الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الملك الذي دفن ثروته في غزة وغاب

2018-03-30 07:48:07 PM
الملك الذي دفن ثروته في غزة وغاب
رولا سرحان

 

تروي أسفار العهد القديم أن اليهود عندما أرادوا الدخول إلى فلسطين من ناحية غزة، لم يستطيعوا ذلك، لأن غزة ردتهم عنها، وعندما جمع النبي موسى بني اسرائيل ليخرجهم من مصر إلى "أرض الميعاد"، رفضوا أن يسلكوا الطريق التي هي من غزة، لأن فيها كما قالوا حينها "قوما جبارين"، فالمقولة هنا يختص بها أهل غزة، حينها سلك اليهود طريقا أخرى أدخلتهم "أرض الميعاد" عبر طرق آدوم وموآب.

ولم تدخل غزة تحت حكم بني إسرائيل إلا في عهد النبي سليمان، وكل ما يرد في التوراة إنما يشير إلى أن النزاع بين بني اسرائيل وأهل غزة ظل مستمرا، مرة يغلبونهم ومرة يُغلبون، ولم تكن الحال سلاما بينهم أبدا.

حتى شمشون الجبار، قهرته إمرأة من غزة، هي دليلة. فهد المعبد على رأسه ورأس الغزيين، ومن هنا جاءت مقولة "علي وعلى أعدائي".

فغزة لا تموت وحدها بل تميت من يريد قتلها.

غزة التي خضعت لحصار الإسكندر المقدوني، كانت في ذلك الوقت أعظم مدينة في سوريا على الإطلاق.

وكان الاسكندر، بعد أن انتصر على غزة، غاضبا على أهلها بسب عدم خضوعهم للحصار الذي فرضه عليها، وكانت رمية السهم التي اخترقت درعه ووصلت صدره قد زادت من غضبه عليهم، لكنه بعد أن دخل غزة وعرف قيمتها وأهميتها، عفا عنها وعن أهلها، وأمر ببناء بيوتهم، وجلب اليونانيين ليعيشوا ويتعايشوا معهم كما كانت عادة الغزاة في ذلك الحين.

أعادت غزة لنا اليوم حقنا في أن لا ننسى عودتنا، بعد أن ظل العالم والسياسيون يصرون أن الحل العادل يتمثل في نسيان العودة إلى مدننا وقرانا التي هجرنا منها. غزة خرجت لهم اليوم كجني القمقم تؤكد على الحق، لتظل معامل المعادلة التي ترفض أن تتغير لتحافظ على الثوابت والهوية.

فلا عجب أن تروي كتب التاريخ عن غزة أن ملكا من ملوك الفرس قد دفن فيها ثروته وغاب، وعندما عاد إليها وجد ثروته وكنزه فيها.

فغزة رفيقة التاريخ، تصنع التاريخ، وتحافظ عليه.