الخميس  28 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

حزب الله، أنصار الله ويسار الأجزة/ بقلم: ناجح شاهين

2018-03-29 10:55:40 AM
حزب الله، أنصار الله ويسار الأجزة/  بقلم: ناجح شاهين
ناجح شاهين

 

ليس في نيتنا أن نقوم بإقناع أحد من أهل السنة والجماعة بأن يتعاطف مع قوى المقاومة الشيعية أو حتى أن يحاول أن يتفهم ما تفعل. ذلك ضرب من الخيال. إذ ليس هناك من خطر على البلاد والعباد، وقبل ذلك وفوقه، على دين الله الحنيف، أشد من خطر الرافضة. أترون لا بد لنا أن نعتبر بالقول العربي الماثور: "اطلب المستطاع لكي تطاع."

ومن هذا المنطلق نضرب صفحاً عن الكلام الذي لا يقدم ولا يؤخر حول دور الطيران العربي/الأمريكي في تحرير فلسطين، فهذا بدوره ضرب من الهذيان يضع العقدة في المنشار: كأن العرب إذا عجزوا عن تحرير فلسطين، يجب أن يعجزوا عن حماية أمنهم القومي والديني من خطر حزب الله والحوثيين. وفي هذا السياق يبدو أن حزب الله على وجه الخصوص يشكل خطراً على الدولة العبرية أيضاً، وبسبب هذه الصدفة التي ليس للعرب ذنب أو يد فيها، يوجد تحالف معلن ومستور بين دولة نتانياهو وتجمع "معراخ" السعودية والخليج. أقسم ثلاثاً أن السعودية لم تقصد إلى بناء هذا التحالف، وليس ذنبها أن حزب الله يخلط الورق بمكر فيتظاهر بعداء "إسرائيل" لكي يحرجها ويظهرها في مظهر الذي لا يأبه لفلسطين، مع أن حكام المملكة لم يتوانوا في يوم من الأيام عن دعم الفلسطينيين بالكلام والمال على السواء.

هناك لحسن الحظ ما يشبه الإجماع في التعاطي مع احتلال أنصار الله لليمن. وهو ما يدفع المرء إلى تذكر أفكار ولوازم من قبيل صعوبة أن تجتمع الأمة على ضلال. وعلينا أن نلاحظ كيف أن دولاً مختلفة حجماً ولوناً وشكلاً من قبيل السعودية الوهابية، ومصر الليبرالية والسودان القريبة من الإخوان، وتونس النهضة، قد اجتمعت بدون أية أسباب واضحة على مقاومة الاحتلال الحوثي. بل إن المرء ليحار: حتى الولايات المتحدة التي كانت إجمالاً في صف الربيع العربي بدءاً بتونس مروراً بمصر وليبيا وصولاً إلى سوريا، انضمت هذه المرة إلى شرعية الدولة ضد العصابات المتمردة التي لم تعدها في صنف الثورات الربيعية العربية. الحقيقة واضحة جلية: إن أنصار الله يشكلون اعتداء على الاستقرار وعلى الشرعيات التي تستند إلى الديمقراطية الأمريكية والإسرائيلية والمصرية والتونسية التي لا تقبل أبداً بانتهاك شرعية رئيس منتخب ديمقراطياً يدعى عبد ربه منصور هادي (يا إلهي منصور وهادي، معاً؟ أليس ذلك كثيراً على رجل يتحدث العربية بالكاد؟). وهكذا وجد عرب النفط ومن يتضامن معهم لسبب أو لآخر أن ساعة الحرب قد أزفت بعد انتظار عقود وعقود لنداء فيروز الضائع في صحرائهم: "الآن الآن وليس غداً، أجراس العودة فلتقرع."

هناك، عذراً على تأخري في تذكر ذلك، وحدة فلسطينية واضحة (الحمد لله فقد اشتقنا لتلك الوحدة): لأول مرة منذ زمن بعيد جداً تتفق السلطة الفلسطينية وحركة حماس على موقف واحد. كلاهما يدعم شرعية الرئيس هادي، ويدعم حرب التحرير التي تشنها السعودية وحلفاؤها ضد الاحتلال الحوثي لليمن. آمل أنني مخطئ: ولكنني لم أسمع فصيلاً "يسارياً" واحداً يقول شيئاً مختلفاً. وإذا صح ذلك فإن علينا أن نشكر للرافضة فضلهم في توحيد الفصائل الفلسطينية التي لا أذكر منذ قرن من الزمان أنها اتفقت على شيء. ربما يعرف أبناء جلدتي في بلادي الصغيرة أن الاعتداء على امرأة في خربة من خرب بيت لحم أو الخليل يستدعي مئات البيانات والإعلانات في الصحف التي تصدر عن فصائل اليسار المحلي وما ينبثق عنه من منظمات قاعدية أو منظمات غير حكومية. طبعاً يمكن "للإخوان" في اليسار أن يوضحوا لنا أن تلك البيانات في الواقع لا تكلف شيئاً لأنها تدفع من أموال التمويل، وربما لا تكلف جهداً في كتابتها لأن خطاب البنك الدولي أصبح معروفاً وليس من الصعب على أحد أن يعيد الديباجة الخاصة بالديمقراطية، وحقوق المرأة، والجندر، والشفافية....الخ نرجو من القارئ/ة عدم التوهم بأننا نعد الاعتداء على أية امرأة أو رجل أو طفل أو شيخ شيئاً مقبولاً بأي حال من الأحوال، ولكن هذا بالطبع موضوع آخر.

علينا أن نشكر الرافضة لأنهم يرفضون وحدهم في هذا الزمن الذي تحولت فيه أمريكا في بلاد العرب إلى إله كلي القدرة والمعرفة، وتحولت فيه "إسرائيل" إلى زعيم الإقليم العربي بلا منازع. علينا أن نشكرهم لأنهم يرفضون الاستسلام للمشروع الصهيوني المدعوم أمريكياً والذي -بحسب نبوءة بيرس الشهيرة - أصبح الخليج ملحقاً صغيراً في كينونته العملاقة: لا جرم إن المال الخليجي يوظف، والعنصر البشري المصري يوظف بذلك المال في السلم والحرب، و"عقل إسرائيل" هو الذي يشرف ويخطط ويقود ويصدر الأوامر والتعليمات. لكن المسرحية لم تسدل ستاراتها بعد: لا بد من التخلص من الرافضة لكي يستقيم الأمر لسنة شمعون بيرس في الأرض، وهذا دونه شجاعة حلف المقاومة وذكائه وخبرته، وعلى رأسه حزب الله وسيد المقاومة. ولا بد من أن نشكرهم مرة أخرى على رفضهم، فإنهم يقومون بدور يخيل لنا أن بعض أهل اليسار كان يزعمه لنفسه في زمن سحيق مضى وانقضى، إذ أين نحن اليوم من "جبهة الرفض"؟ إن أحداً لا يجرؤ على أن ينبس ببنت شفة، ليس خوفاً من السجن والتعذيب والقتل، وإنما طمعاً في بعض المال الذي يأتي ببركات الانحياز للشرعية والديمقراطية وحقوق الإنسان بحسب الطبعة المعولمة التي يستثنى منها حق الفلسطيني في فلسطين وحق العربي في الاستقلال السياسي والاقتصادي على السواء.