الحدث ــ محمد بدر
كتب الصحفي والكاتب الإسرائيلي روبن باركو مقالة في صحيفة إسرائيل اليوم حول التفسيرات الإسلامية للوضع الراهن، مع الإشارة إلى أن باركو من المؤيدين جدا لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو.
"صديق لي من الخليل قال لي في هذا الاسبوع إن التطورات في الشرق الاوسط والتي تتضمن انهيار دول عربية، ملايين القتلى واللاجئين وحرب الجميع ضد الجميع في الاسلام، تثير نقاشات بخصوص "علامات يوم القيامة" القريبة، والظهور المنتظر لـ "المهدي" (الامام الغائب لدى الشيعة)، "يأجوج ومأجوج" وكل انواع التوقعات.
المسألة التي تسرع هذه النقاشات هي صعود إيران كقوة إمبراطورية تشكل "خطرا" على العرب وأيضا زيادة قوة اسرائيل غير المسبوقة، إيران وإسرائيل تسيران في خط المواجهة. وبالنظر لطبيعة النشاط الدولي للرئيس ترامب (الذي يعتبر في إيران الشيطان الاكبر)، ولا سيما فيما يخص نقل السفارة الامريكية الى القدس، يستطيع الفلسطينيون الغاضبون، الذين راهنوا عبثا على استخدام الضغط الدولي على اسرائيل، أن ينسبوا للرئيس الاشقر صفة "المسيح الدجال" الذي له وجه وشعر نحاسي مثلما وصف في كتاب للشيعة ينسبونه للخليفة الرابع علي بن أبي طالب، حماس والجهاد الاسلامي يتبنون بالتأكيد هذا الوصف.
من خلال إعلانه عن القدس كعاصمة لإسرائيل وضع الرئيس الامريكي الفلسطينيين في المكان الصحيح، في هامش الساحة الخلفية، وشطب "كذبة" اخرى فلسطينية اوروبية لاسامية واضحة؛ اختار القدس الموحدة كعاصمة له، حسب رؤيا الخلاص القديم في التوراة.
عندما لا تتحقق الاحلام فانهم ينتقلون الى التصور. هكذا فعل مؤخرا الرئيس أبو مازن عندما توقع أن إسرائيل في طريقها الى التدمير بسبب طغيانها وفسادها وذلك استنادا لما جاء في سورة الاسراء. الجديد هو أن تفسير رؤيا "الآخرة" والخراب المتوقع لنا بسبب الفساد تم تأجيله قليلا، لأنه في نهاية سورة الاسراء يتنبأ القرآن بأن بني اسرائيل سيتم تجميعهم في بلادهم من كل ارجاء العالم – حيث أن نية الله من تجميعهم هو تصفيتهم. لذلك، يجب علينا الانتظار وأن لا نزعج اليهود في تجمعهم في "فلسطين"، وهكذا تتحول بالنسبة لهم الى جهنم بأمر من الله.
لكن نظرة الى شبكة علاقات اسرائيل مع الدول العربية ودول الخليج تشير، في الوقت الحالي، الى تجميد نبوءة تدمير اسرائيل، من خلال التقدم باتجاه التهديد الايراني. من وجهة نظر صوفية، يشكل التهديد الايراني المستمر، من هامان وحتى ميناي، سبب اقليمي للقلق. العرب لم يعودوا يصدقوا أكاذيب إيران بأنها تعزز تواجدها في المنطقة فقط من أجل "تحرير القدس من الصهاينة".
من الواضح للجميع أن "التوسع الامبريالي" لإيران وسعيها الى السيطرة الاقليمية هي جزء من رؤيا دمار شامل بأمر "الامام الغائب" للمنطقة والعالم من خلال مواجهة نووية "كشرارة" تحرر مكة ومن ثم يأتي المهدي المنتظر لحكم العالم.
في وضع مصيري كهذا كان مغزى رسائل رئيس الحكومة نتنياهو في الولايات المتحدة واضح؛ التهديد الايراني وملحقاته ليس مجرد شأن اسرائيلي وجودي، لأنه من أجل إزالته يجب على اسرائيل أن لا تدفع لوحدها الثمن، بل هناك حاجة عربية عالمية مشتركة تحتاج الى المزيد من التكاليف والضحايا لهزيمة إيران.
في هذه الاثناء الفلسطينيون الذين يستندون الى تفسير سورة الاسراء ينتظرون دمار اسرائيل ويبحثون عن دلائل فساد كشواهد على ذلك. على مدى التاريخ الاسلامي وصف اليهود بأنهم "قتلة الانبياء"، وقاموا بمضايقة الآلاف منهم، وإذا كان الامر كذلك فان هناك لدينا دلائل على الافساد. كيف هذا؟ الفلسطينيون يتمسكون بتحقيقات وسائل الاعلام الاسرائيلية بشأن "الفساد"، ومضايقة اليهود لزعمائهم، ويرون فيها علامات مشجعة.
حملات الحرب ضد الفساد في اسرائيل هي جزء من نزوات اليهود الفاسدين الذين يقتلون زعماءهم رغم انجازاتهم، ويوجد فيها دلائل مسبقة على دمارهم المتوقع، كما يقول المثل العربي "لما بيقع الجمل بتكثر سكاكينه". حتى الآن المهدي لم يظهر ولم يدق الاجراس. في حين أن القطار النووي الايراني الشيعي يخط الخطى بصواريخه في رحلة ليلية "الإسراء" في الظلام نحو مفترق جهنم الذي نوجد فيه، نضع القيادة الاسرائيلية في أيدي أمينة رغم الانتقادات الموجهة اليها، والحسابات الداخلية والخارجية. على خلفية الخطر يوجد في أوساطنا اقزام يسعون الى تحقيق المثل العربي "في غياب الخيول الاصيلة يضعون السرج على الكلاب". هؤلاء وأولئك سيضطرون الى انتظار يوم القيامة بصبر".