الحدث ــ محمد بدر
قبل شهر ونصف، نصب الصحفي مثنى النجار، مراسل الحدث، خيمة على الحدود بين القطاع ودولة الاحتلال، إلى الشرق من خانيونس، وعلّق عليها يافطة كتب عليها "خيمة العودة". وبعيدا عن تجميل الشعور الأولي حول الفكرة، كان الموضوع مثيرا للغرابة، كيف لخيمة كهذه أن تصمد أمام اجتياح أو حتى أمام عاصفة رمل أو تحت يوم ماطر؟ كل الحسابات كانت طقس، وظلت طقسا من الشعور بالهزيمة والضعف الذي تراكم فينا. كانت خيمة مثنى حدثا كبيرا بالفعل.
يحدثنا مثنى عن ما قبل نصبه للخيمة: "كان هناك دائما من يطرح فكرة إقامة خيمة للعودة، وتساؤلات من أول من سيقيم خيمة للعودة؟، وهذا الأمر كان نقاشا على الواقع وحتى على وسائل التواصل الإجتماعي، وكانت هناك تعليقات كثيرة أبدى أصحابها استعداداهم لنصب خيمة العودة .. أنا علقت ذات مرة على منشور في مجموعة عامة بأنني سأقيم الخيمة وبالفعل أقمتها".
بعد إقامة الخيمة، بدأ النجار بدعوة معارفه ودائرة علاقته، وبحكم عمله صحفي في القطاع منذ أكثر من 14 عاما، فقد استطاع أن يجعل لخيمته زوارا دائمين. يقول مثنى: "بعد نصبي للخيمة، بدأت من خلال علاقاتي بدعوة الناس للخيمة، وبدأت باستضافة الفصائل والمجموعات الشبابية والمواطنين، أحيانا كنت أقدم وجبات طعام للحاضرين، خاصة لمن كان يقضي وقتا طويلا في الخيمة، كان جهدا شخصيا ومبادرة شخصية وحتى تمويلا شخصيا".
ويختم النجار حديثه بالقول، إنه قام بتحويل الخيمة التي أقامها، إلى مقر للصحفيين الذين سيقومون بتغطية المسيرة.
ما علاقة إيران بالمسيرة؟
بعيدا عن النقاء الذي يتحدث به النجار، الفكرة قفزت إلى الحسابات السياسية الكبيرة، ومن حسابات النجار إلى حسابات الإقليم.
صباح أمس الثلاثاء، نقل الإعلام العبري عن صحيفة إيلاف السعودية قولها إن إيران تقف وراء مسيرة العودة وإنها هي من تقوم بتمويلها، وهي من توجهها وتمولها، وأن جهدا أمنيا مصريا وأردنيا وكذلك من جانب السلطة الفلسطينية وإسرائيل لإحباط المسيرة.
الصحيفة في تقريرها، أكدت أن اجتماعا رباعيا، جمع ضباط أمن أردنيين ومصريين وإسرائيليين وفلسطينيين، عقد في إحدى قواعد الجيش الإسرائيلي، وخلال الاجتماع تم مناقشة الآلية التي يمكن من خلالها منع وصول الفلسطينيين المشاركين في المسيرة إلى الحدود مع دولة الاحتلال.
إتهام إيران أمر اعتيادي
الباحث الفلسطيني وأحد القائمين على المسيرة حسن لافي أكد لـ "الحدث" أن الفكرة فلسطينية خالصة، وأن الدعم والتمويل هو بالأساس من الفصائل الفلسطينية وبعض الشخصيات العامة ورجال الأعمال.
واعتبر لافي أن اتهام إيران بدعم حركة النضال الفلسطيني هو روتين إسرائيلي معتاد، فهي تريد من العرب أن يصلوا لقناعة أن "إسرائيل" تقاتل إيران بالنيابة عن العرب، وأن إحدى جولات الصراع بين إيران وإسرائيل هي الساحة الفلسطينية.
واستنكر لافي ما أوردته صحيفة "إيلاف" في تقريرها، مؤكدا أن هذه الصحيفة أصبحت بوقا للمخابرات الإسرائيلية، وأضحت مصدرا للفتنة في المشهد السياسي الفلسطيني.
وعن أهداف المسيرة، أكد لافي أن المسيرة تهدف لإشراك الكل الفلسطيني في النضال، وإلغاء حالة إحتكار الجماعات المنظمة (الفصائل) للعمل السياسي، وكذلك محاولة لضبط إيقاع العمل السياسي الفلسطيني الموجهة ضد الاحتلال ضمن توافق منطقي ومتزن بين كافة الأطراف حول الآليات والأهداف.
وختم لافي بالقول إن الميدان قد يفرض سياقات جديدة من التعاطي، وأن الميدان ومعطياته هي التي تحدد تكتيك العمل، مشيرا إلى أن اللجنة العليا المنظمة للمسيرة لن تحلّ نفسها بانتهاء المسيرة، وأن هناك مخططا لتفعيل دورها في المستقبل.
الاستعدادات الإسرائيلية للمسيرة
قبل أيام كان هناك اجتماعا طارئا لحكومة الاحتلال للبحث في كيفية مواجهة المسيرة، وطلب وزراء الحكومة من الجيش تقديم تفسيرات وتحليلات وبيانات لكل ما يتعلق بالمسيرة وكيفية مواجهتها. وحتى اليوم الذي ستنطلق فيه المسيرة، ستظل المسيرة محل تحليل إسرائيلي كبير، قد يكون هذا أول نجاح حققته المسيرة.