يبدو أن "الطرف الاخر" لم يسمح بدخول مجسات قياس السكر في الدم التي يستخدمها الصغير سومر. أعادها إلى السويد المصدر الذي جاءت منه: شقيقتي مريم أرسلتها إلى Palestina لكن مثلما تعلمون كل شيء يمر عبر Israela ومن لا بر له لا بحر ولا جو له مهما تظاهر بامتلاك شارات السيادة المختلفة.
المهم، اتصلت بمقر شركة abott في تل أبيب لأشتري منهم المجسات بصفتهم الوكيل الحصري. فوجئت تماماً عندما فهمت بالاستعانة بعبريتي الضعيفة جداً أنهم لا يتكلمون الإنجليزية. أبداً؟ جاءني صوت امراة شابة فيما احسب: "أبدا".
اضطررت بالطبع أن أستعين بأهل العلم ممن يتحدثون العبرية بعد أن اتضح أن معرفتي بالانجليزية لا تساوي شيئاً في "إسرائيل" مثلما هو حالها في ألمانيا أو روسيا أو الصين.
لا داعي للمقارنة: أحسب أننا نعرف أن الناس جميعاً في بلادنا وخصوصاً قطاع الخدمات الطبية لا يسعدهم شيء مثل التحدث بالانجليزية بذرائع مختلفة من بينها أن العربية لا تسعفك في مجال العلوم والتكنولوجيا خلافاً للعبرية على ما يظهر التي تنفع في التخنيون والجامعة العبرية ومقر تجهيزات السكري التابع لشركة ابوت العالمية ذائعة الصيت.
اللغة العبرية لهجة كنعانية قديمة شبه منقرضة. وقد قامت دولة "إسرائيل" الحداثية بامتياز والتي يثبت ترامب بالدليل الحاسم انها الولاية الواحدة والخمسون من أمريكا، قامت ولاية إسرائيل بإعادة العبرية الى الحياة، وجعلت منها خلافاً لتوقعات بعضنا لغة للتواصل اليومي والابداع الادبي والبحث العلمي والتدريس والتجارة...الخ كل شيء، كل شيء.
كان هناك مدرس أمريكي في رام الله اسمه بيتر عمل في مدرسة الفرندز ما يربو على عشرين عاماً. كنت أجلس بجانبه وأتحدث اليه بالعربية. فجأة استوقفني وقال بالانجليزية: ناجح، هل تتكلم معي؟ قلت بالطبع معك، وضحكت.
أوضح الرجل أنه لا يعرف العربية، وأنني يجب أن لا أندهش لذلك لأن الناس الذين يحتك بهم يعرفون الانجليزية على نحو جيد، وأنه لم يصادف أحدا يرغب في استخدام العربية حتى في الشارع، ولذلك فهو لن يتعلم العربية على ما يبدو أبداً.
طبعاً نعلم جميعاً مقدار السعادة التي نحسها عندما نتحدث إلى الأجانب وليس في ذلك ما يدهش: إنها عقدة المغلوب والغالب التي تفطن لها جدنا ابن خلدون قبل ازيد من ستة قرون. ولا بد ان اقتران ذلك بحضور الانجليزية التي تشي بالتفوق والثقافة والعلم مما يزيد السعادة ويضاعف الفرحة
من نافل القول إن رام الله وعمان ودبي التي تتفوق في الانجليزية لا تتفوق بالطبع على "إسرائيل" التي تصر على العبرية لا في البحث العلمي ولا الزراعة ولا الصناعة ولا الجيش...الخ
بالطبع نستطيع أن نذكر أن كوريا الشمالية المعزولة والجائعة قد نجحت في تحقيق اختراق علمي عسكري مدهش هو القنبلة الهيدروجينية التي تعد القنبلة الذرية عود الثقاب اللازم لإشعالها. وقد حصل ذلك على الرغم من الحصار والتجويع وعدم معرفة الكوريين باللغة الإنجليزية أو الفرنسية أو أي من اللغات الأوروبية صاحبة المقام السامي.