل منافسة السعودية في تزعم المنطقة بعد أن قامت الدولتان بإزاحة قطر الصغيرة الشجاعة من الميدان والضغط عليها لكي تلتزم بحدودها.

 

المؤتمر الذي يعد الأول من نوعه، شارك فيه العديد من الخبراء الدوليين، كالمحلل السياسي والعسكري لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى مايكل ايزنشتات الذي قال"إن الحزب يتذرع بشعارات المقاومة لشرعنة وجوده وشيطنة خصومه." إذا صح أن ايزنشتات هو مبدع هذه الاكتشاف "العميق" فإن أبطال المؤتمر جميعاً بمن فيهم عالمة السياسة ابتسام الكتبي إنما قاموا بإعادة فكرة الخبير الأمريكي مع تغيير الصياغة بمقدار أو بآخر.

 

لقمان سليم مثلاً كان مدهشاً في جرأته عندما أكد أن "الشيعة" في حاجة إلى نكبة من أجل أن "يفيقوا" من حزب الله. حزب الله "يمثل" على الشيعة في لبنان دور المقاوم، ولا بد من الحاق الأذى الفعلي بهم، وربما بلبنان كله من أجل تحقيق الصحوة من مخدر حزب الله. أرأيتم مقدار التضحية التي نحتاجها للتخلص من حزب الله؟

 

ابتسام الكتبي بدورها، وعلى الرغم من دورها القيادي في "الندوة" لم تقل أكثر مما قاله الخبير الأمريكي: الحزب يكذب بخصوص الدفاع عن فلسطين ولبنان بينما هو في الحقيقة ذراع مأجور لإيران. وقد تحالف مع أنظمة عربية حليفة لإيران وصولاً إلى قيامه باحتلال بيروت في ساعات. بالطبع لم تخبرنا الكتبي عن أية مشاريع لتحرير بيروت من احتلال حزب الله.

 

يؤدي الحزب دوراً تخريبياً في المنطقة. وقد ذهب إلى سوريا ليمارس التخريب وقتل الأبرياء، وهناك انكشف وجهه الحقيقي. ليس هناك أي شيء فعله حزب الله في حياته إلا التخريب، بينما كان يخطب ويلقي المواعظ عن النضال والجهاد ضد الاحتلال الصهيوني.

 

بالطبع الندوة مهمة جداً. ولذلك قام "خبير" تلفزيون أبوظبي مقدم البرامج سهيل الزبيدي بتقديم حلقة استضاف فيها "خبيراً" شارك في المؤتمر هو الدكتور عاطف الشاعر المدرس في إحدى الجامعات البريطانية. هذا مهم بداهة لأن عالم الأنجلوسكسون هو الأقدر على تفكيك الشيفرات السياسية، إضافة إلى خبراته العريقة في الديمقراطية ورعايتها حول العالم، بما في ذلك في منطقة الخليج الواعدة بالحداثة والانفتاح والتقدم.

 

وصف الزبيدي حزب الله بأنه مشروع تخريب عابر للقارات، وأنه يمارس تجارة المخدرات. بالطبع قصة المخدرات يستقيها المذيع الذكي من مصدر موثوق هو الإدارة الأمريكية التي لا تكذب أبداً ولا تأخذها في الحق لومة لائم.

 

أسعدني أن تلفزيون أبو ظبي ينتقص حزب الله انطلاقاً من التشكيك في موقفه من القدس، وهذا يعني أنهم ما زالوا في الإمارات يعطون للقدس أهمية شكلية ما، على الأقل يستعملونها وسيلة للتأثير في الرأي العام العربي، وهو ما يشي بأنهم يعتقدون أنها ما تزال قضية راسخة في الوجدان العربي.

 

د. عاطف الشاعر ضيف البرنامج الخبير، بين أن حزب الله بدأ في ساحة عنيفة ثم سيطر على الساحة من خلال تنافسه أمل. وهو يدين بالولاء للفقية ولإيران. وهذا من الأمور البديهية. إنه جزء من المنظومة الإيرانية.

ما الداعي لبقاء حزب الله بعد أن تحرر لبنان من إسرائيل؟ هكذا يطرح الموقف الإماراتي. انتهت المعركة وكان على الحزب أن يسلم سلاحه. ولكنه لم يفعل، وهذا يؤكد بالطبع على أنه حزب مشبوه.

 

بالطبع "إسرائيل" الموجودة في مكان ما في "الشرق الأوسط" لا تضر الإمارات في شيء، (أم أن الإمارات قد فككتها مثلما فعلت مع شيفرة حزب الله دون أن نتنبه إلى ذلك؟). وهي متفقة مع إسرائيل في أن الذرائع التي تسوغ وجود حزب الله قد انتهت، وأن على الحزب أن يتفكك.

 

مذيع ابوظبي "يلقن" الدكتور الضيف ما يقول. نحن في الزمن الذي يتفوق فيه "المذيع" تقريبا على الخبير.. يأخذ الضيف الراسخ في علم الديمقراطية الإماراتية على الحزب أنه أيد النظام السوري الديكتاتوري. ويتفق مع مذيع أبوظبي في أن حروب حزب الله ضد إسرائيل قد انتهت. وهو للأسف ما يخالف وجهة نظر طيف واسع من المشتغلين بالسياسة والفكر السياسي الذين يظنون أن حرباً كبيرة مقبلة حتما بين الحزب والدولة العبرية. لكن لا بد من ضرب مشروعية الحزب عن طريق البرهنة على أنه:

 

-        أداة إيرانية شيعية

-        وأنه يتظاهر بالعداء لإسرائيل

-        وأنه يريد الهيمنة على لبنان والتدخل الإقليمي من أجل خدمة المشروع الإيراني

-        وأنه يدعي أنه يريد أن يحرر القدس عبر صنعاء ودمشق ...الخ وهو ما يثير السخرية بالفعل.

 

في المقابل ماذا تفعل دول الخليج للبرهنة على أنها عروبية؟

تتبنى رؤية أمريكا سياسياً واقتصاديا، وتتبنى إسرائيل وتتحالف معهما ضد سوريا وايران وحزب الله وصولا إلى التضحية بفلسطين.

 

حسناً ماذا نفعل ونحن نضيع بين حزب الله "عميل" إيران، ومركز الإمارات للسياسات عميل أمريكا وإسرائيل؟ 

نرغب في أن نمضي بعيداً في الاتفاق مع جوهر "التحليل" الإماراتي لنقول إن هناك فعلاً مشروعاً إيرانياً تشكل سوريا وحزب الله أجزاء منه. وهو مشروع يتحالف مع روسيا والصين وفنزويلا وحتى كوريا الشمالية. وهناك في المقابل المشروع الأمريكي/الصهيوني الذي تتبناه وتتبعه دول الخليج.

 

ترى هل يتوقع خبراء الإمارات والخليج والسعودية وصناع سياستها أن ينحاز المواطن العربي للحلف الصهيو/أمريكي بذريعة أن الحلف الآخر شيعي أو ديكتاتوري بالنظر إلى أن حلف الخليج يعبق بالروائح الديمقراطية ونقاء الإسلام السني الصحيح.؟

 

الجواب واضح فيما نحسب: لن ينضم إلى حلف الخليج الصهيوني/الأمريكي إلا مرتزق منتفع. ومثل هذا الشخص قادر دون شك على العمل لحساب أية جهة معادية لوطنه وأمته وإن تكن أجهزة الاستخبارات الاستعمارية ذاتها.

 

تفضل الإمارات احتضان شركة "بلاك ووتر" التي لم تعد تجد مزبلة تقبل بها. وتستفيد من خبرات هذه الشركة القذرة السمعة والممارسة من أجل مواجهة "خطر" حزب الله على المشروع الأمريكي وذيوله في "إسرائيل" والخليج.

 

وفي هذا السياق يتساءل سهيل الزبيدي في نهاية حلقته "التحليلية": هل يقبل الشعب اللبناني بحزب الله العميل الذي يعيده إلى ما قبل التاريخ؟

 

ونحن بدورنا نسأل: إلى متى يصبر الشعب العربي في الإمارات والمحميات القروسطية في جزيرة العرب على هذه الأنظمة التي أصبحت لا تفتقر إلى "الشجاعة" لإعلان تحالفها الصريح مع الصهيونية من منصات تل ابيب ونيويورك ناهيك عن أبوظبي والرياض؟