دائما ظلت جامعة بيرزيت وحتى بلدة بيرزيت رمزا للصمود والكفاح الوطني الفلسطيني وقد عمل الاحتلال دوما على إخماد لهيب الثورة المشتعل أبدا بين جدران الجامعة الأعرق في فلسطين ولم يكن بإمكان جيش الاحتلال ان يقترب من أسوار الجامعة او حتى ان يفكر بذلك مجرد تفكير, جامعة بيرزيت التي خرجت ابرز مناضلي الشعب الفلسطيني والتي ركل طلابها القنصل البريطاني خارجا والتي ظلت عصية على جيش الاحتلال لعقود وعقود واعتبرت مركزا للثورة والمقاومة والكفاح الوطني وتعرضت للإغلاق والحصار لسنوات وسنوات وظلت مصدر رعب لجيش الاحتلال.
في الأعوام 1981/1982 أغلق جيش الاحتلال الجامعة لأكثر من ستة شهور ثم عاود إغلاقها مرة أخرى في نهاية العام 1982 بعد اقل من ستة شهور على افتتاحها وفي العام 1983 طردت قوات الاحتلال 43 أكاديميا من الجامعات الفلسطينية معظمهم من جامعة بيرزيت لرفضهم التوقيع على مذكرة ضد منظمة التحرير الفلسطينية وفي العام 1984 أغلقت قوات الاحتلال الجامعة مرتين في نفس العام وأعادت إغلاقها أيضا في العام 1985 كما عاودت إغلاقها لثلاث مرات في عام 1987 وحده فقط إلى ان لجأت لإغلاقها تماما منذ 8/1/1988 وحتى 29/4/1992 أي لأكثر من أربع سنوات متتالية لجأت فيها الجامعة للكثير من الوسائل البدائية للتحايل على قرار الاحتلال الجائر لمواصلة العملية التعليمية في البيوت والمؤسسات وحتى في الساحات والأماكن العامة بما في ذلك مقاهي بيرزيت ورام الله ومنازل الطلبة والمدرسين أنفسهم في أروع صمود أسطوري سجلته جامعة بيرزيت وأسرتها آنذاك وقد سعى الاحتلال من هذا القرار الى منع الجامعة من القيام بدورها كمركز للكفاح والمقاومة خلال الانتفاضة الأولى وعلى العكس مما أراده الاحتلال فقد تسبب القرار في توزيع ثوار بيرزيت على كل جهات الوطن ليشكلوا محفزا أكثر وأقوى لمواصلة الكفاح ضد الاحتلال وجيشه ومستوطنيه وقد حاول الاحتلال بفشل ذريع ملاحقة طلبة الجامعة حيثما حاولوا التعويض عن الإغلاق فاقتحموا مبنى فندق قصر الحمراء في رام الله وطردوا الطلبة والمدرسين من محاضراتهم التي كانت تعقد هناك بشكل سري كما اقتحم جيش الاحتلال وسكن الطالبات في بيرزيت نفسها وحاولوا فصل طلاب قطاع غزة عن طلاب الضفة الغربية .
وقد أطلق على جامعة بيرزيت لقب جامعة الشهداء من الشهيد شرف الطيبي عام 1984 الى الشهيد ساجي درويش عام 2014 مرورا بالشهيد يحيى عياش والشهيد عبدالله علاونة وكذا كانت مدرسة القادة فقد كان الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي احد رموزها وقائمة الشهداء تطول وتطول ولا يمكننا أبدا حصرهم كما انه لا يمكن الحديث عن الأسرى دون ان تتقدمهم قائمة أبطال جامعة بيرزيت والقائمة لا يمكن حصرها ونستطيع القول ان كل رؤساء وأعضاء مجالس الطلبة في جامعة بيرزيت منذ تأسيسها قد جرى اعتقالهم باستمرار ولا زال الأسير النائب مروان البرغوثي في الأسر حتى اللحظة.
المفارقة العجيبة ان الاحتلال حاول لمرات وفشل في اعتقال رئيس مجلس الطلبة الحالي عمر الكسواني خارج أسوار الجامعة بينما تمكن من فعل ذلك في داخل الحرم الجامعي ومن أمام مبنى مجلس الطلبة في فعل لم يكن أحدا يتوقع ان تجرؤ قوات الاحتلال على فعله أبدا بل ولم يكن لذلك ان يكون حتى في أحلام قادة العدو فما الذي جرى اذن.
لم تنهار أبدا جامعة بيرزيت وطلبة الجامعة الحاليين ليسوا اقل وطنية ولا ثورية من أسلافهم وبالتالي فان من تم اقتحامه من قبل قوات الاحتلال يوم الأربعاء الماضي 7/3/2018 ليس إرادة طلبة جامعة بيرزيت بل هي الفصائل الغائبة كليا عن الفعل المقاوم وعن الثورة ومهامها والتي من المفترض ان وجود هذه الفصائل أصلا كان ولا يزال قائما على سبب واحد لا أكثر وهو مقاومة الاحتلال والثورة حتى التحرير, لكن انشغال الجميع بعيدا عن الأهداف الصحيحة والمعلنة لوجودهم وتكريس جل اهتمامهم للخلافات الداخلية والمصالح الحزبية الضيقة بعيدا عن الاحتلال وأهدافه ومشاريعه هو الذي جعل من جسم الطلبة الصلب في جامعة بير زيت جزءا من مهزلة الصراع الداخلي بديلا عن الصراع مع الاحتلال ومشاريعه مما سهل على جيش الاحتلال الوصول الى قلب قلعة الثورة وساتر الهيبة الثورية الفلسطينية لعشرات السنين في جامعة الشهداء – بيرزيت.
ان المسئول الحقيقي عن اقتحام قوات الاحتلال لحرم جامعة بيرزيت واعتقال المناضل الكسواني رئيس مجلس الطلبة في وضح النهار وكشف ساتر هيبتنا الأكثر صلابة ليس طلبة جامعة بيرزيت بل كل الفصائل الفلسطينية وقياداتها التي باتت تدير الظهر علنا لأجندة الوطن لصالح أجندة الجماعة ان لم يكن الأجندة الشخصية لكل منهم مما جعل التراخي عن مقاومة الاحتلال ومشاريعه وأهدافه وكل وجوده سمة عامة سببها غياب قيادة ثورية حقيقية تواصل انتمائها لمخزون أهداف الشعب في الحرية والانعتاق من الاحتلال وجيشه ومستوطنيه, والى ان يستعيد شعبنا بوعي فتح الخزائن المغلقة وإطلاق الثورة وأهدافها من جديد فان الحال سيبقى من سيء الى أسوأ وستبقى جامعة بيرزيت وكل شاباتنا وشبابنا في كل جامعات الوطن من رفح حتى جنين أمناء على أهداف شعبنا وقضيته وثورته بانتظار ان تستعيد قيادة الفصائل وعيها او أن تعلن غيابها فعلا وهي تفعل ذلك بعد ان أظهرت عجزها عن تنفيذ قرارات مجلسها المركزي الأخير ولا حتى بعضا منها.