فن الكتابة بقلم: هند زيتوني

الكتابة هي لعبة ماكرة لا تتقنها إلا حين تشحذ سيف قلمك لتكسر روتين الحياة وتتربع على عرش الجنون.

هي تعويذة سترتديها وتعلقها في عنقك إذا ما صادقت الحزن وأصبحت تستنشق دخانه لتنفثه في سماء الدهشة.

دع شجرة روحك تتعرى وأطلق عصافير غربتك، لتتقاسمها حروف الأبجدية لهفةً لهفة .

عندها ستتحرر أناك لتهرب من جحيم الحياة، إلى فردوس الخيال.

احذر ثعالب الأرض فما زالوا ينهشون كروم البسطاء.

كل الذين مارسوا طقوس الكتابة هربوا من قبورهم ونبشوا تراب الملل، ليسكنوا تحت ظلال الكلمات الوارفة وخرير الحروف الذي يَصْب في آذان بحورهم.

وجدوا أنفسهم وقرروا أن يطفوا على وجه الصفحات بعد أن غرقوا

بحيرات المعاناة.

عندما نكتب نصبح أقل قساوة من الحديد، وأرق من الماء، وأنقى من الغيوم، وأخف من أجنحة الفراشات.

لأننا نخلع ثوب الحياة المتسخ ....

لنرتدي ثوب الحرية المضرج بالدموع.

ننتصر على ذاتنا وعلى أكاذيب الحياة، وقوانينها التي وضعها ثلةٌ

من المشعوذين والسحرة الذين يؤمنون بالعيش المؤقت والفرح المؤقت والموت المؤقت، لأن الكتابة حياة دائمة وفرح دائم وانتصار دائم، اخلع ثوب الحياة المرّتق، وأرتدي ثوب الكتابة الذي لا يهترئ لتتقن صناعة الانتحار في محيط المعاني.

تعطّر بالحروف فعطرها لا يزول حتى ولو غسلها المطر مئات المرات.