يعرف عن ليبرمان احتقاره الشديد للعرب وهو الذي بنى سيرته السياسية على كراهيتهم وتأجيج مشاعر العداء لهم وهذا لا يطال الفلسطينين في الضفة والقدس وغزة فقط بل يشمل فلسطيني الداخل الذين يتلذذ في شتمهم ونعتهم بأنهم طابور خامس وخطر على اسرائيل رغم انهم السكان الاصليين واصحاب البلاد وهو المستوطن الدخيل.
مسيرة العودة التي انطلقت اليوم حاربتها اسرائيل قبل انطلاقها وشنت عليها حرب نفسية وحملة تخويف وتضليل استشعارا منها بخطورتها والاهم اعلانها المضمر انها عاجزة عن مواجهتا والحد من تأثيرها.
مسيرة العودة أربكت اسرائيل في أكثر لحظاتها حماسة وتباهي بإنجازاتها واعادتها الى ارض الواقع:
ففي الوقت الذي يتباهى فيه نتنياهو بإنجازاته السياسية وفتوحاته الدبلوماسية في امريكيا اللاتينية والهند وافريقيا وعلاقاته العربية وقدرته على انتزاع اعتراف امريكي بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال وزف بشرى نقل السفارة اليها في ذكرى النكبة واخراجها من طاولة المفاوضات وتأزيم العلاقة بين السلطة والولايات المتحدة تأتي هذه المسيرة لتهدم قصر الاوهام الذي بناه نتنياهو وتعيد القضية الى مربعها الاول.
الجماهير لم تحرف بوصلتها ولا خضعت للحصار بل زحفت بعشرات الالاف نحو الجدار لتوصل رسالتها البليغة ان حقها بالعودة لا تنازل عنه وأنها متمسكة بكل شبر من ارضها والاهم انها قادرة على التصدي لكل المؤامرات ومحاولات طي صفحة القضية الفلسطينية.
اليأس الاسرائيلي امتزج بالمكر والدعاية الخبيثة وتجنب الانزلاق الى حرب استنزاف تقف الجماهير والحشود فيها في طرف امام جيش مدجج على الطرف الاخر في مشهد يدفع العالم الى العودة الى مفرداته الاصلية والاكثر تعبيرا عن الواقع (شعب ينشد حريته ويتحدى دولة محتله).
ليبرمان الذي استسهل الحديث من على منصات المعارضة عن حسم المعارك وتأديب العرب الذين لا يفهمون سوى لغة القوة وجد نفسه اليوم وهو يقف على رأس هرم الامن في اسرائيل مضطرا الى الحديث الى ذات العرب باللغة العربية وتخويفهم حينا والتوسل إليهم حينا اخر ان لا يعروه امام جمهوره الذي يعايره بماضيه الحافل بالوعيد.
ليبرمان عاجز ومذعور ويدعو في قراره نفسه ان يبتلع البحر غزة تماما كما فعل جنرالات قبله رفعوا الراية وأدركوا ان الخيار الوحيد الممكن هو الاعتراف والتسليم بحقوق شعبنا.