خاص الحدث
في اللحظات الأولى لتفجير الحمدالله، بدأت وسائل الإعلام المحسوبة على السلطة الفلسطينية وحركة فتح، هجوما غير مبرر على حركة حماس، و"غير مبرر" هنا تعني من ناحية قانونية، لأن الإجراءات الأمنية القانونية، كانت في بداياتها.
الناطقون باسم فتح، والناطقون باسم السطة، انبروا في اتهام حركة حماس بالتفجير، وكان شيئا مستغربا، أن يصدر بيان للرئاسة بعد دقائق معدودة، يحمّل حركة حماس المسؤولية.
عودة للوراء
خلال الأسابيع التي سبقت التفجير، كان واضحا أن اتفاق المصالحة انهار على أعتاب "القضية الأمنية" و"التمكين الأمني"، ومع ذلك ظلت مصر تحاول نفخ الروح في جثة المصالحة، التي كانت قد فارقت الحياة فعليا.
مصر، وبدوافع أمنها القومي، وبحكم انتخاباتها الرئاسية، تريد لحدودها مع القطاع، أن تبقى هادئة، والتعاون الحمساوي المصري في موضوع داعش، كان مثمرا جدا، وبالتالي فمن مصلحة مصر أن تبقي خيوط أمل لدى حماس، على مقدرتها (مصر) على تخفيف الضغط على القطاع وحماس.
الانفجار الذي وقع بالقرب من موكب الحمدالله، هو تشخيص دقيق للحالة، بعيدا عن اللغة السياسية والمناظرات القانونية السياسية.
حماس .. ضحية نفسها أم ضحية التفجير؟
عملت حماس من اللحظة الأولى للتفجير، على إظهار جديتها في كشف ملابسات ما حدث، وكثفت من اجراءاتها الأمنية، التي وصلت حد إغلاق مقر شركة الوطنية بحجة عدم تعاونها في التحقيق.
في اليوم الأخير قبل مقتل أنس أبو خوصة، أعلنت حماس عن أن أبو خوصة كمتهم الرئيسي في عملية التفجير، كانت حماس قد اقتحمت بيته قبل نشر صورته، لم تجده (هكذا قالت حماس)، وبذلك بدأت حملة أمنية واسعة ضد "بطل" الفيلم.
مصادر من الأمن الداخلي التابع لحماس، أكدت قبل مقتل أبو خوصة أنه معتقل وأنه تم اعتقاله، وسيكون هناك مؤتمر صحفي للحديث عن مجريات التحقيق وما تم التوصل إليه من معلومات.
في يوم مقتل أبو خوصة
في يوم مقتل أبو خوصة، أعلنت مصادر الأمن الداخلي عن استشهاد عنصرين من الأمن الداخلي، وإصابة أبو خوصة إصابة متوسطة في بطنه، بعد ذلك أعلن عن مقتل أبو خوصة ومساعده.
مقتل أبو خوصة، بعد الإعلان عن إصابته، يضع تساؤلات كبيرة على ما حدث ما قبل مقتله بيوم وكذلك يوم مقتله.
وإعلان الرئاسة والحملة الإعلامية التي انطلقت بعد دقائق من التفجير، يضع علامة استفهام أخرى على التفجير أو النوايا تجاه المصالحة.
بكل الأحوال، كانت الصحافة ضحية اللعبة الأمنية بين طرفي نزاع، وبين طرفي انقسام، وأداء الطرفين في القضية غريب.
معلومات خاصة
قبل مقتل أبو خوصة بيوم، حصلت الحدث على معلومات خاصة، ورفضت الإفصاح عنها، حتى لا يظن البعض أنها منحازة لطرف على حساب طرف.هذه المعلومات أساسها مصادر أمنية خاصة في غزة.
أبو خوصة حصل على العبوات من شخصين من بيت حانون، أحدهما يعمل في كتائب القسام وتم فصله من الكتائب بعد انكشاف الأمر والآخر تاجر سلاح، أبو خوصة بحسب المصدر، أوهم الشخصين أنه يعمل لصالح كتائب عبد القادر الحسيني، وأن شراءه للعبوات والوسائل القتالية هو بهدف المقاومة، وبناء على ذلك قام بشكل أساسي أحد عناصر القسام ببيعه العبوات.
في بيت أبو خوصة، وجد الأمن الداخلي عبوات من ذات النوع، وكذلك قائمة بأسماء شخصيات مرشحة للاغتيال. على حد ذكر المصدر الأمني.
المصدر الأمني أكد أن قائمة الأسماء تشمل قيادات في حركتي فتح والجهاد الإسلامي.
وبحسب المصدر الأمني، فإن أبو خوصة وصلته حوالة من الضفة الغربية، وصلت لمصرف في جباليا، قبل التفجير بأيام، وأنه اشترى بهذه الحوالة "دراجة نارية". وأن هذه "الدراجة" تم ضبطها بالقرب من بيت جده في يوم مقتله.
خلال حديثنا مع جيران أبو خوصة ومقربين منه، أكدوا لنا أنه ليس له أي اهتمام سياسي، وليس له أي علاقة بأجهزة أمن السلطة، وأن "الدراجة الهوائية" موجودة عنده منذ فترة ليست قصيرة.
المصدر الأمني رد على معلومات جيرانه بالقول إنه بالفعل كان لديه "دراجة" ولكنه بعد التفجير بيومين اشترى "دراجة 6غيار" بـ 2000 دولار.
والسؤال المهم: هل كان بالإمكان استنزاف أبو خوصة ومن معه عسكريا قبل اقتحام البيت عليهم؟ ولماذا جرى الاشتباك من نقطة صفر معهم؟
من هو عبد الرحمن الأشهب ؟
الأشهب ابن الـ 20 عاما، وهو الشخص الذي قتل مع أبو خوصة، اسم معروف جيدا لدى الأمن الداخلي التابع لحماس.
الأشهب اعتقل أكثر من مرة لدى أمن حماس الداخلي بتهمة انتماءه للجماعات الفكرية المنحرفة "المتطرفة".
هل انتهى كل شيء؟
مصادر أمنية في غزة أكدت أنه وخلال الحملة الأمنية، وتحديدا مساء أمس، ضبطت سيارة سوبارو مليئة بالمتفجرات، على شاطئ البحر، في منطقة السوارحة، شمال بلدة الزوايدة. هذه المنطقة قريبة من المكان الذي تحصن فيه أبو خوصة والأشهب.
يبدو أن كل هذه المعلومات لا تخدم بعضها البعض، وفيما بينها تناقض، صحيح ولكن. لن تبدو متناقضة كذلك إذا قرر كل من حماس والسلطة الكشف عن حقيقة ما حدث، وستعود هذه المعلومات في انتظام "منطقي"، منطقي من ناحية إجرائية.
قائمة المطاردين على القضية
مصدر أمني من غزة أكد أن الأمن الداخلي، وخلال حملته الأمنية في إطار التحقيقات في قضية التفجير، ما زال يلاحق كلا من عدي ابو جبر وعبد الرحمن البلبيسي ومحمد أسعد البلبيسي وعبد الرحمن جمعة الاشهب ومحمد سلامة العبيد وعبد الرحمن مجيد ابو خوصة، فيما لم تستطع القبض إلا على ابراهيم القريناوي وهو كان في حكم المطارد لأجهزة الأمن خلال إعداد هذا التقرير، قبل أن تصل معلومة عن اعتقاله في مخيم البريج، بعد عصر اليوم. المصدر أكد أن جميعهم متورطون في التفجير.
المصدر أكد أن معظمهم من أصحاب الأفكار المتطرفة، وأنه تم استغلالهم من "جهة ما".
فشل إعلامي
قد لا تكون لا حماس ولا السلطة وراء التفجير، لكن أداء إعلام السلطة في اللحظات الأولى للتفجير أثار الشكوك حولها، والأداء الإعلامي لحماس في اليوم الذي سبق مقتل أبو خوصة وفي يوم مقتله، أثار الشكوك حولها .. قد تكون اليد أخرى والفشل لدى الطرفين إعلاميا، وقد يكون الطرفين وصلوا لهذه القناعة، وهذا ما جعل الرئيس عباس يتراجع عن خطواته ضد غزة، وجعل الفصائل بعد مقتل أبو خوصة وخلال اجتماعها مع حماس أن تؤكد أنه لا رجعة عن المصالحة.