الحدث- عصمت منصور
عقد المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية " مدار" مؤتمره السنوي اليوم الثلاثاء، الذي يعرض خلاله التقرير الاستراتيجي السنوي لعام 2018، والذي يرصد أبرز التحولات في إسرائيل سياسيا واقتصاديا وعسكريا واجتماعيا ودبلوماسيا، وفيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وكانت أبرز المحاور التي تطرق لها المؤتمر في مداخلاته الرئيسية، حول القضية الفلسطينية التي قدمتها مديرة المركز هنيدة غانم، والتي تفيد بارتفاع التقديرات لدى دوائر الأمن في إسرائيل، بإمكانية اندلاع موجة جديدة من المواجهات، واعتبار إسرائيل أن الساحة الفلسطينية هي ثاني تهديد على أمن إسرائيل في مراحل المواجهة.
ووفق التقرير، فإن إسرائيل تسعى إلى مأسسة رؤية اليمين الإسرائيلي، من خلال سن تشريعات ومشاريع قوانين خلال العام الماضي تهدف إلى حسم الصراع بشكل نهائي، إضافة إلى الممارسات الاحتلالية على الأرض من استيطان وتهويد وإضعاف للمجتمع الفلسطيني، في ظل وجود إدارة أمريكية بقيادة دونالد ترامب، الذي أحاط نفسه بطاقم يتماهى أيديولوجياً مع اليمين الإسرائيلي المتطرف، وهو ما يمكن اعتباره أكبر خطر استراتيجي على القضية الفلسطينية، ونقل الصراع من كونه مع إسرائيل إلى كونه مع الولايات المتحدة، مع تحول الوسيط إلى طرف فاعل.
وهذا يعني أن حل الدولتين والعملية السياسية كما عهدناها في السابق؛ قد انتهت وأغلق الباب عليها خاصة بعد إعلان ترامب القدس عاصمة لدولة الاحتلال، واعتبار ذلك جزء من صفقة القرن وإخراج ملفها من المفاوضات.
وتقوم صفقة القرن التي لم تعلن حتى الآن، على مبدأ جديد وهو تقريب النهاية وتأجيل البداية؛ أي أن عملية السلام يجب أن تبدأ بالتطبيع مع إسرائيل من قبل العرب، ومن ثم حل القضية الفلسطينية، وذلك بتشجيع من الحالة الإقليمية التي باتت ترى فيها الدول العربية إيران عدوا لها بدلا من إسرائيل.
وفي إسرائيل، حسم أمر حل الدولتين، ولم تعد إسرائيل تتذرع كما كانت في السابق بعدم وجود شريك، بل تعتبر أنها لا تحتاج إلى شريك في عملية السلام، وهو ما يجعل الأفق مغلقا أمام أي حلول مقبلة، كما أن خروج الولايات المتحدة ورفض السلطة لوساطتها لا يبشر بإمكانية أن تحل أي قوة دولية أخرى مكانها.
ووفق التقرير؛ فإن أبرز سمات الخطاب الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين تلخصت فيما يلي:
خطاب حل الدولتين ومأسسة خطاب الضم والحديث المتكرر عن مستقبل القيادة الفلسطينية، والبحث عن حلول إقليمية، بما فيها الحديث عن غزة وحسم القضايا من طرف واحد وتحويل الوضع الحالي إلى دائم.
التقرير أكد أن القناعة الراسخة الآن لدى دوائر الأمن في إسرائيل؛ تفيد أن حماس غير معنية بالمواجهة، رغم سعيها الدائم لتطوير إمكانياتها بسبب الأزمات الاقتصادية والاستراتيجية التي تمر بها، وخشيتها من إمكانية إنهاء إسرائيل لحكمها في القطاع عند اندلاع أي مواجهة عسكرية في ظل هذه الظروف الإقليمية والداخلية.
وتحدث الدكتور مهند مصطفى عن العلاقات الخارجية الإسرائيلية، واعتبر أن العام الماضي كان عاما حافلا بالانجازات الخارجية الإسرائيلية والإخفاقات.
وتمثلت أبرز انجازاتها بانفتاح دول جديدة على إسرائيل في إفريقيا وأمريكا اللاتينية والهند، كذلك كسر العزلة عن إسرائيل دوليا مقارنة بالسنوات الماضية.
وتمكنت كذلك من إعادة فتح الملف النووي الإيراني بما ينسجم مع رؤية إسرائيل، والتعامل مع أروربا بشكل فردي وتهميش الاتحاد ومواقفه، كما وتحسن وضع إسرائيل في المؤسسات الدولية.
وكذلك تمكنت من تعزيز نفوذها في الإقليم وحرية التصرف في سوريا رغم هزيمة داعش.
أما الأسباب الكامنة خلف هذه الانجازات؛ فتتمثل في نتنياهو وشخصيته واتباع إسرائيل سياسة برجماتية، وانتهاج الدول الأخرى نفس السياسة التي تقوم بفصل علاقاتها مع إسرائيل عن موقفها من الصراع، وكذلك صعود أحزاب اليمين في أكثر من دولة وتراجع الدبلوماسية العربية.
أما إخفاقات إسرائيل، فتمثلت في عدم قدرتها على الاستفادة من هذه العلاقات للتأثير على الدول في تغير موقفها من القضية الفلسطينية، وتحييد قدرتها على التأثير في مصير سوريا، وفشلها في نزع الشرعية عن حركة المقاطعة في العالم.
وإحداث شرخ غير مسبوق بين الأحزاب الأمريكية وانحيازها لأول مرة للحزب الجمهوري، وعدم قدرتها على إقناع العالم العربي بنقل علاقاته معها إلى العلن.
وأخيرا وفي الجانب العسكري، أشار الأستاذ جوني منصور، إلى أن إسرائيل طورت منظومتها العسكرية ودمجت التكنولوجيا في صناعاتها العسكرية، التي لا يعلم أحد إلى أين وصلت في مدى تطورها، مؤكدا أن هذا ليس هو السبب في أمنها؛ بل عدم وجود جهة ترغب في محاربتها.