الجمعة  29 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الشاعر لـ القاص: محمد خليل - الأردن

2018-03-24 05:06:58 PM
 الشاعر 
لـ القاص: محمد خليل - الأردن
محمد خليل

رنّ جرس البيت رنّات متتالية، صمت الجميع، تعلّقت العيون بالباب، نهض صاحب البيت والقلق يطلّ من عينيه، شق الباب بحذر شديد، أطلّ وجه الشاعر، ارتاحت الوجوه المنقبضة، وصفّق الجميع.

رحّبوا به، وأفسحوا له مكانًا بينهم.. جالت عيناه في وجوه الحاضرين.. ابتسم للجميع  ابتسامة فاترة .. أكمل الأصدقاء موضوعًا يبدو أنهم كانوا يناقشونه .. لم يشارك في النقاش ، بل اكتفى بالإستماع. ثم أطلق تنهيدة طويلة لفتت انتباه الحاضرين.  

قال أحدهم موجهًا حديثه للشاعر الذي تبدو على وجهه آثار كدمات وتعب.

- مرّ وقت طويل لم نركَ فيه

نظر الشاعر إليه ولم يُجب

قال آخر وهو ينظر إلى آثار الكدمات على وجه الشاعر  

- أصبح هذا العالم وسخًا بما فيه الكفاية  

( عندما اقتحموا غرفته في آخر الليل ، قيدوه كمجرم ، ألقوه ككلب هرم في غرفة صغيرة، رائحتها نتنة، وتركوه هناك.. وعندما سأل الحارس في اليوم التالي عن سبب وجوده هنا قال الحارس هازئا: ألست الشاعر).

قال آخر: ليت هذا العالم سحابة تمطر وردًا وعصافير

(باقة ورد في يد صبية عند إشارة المرور، تستحث السائقين أن يشتروا الورد لحبيباتهم، على الطرف الآخر من الشارع تقترب سيارة ببطء.. يهبط منها رجلان، يمسكان الصبية من يديها، يتبعثر الورد في الشارع وتحت عجلات السيارات، يلقيانها في مؤخرة السيارة ويغادران)

قال أحدهم

لست معنا أيها المبجّل

التفت الشاعر إليه.. حدّق في وجهه قليلًا.... وقف.. تعلّقت عيون الحاضرين بوجهه.. ترنّح.. صفّق له أحدهم ثم قام إليه وعانقه.

مشى الشاعر نحو الباب، لحقه الأصدقاء، هبطوا إلى قاع المدينة.. لاحظ الشاعر يافطة من القماش .. اقترب من اليافطة .. ( من أجل وطن يَنعَم بالديمقراطية، انتخبوا ..... مزّق الشاعر اليافطة .. صفّق له الأصدقاء وبعض المشاة.  

عبروا الشارع غير مكترثين لأبواق السيارات، وقف وسط الرصيف، حادث رجلًا ذا عثنون كثّ.. حوقل الرجل وهزّ رأسه. تابعوا سيرهم. وأمام السينما ،صلب الشاعر جسده على بابها الحديديّ، منع كلّ المتواجدين من الدخول، الفيلم المعروض يسيء إلى الأمّة.. صفّق له الجميع.. إنضم إليهم مجموعة من الناس.. مشوا جميعًا خلف الشاعر.. وعند مخفر الشرطة، توجه إلى الشرطي المناوب.

- سأقرأ عليك قصيدة

- هزّ الشرطيّ رأسه.. كرّر الشاعر

- سأقرأ عليك قصيدة

هزّ الشرطيّ رأسه ثانية وقطّب ما بين حاجبيه

- سأقرأ عليك قصيدة تجعلك تُطلق كلّ العصافير

التقط الشرطيّ بندقيته وسدّدها إلى صدر الشاعر.. تفرّق الناس والأصدقاء

قال الشاعر:

- سأقرأ عليك القصيدة .. هذه الأشياء لا تهمّني وأنا معي هذا ال...

نظر الشاعر خلفه ، لم يجد إلا ثلّة ممّن كانوا وراءه

حدّق في وجه الشرطيّ.. نظر حوله،  قال وهوأكثر إصرارًا:

ورغم هذا سأقرأ عليك القصيدة.