قبل مسيرة العودة بأسبوع، نشرت القناة العبرية الثانية، استراتيجية جيش الاحتلال ومخابرات الاحتلال، في مواجهة فعاليات مسيرة العودة، وتحت بند العمل الاستخبارتي لإفشال المسيرة، قالت القناة أن المخابرات الإسرائيلية ستقوم ببث رسائل تحذيرية للمتظاهرين، وستحاول التأثير عيلهم من شبكات التواصل الإجتماعي.
ومن المعروف إن أهم وسائل الدعاية لدى المخابرات الإسرائيلية في إحباط أي حالة وطنية، هو التشكيك في صدقية الحالة وفي دوافعها وفي القائمين عليها، وهو ما لوحظ بشكل مكثف اليوم على وسائل التواصل الإجتماعي، وما لاحظناه نحن تحديدا في صحيفة الحدث خلال تغطينا لفعاليات المسيرة من خلال البث الحي والمباشر، ومن خلال تعليق الكثير من الحسابات، التي يمكن لأي متصفح لها أن يكتشف أنها وهمية بشكل سريع وبدون تدقيق كبير.
وتجد أيضا، أن بعض الحسابات حاولت تخويف المتظاهرين، وحاولت ردعهم، وهو أسلوب كشفت عنه القناة العبرية الثانية من ضمن ما كشفت عنه من الوسائل النفسية التي ستستخدمها المخابرات الإسرائيلية خلال مسيرة العودة. فقد حملت بعض التعليقات رموز لأكفان، بينما حملت تعليقات أخرى، تهديدات مبطنة للمتظاهرين.
بعض التعليقات هاجمت المصورين انفسهم، والصحفيين الذين يقومون بتغطية أحداث المسيرة، ويبدو في التعليقات محاولة تشكيك المراسل الصحفي بالجهة الإعلامية المسؤولة عنه، وأيصا بالدور الذي يقوم به.
وتظهر تعليقات أخرى، طرحا أكثر جذرية، من مناقشة المسيرة كمسيرة، إلى درجة التشكيك بالقضية الوطنية ككل، والتشكيك بأحقية الفلسطيني بأرضه، وأحقيته بالوجود، من خلال الاستدلال المبرمج والموجه بالأديان والتاريخ، بطريقة فضافضة وتشكيكية.
ولوحظ أيضا كما من التعليقات، تحاول الإزدراء من الفلسطيني المنتفض، والتقليل من شأنه، ووصمه بالجهل والتخلف، وحاولت هذه التعليقات في المقابل الإعلاء من شأن الجندي الإسرائيلي، والمؤسسة الإسرائيلية، وإجراء مقارنات غير متماثلة وخادعة بين الواقع الفلسطيني والإسرائيلي.
هذا ليس بالأسلوب الجديد على المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، من بث لروح الإحباط والإشاعة والتمركز خلف الشعارات "الحضارية" و"الإنسانية"، وما قبل عصر وسائل التواصل الإجتماعي كانت المخابرات الإسرائيلية تحاول ملئ المجال العام بالقضايا والعبارات من خلال كادرها البشري (العملاء)، واليوم لا تختلف الصورة كثيرا، كل تعليق من هذه التعليقات هو وجه من وجوه رسالة المخابرات الإسرائيلية. ولكن ورغم كل هذه الأساليب الأمنية النفسية، واصل الآلاف مشاركتهم في مسيرة العودة ما شكّل نوعا من الفشل للأساليب الإسرائيلية.