الخميس  28 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

حقوقنا ثابتة أقوى من الصفقة/ بقلم: سامي سرحان

2018-03-21 12:27:32 PM
حقوقنا ثابتة أقوى من الصفقة/ بقلم: سامي سرحان
أطفال غزة (ارشيف الحدث)

 

تتصاعد حدة التوتر في المنطقة والتهديدات بحرب جديدة قد تكون شاملة تشارك بها إسرائيل والولايات المتحدة بشكل مباشر، مع اقتراب  إعلان الإدارة الأمريكية عن صفقة القرن رسميا بعد أن كشفت عن الجزء الهام من الصفقة المتعلقة بالقضية الفلسطينية والمتمثل بإزاحة قضية القدس واللاجئين وحل الدولتين عن طاولة المفاوضات الموهومة.

يتجاهل بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية أن هناك قضية فلسطينية، وأن هنالك شعب فلسطيني تعداده 13 مليون إنسان، يتوق إلى الحرية والاستقلال والعيش في دولة مستقلة على أرضه وفي جزء من وطنه الذي اقتلع منه قبل 70 عاما.

وكلما مر عام، جاءت ذكرى النكبة أو يوم الأرض أو وعد بلفور أو اتفاقية سايكسبيكو أو حرب حزيران أو حرب تشرين أو ذكرى من ذكريات انتصارات هذا الشعب أو هزائمه، إلا تعززت ثقة هذا الشعب بحقه التاريخي والطبيعي والقانوني في وطنه فلسطين، ولن يقف  أمام طموحه المشروع لا إنكار نتنياهو وحكومته ولا صفقة ترامب ومستشاريه الصهاينة التي تتنكر لحقوق شعب فلسطين غير القابلة للتصرف والصفقة الصفعة وفق ما بات واضحا منها لجميع المراقبين، والتي تتمحور حول إزالة الحرج أمام المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات ودول عربية أخرى؛ للدخول في حلف عسكري مع إسرائيل وتطبيع العلاقات معها بشكل علني برعاية أمريكية، بعيدا عن تعقيدات القضية الفلسطينية والقبول بالحل الذي تقبل به إسرائيل للقضية وتتبناه إدارة ترامب.

وكي تمر الصفقة تدفع إسرائيل وأمريكا بالخلاف مع إيران إلى حد المواجهة العسكرية وتصور إيران كغول على وشك التهام السعودية والإمارات ودول الخليج والدول العربية المشرقية والمغربية.

فلماذا تقبل السعودية والإمارات بهذا الطرح وتدفع به إلى درجة حرب غير قادرة عليها، ولن تدخل إسرائيل أو الولايات المتحدة هذه الحرب نيابة عنهما.

المفارقة المهمة أن الخوف من إيران يدفع الدولتين العربيتين في أحضان إسرائيل وأمريكا،  التي لن تكتفي بكل ثروات السعودية ودول الخليج، بل ستدخل حربا تدمر خلالها مقدرات هذه الدول وتعود إلى ما كانت عليه في منتصف القرن الماضي قبل هبوط نعمة ارتفاع أسعار النفط العالمية على هذه الدول.

لماذا تخاطر السعودية بحرب مع إيران وهي شاهد على ما آلت إليه الأمور بعد حرب العراق وإيران والعراق والكويت، وما حل بهذه البلدان من دمار وخراب وضحايا واستنزاف ثروات.

ثم لماذا إيران تدفع بالتها الإعلامية للتحريض على دول الخليج وبخاصة المملكة العربية السعودية مما تسميه المد الشيعي والهلال الشيعي، ما يدفع السعودية ودول عربية أخرى إلى التخلي عن القضية الفلسطينية والارتماء في أحضان إسرائيل وإدارة ترامب الأمريكية، وإيران لا تكف عن الحديث عن قضية فلسطين والقدس الشريف وجيش القدس والطائرات المسيرة وحزب الله لتحرير فلسطين كل فلسطين.

ما تسعى إليه إدارة ترامب  بإيجاد وتوجيه اللوبي اليهودي الأمريكي وحكومة نتنياهو هو فرض إسرائيل على المنطقة بعد تصفية القضية الفلسطينية وإزاحتها عن قائمة التحديات التي تواجه التطبيع في إسرائيل والتحالف معها وتمتعها بثروات المنطقة.

وما هو مطلوب من قادة دول المنطقة وخاصة الدول الوازنة منها مصر والسعودية وإيران وسوريا بعد تعافيها أن ينتبهوا لخطورة المؤامرة التي تستهدف دولهم وشعوبهم وهي بادية للعيان ويدققون في تفاصيل مخرجات هذه الصفقة الصفعة اللعنة قبل فوات الأوان، وأن ما يجمع دول المنطقة وشعوبها أكثر بكثير مما يضر فيهم، ولتكن قضية فلسطين والقدس في طليعة القضايا التي تجمع ولا تفرق.

وشعب فلسطين يتطلع إلى وحدة الأمة العربية والإسلامية لدعم قضيته، وهو لن يقبل بهذه الصفقة الصفعة أو التصفية لقضيته، ولن يتراجع عن أهدافه الوطنية مهما كبرت المؤامرة وتعددت أطرافها وازدادت الضغوط العربية والدولية عليه وعلى قيادته.

وسوف يسقط شعب فلسطين بصموده وتضحياته هذه المؤامرة الجديدة على  طمس هويته الوطنية كما أسقط من قبل مؤامرة شطبه من التاريخ والجغرافيا بعد النكبة عام 1948. وهذا اليوم حقيقة في التاريخ والجغرافيا يتمثل في 13 مليون إنسان ونصفهم ثابت ومزروع فوق أرض وطنه التاريخي يحافظ على هويته وتراثه ويبني مؤسسات دولته رغم قمع الاحتلال والاستيطان ومصادره الأرض وبناء الجدران، ونصفه الآخر في الشتات يتوق إلى العودة إلى وطنه التاريخي وطموحه للحرية والاستقلال والعيش في دولته الفلسطينية الخاصة به بكرامة جميع شعوب الأرض.

ويتعزز هذا الشعور كلما زادت المحن واشتدت المؤامرات ومرت الذكريات الأليمة كذكرى النكبة وذكرى يوم الأرض وغيرها كثير في الذاكرة الجمعية لشعب فلسطين، فحقوقنا ثابتة بثبات جبال الكرمل ونابلس هي أقوى من أوهام  ترامب وصفقته البائسة وبضاعته الفاسدة التي لن تجد لها سوقا عندنا أو في المنطقة.