الحدث- فرح المصري
قد يكون التشريع الأممي الذي ينص على أن "لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأي وسيلة كانت دون قيد" الضمان الرئيسي لحرية الرأي والتعبير في العالم.. لكن القرار لم يُعرف الحرية بوصفها في بعض الأحيان، بأنها حالة من حالة الفوضى والعبثية.
فإن حرية الرأي هي حرية التعبير عن الأفكار والآراء عن طريق الكلام أو الكتابة دون رقابة مسبقة أو لاحقة، شرط ألا يأتي مضمون هذه الأفكار أو الآراء في سياق ما يمكن اعتباره خرقا للقوانين والأعراف الدولية.
نعم حريةُ الرأي والتعبير حقٌ يأمل العديد من الزملاء العاملين في الشأن الصحفي ألا يصبح في لحظة ما، كما هي المقولة الدارجة" قول حق يراد به باطل". في الجانب الآخر هي مساحة وجب اقناصها لا المطالبة بها، وعليه يعمل جمعٌ من الصحافيين على رفع هذا السقف لربما أكثر مما يجب.
في هذا الموضوع، يقول الإعلامي إيهاب الجريري:"إن هناك خلط واضح بين التعبير عن الرأي والنشاط السياسي، مشيراً إلى حالة الاعتقالات التي تتم على خلفية الانتماء الحزبي سواء في الضفة أو قطاع غزة، هنا يقول الجريري: من الضروري التفريق بين الاعتقال الذي يتم على خلفية التعبير عن الرأي، وبين الاعتقال على خلفية نشر اتهامات ومعلومات مغلوطة دون تزويدها بأدلة وبراهين".
إن كان هذا رأي أحد العاملين في المجال الصحفي، فرأي الناشطة وعد الشروف يأخذنا باتجاه محتلف وهي تقول:" إن الإعتقالات في فلسطين لا تعد ظاهرة، حيث توجد مساحة كبيرة للتعبير عن الرأي في وسائل الإعلام المختلفة، ففي فلسطين يوجد لدينا حرية في التعبير عن الرأي أكثر من أي بلد عربي، ولكن علينا معرفة كيفية التعبير عن الرأي بعيدا عن المواقف السياسية المسبقة والشتائم والقذف".
من جهتها تطرقت الناشطة تامي الرفيدي، إلى ضرورة التميز بين نقد ظاهرة بعينها، وبين السب والتجريح، فعند نقد أي ظاهرة يجب أن يأتي النقد للصالح العام، ففي النقد توجد رسالة مبطنة هدفها توعية المجتمع لوجود خلل معين يجب اصلاحه".
وتضيف الرفيدي:" لا يوجد في فلسطين ثقافة "اسكت ولا تحكي"، ففي النهاية نحن شعب تحت الاحتلال، اعتدنا أن نتكلم بحرية حول أي موضوع، فمن الصعب الان أن نذهب باتجاه قمع الحريات سواء عن طريق الاعتقالات أو خصم الرواتب أو غيرها".
في الإطار ذاته، يقول الناشط والشاعر فارس سباعنة:" إن حرية التعبير عن الرأي هي أساس الحريات وهي غير منوطة بأي قواعد أو قيود، ولكن مسألة النقد لها قواعدها الخاصة، وهي باختصار العلاقة بين العمل العام والحق بالخصوصية، فكلما شغل الشخص حيزاً أكثر من العمل العام "شخصية عامة" مثل مسؤول أو إعلامي أو رجل أعمال معروف أو أديب، قلّ حقه بالخصوصية وصار معرضاً للنقد بشكل أكبر، والمسألة هنا مسألة نسبة وتناسب يقدرها الصحفي أولا، ومن ثمّ رئيس تحريره وتقدرها المحكمة في النهاية.
ومضى سباعنة قائلا:"يجب أن يكون المعيار الاساس في النقد هو المصلحة العامة، فعند انتقاد الآخرين يجب إدراك أهمية احترام الخصوصية، فاذا كان شخص مسؤول على سبيل المثال فهو مسؤول عن عمله وبالتالي انتقاده يندرج تحت مفهوم المصلحة العامة، أما انتقاد حياته الشخصية أو شكله فهذا لا يعد تعبيراً عن حرية عن الرأي إلا فيما يتعلق بالتعبير الفنّي الذي يتناسب مع توظيف الفكرة بشكل فلسفي يخدم الفكرة العامة".
بدوره، قال الناشط فادي العاروي:" إن كل انسان له حق التعبير عن رأيه بالطريقة المناسبة دون انتهاك لحريات الآخرين، واستخدام القذف والشتم".
مشيراً إلى نموذج الأعتقال الأخير الذي جاء بحق الناشط الشبابي "أيمن محاريق" وبرغم رفضه لأسلوب التعامل بالاعتقال، إلا أنه يرى أن هناك خطأ واضح قائلا: "برائي هناك خطأ واضح في مفهوم الرأي والتعبير، فإن حرية التعبير عن الرأي لا تأتي بالشتم والقذف بحق الأفراد، ولذا أقول يجب على الناقد أن يضع نفسه مكان "المنتقد" هل يرضى أن يقذف بهذه الطريقة، ولكني أيضا أرى أن الشاب "محارق" يجب أن يحاكم محكمة عادلة، فالتهمة واضحة، وعليه لا يجب أن يعالج الخطأ بخطأ آخر، كتمديد اعتقاله بدون محاكمة مثلا".
المحاضر المتخصص في مجال الإعلام، د.محمد أبو الرب من جهته يقول:" إن هناك فرق بين التعبير عن الرأي والشتم والقدح والذم بحق الاخرين، حيث يقوم بعض المدونين على شبكات التواصل الاجتماعي باستعراض مشهد البطولة عند طريق الانطباع السائد "كل ما شتمت أكثر، تجمع معجبين أكثر"، وهذا بالتأكيد انطباع خاطىء لدى بعض النشطاء، فبامكانك أن تنتقد سلوك أشخاص أو مواقف بدون القذف والتشهير، ما يحدث على مواقف التواصل الاجتماعي هو شخصنة الاوضاع والمواقف".
وأكد مدير مكتب قناة العالم، الصحفي والإعلامي فارس الصرفندي:" أن الفارق كبير جدا ما بين حرية التعبير وبين أن يتحول التعبير إلى شتم وقذف وإلى اتهام وتخوين، فإن حرية التعبير تعني أن أي شخص يحق له أن يعبر عن فكره ومعتقده بالطرق التي لا تخالف القوانين، لا أن يتحول الأمر إلى اتهام بشكل يصل إلى درجة "التطبيع" .
واستطرد:" دائما كان الرئيس محمود عباس يقول: إن حرية التعبير سقفها السماء ولكن حتى هذه اللحظة نتيجة الممارسات الخاطئة من بعض "المسؤولين الفلسطينين" اصبحت حرية التعبير سقفها لا يزيد عن سقف منزل".
وفي سياق استضافة تلفزيون فلسطين لمدير قناة الفراعين المصرية، توفيق عكاشة، رأى أبو الرب: "انه لم يكن هناك ضرورة لاستضافة الصحفي المصري، فلم يكن هناك اضافة نوعية لاستضافة "عكاشة" المعروف بمواقفة المعادية للشعب الفلسطيني، وبرأيي الخطأ الأساسي في استضافته يعد خطأ فني وإداري لا دخل للعاملين فيه".
في حين رأي عضو مجلس نقابة الصحفيين فارس الصرفندي:" أن للصحفي حق بأن يقترح وأن يجري لقاء مع من يشاء، وعليه فإن المشكلة ليست في مقدم البرنامج، بل في الرقابة الرسمية للتلفزيون، فهل يعقل أن يكون رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينة لا يعلم أن "عكاشة" سيكون على شاشة التلفزيون، أنا هنا أوجه الاتهام مباشرة لرئيس الهيئة، وبرأيي إن كان رئيس الهيئة يعلم بأن "عكاشة" سيظهر على شاشة التلفزيون فهذه مصيبة، وإن كان لا يعلم فالمصيبة أكبر".