الحالمة شذى عجاج تدير شركة تعمل في مجال التسويق الألكتروني، تتذكر حلمها وتشعر بثقله وخذلان الواقع لها .
كيف لا وهي في تخيلها قد اعتبرت الاحتلال وانعدام الأمن وقلق الأم على طفلها مجرد ذكريات مضى عليها عشرة أعوام، " فقد رأت في خيالها جدها يحمل مفتاحه الصدئ من مرور عاصفة الزمان عليه، وأغلق عينيه داخل زاوية بيته واطمأن إلى أنه يستطيع أن يموت الآن". فقد تحقق حلمه في العودة.
أوغلت شذى في الحلم ، ولم لا؟ فهي ترى في "منامها" أن جدار الفصل الاحتلالي قد انهار، ولم يعد التلميذ يخاف من بندقية الجندي التي تلاحقه ورفرف العلم الفلسطيني فوق قبة البرلمان، ولم تعد كلمتا نكبة ونكسة أكثر من مجرد ذكريات.
استيقظت الآن شذى، هي بكامل صحوها ووعيها، أدركت أن الواقع لم يتغير؛ فلم يصبح الوصول إلى حيفا ممكنا بمجرد تشغيل محرك سيارتها كما اعتقدت، ووجدت أن عشر سنوات من الحلم غير كافية لأن يكون الوطن كما تتمناه، فنحن نحلم كثيرا ونصدق ما نتمناه.
كم كان يبدو لي عام 2018 وقتاً طويلاً وكفيلاً بأن يحل خيبات ما فاته، ولم أكن أتخيل أنه سيحل حاملاً أعواماً قد فاتت من الأسى والدمار. ما جعلني أحلم بيوم يعم فيه السلام ونستنشق فيه عبير الحرية هو ربما الأمل. أملٌ بغدٍ أجمل لا نضطر فيه لأن نكبر ونحن صغار، لأن نهرب من واقعنا ونعيش في حلم مستقبلٍ متفتح الأزهار. والآن بعد مرور عشر سنوات فإنني أجد كتابات هذه الطفلة كبيرة وثقيلة على أن يتحملها أي جيل وأجد الواقع أبعد مما كان عن هذا الحلم. وهنا انتقلت شذى الحالمة من الحلم إلى الواقع، أو من العاطفة إلى المنطق، عن ذلك تكتب بعد عشر سنوات.
كان من الأولى أن نتعلم الحلول قبل أن نقفز للنتائج كيف يمكن لبلاد ضائعة أن تعود؟! وحرية مسلوبة أن تُغتنم؟! لا يكفي أن نكتب أحلاماً على الورق وننساها على أمل أن تتحقق في يوم ما . من عملي في مجال التسويق الإلكتروني أجد الكثير من المحتوى العاطفي والمنطقي الذي يدعم وجود الكيان الصهيوني في أرض فلسطين يتم اخراجه بطريقة مقنعة للمشاهد وهذا المحتوى تستطيع ايجاده بكل لغات العالم بينما تفتقر القضية الفلسطينية لمحتوى احترافي موثق يحاكي المشاعر الإنسانية بطريقة مقنعة.
كأطفال أكثر ما نتلقاه سواء في المدرسة أو في البيت يفتقر للتحليل المنطقي والعقلاني للأمور والإعتماد بشكل كبير على العواطف اللحظية المرتبطة بأحداث معينة. لكن مقدار هذا الامل والتفائل الذي تركنا المحيطون بنا أن نقطف منه ما نشاء مازال يرافقني الى الآن وهو وقود أحلامي اليوم والدافع الأكبر لأن أحقق المزيد.