الحدث- تحرير بني صخر
لازالت مواقع التواصل الاجتماعي تصدح بعبارات عدم تصديق لخبر وفاة الفنانة الفلسطينية ريم البنا، فبعد أن أثبتت البنا أنها عصية على الموت والانكسار؛ خذلها جسدها لترحل مخلفة الكثير مما لا ينسى بصوتها المخملي.
الكثيرون من أصدقاء البنا يعيشون الآن في متاهة التصديق وعدمه، فالقلب يقول لم تمت والعقل يستحضر جبينها المشع في وداعها الأخير، ومن الغالب في معركة التصديق لا أحد يعلم!، لكن ما يمنحك الصبر في قوقعتك صوتها وهي تغني هلالالايا، وربما تكون أغنية راس الجبل شفاء لقلبك، الأهم أن تضع حجرا على قلبك حين تحدث طفليها وتبتسم.
لا أحد ينكر أن الخوف تملك قلب ريم الأم، ليس من المرض ولكن على فلذة كبدها فكتبت على صفحتها على الفيسبوك رسالة جمعت حروفها بالحب والقوة والخوف في آن واحد لتهون فيها على صغارها وتمدهم بشحنة من تفاؤلها المعتاد.
كلمات أم وصديقة، وربما حكاية ما قبل النوم لأطفالك هذه هي كلماتك، وعود بالعودة فتقولين إنك بانتظارهم بالبيت ولكن..هناك من ينتظرك في رام الله أيضا.
يوم أمس كان نكبة تضاف للنكبات التي حلت بالشعب الفلسطيني" كما وصفها البعض، فبعدما نجحت في مكافحة سرطان الثدي انتقل منتشرا لحنجرتها محاولا خنق صوتها، لكن إرادتها كانت أقوى وغنت مجددا، ففي يوم كتبت البنا " جئت إلى هذه الدنيا عنوة.. لا البلاد احتضنتني ولا أحد"، لكنك نسيت أن تكتبي أنك سترحلين عنوة يا صديقتي، وأتدرين من بانتظارك في رام الله أسامة وحنين!
قبل أيام كتب أسامة لك: "ريم حتضل قوية زي ما دايما عرفناها
لساتني بستناكي ترجعي ع رام الله ها!!
راح تمر هالفترة زي ما مرت اللي قبلها
الله يشفيكي ويكون معك"...
ثم في الردود فيما بينكم دعاك للعودة لرام الله لكن إجابتك كانت "أنا مسافرة ومش عارفة امتى برجع"، جملتك هذه كانت كفيلة بإمدادنا بالسواد والتشاؤم والتلاطم بين الأحاسيس الغريبة التي تملكتنا، لنقع بين تساؤلات هشمتنا "هل ستعودين وتغنين؟"، لكن إحساسنا بالموت كان أكبر، فالأمس سرقك منا.
أما الشق الثاني من الانتظار فهي حنين، أتذكرين عباراتك لها على باب رمانة، قلت: سأعود وأغني معك"، لكنها مازالت بانتظارك ولو لـ 100 عام قادمة ستحلم بالغناء معك، لكنك لن تفي بوعدك لها".
حدثتني بالأمس عن جدتها التي علمتها ذات الأغاني التي قمت بإحيائها ولكن مع اختلاف اللحن، الوجع كان بعباراتها كبير كما وقع فقدك علينا، لكن رسالتك الأخيرة علمتنا الكثير ففي وجعك فكرت بغيرك فقط.