الخميس  28 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

محمد بن سلمان بين الخيانة ووجهة النظر/ بقلم: ناجح شاهين

محمد بين إسرائيل واليمن

2018-04-03 01:03:38 PM
محمد بن سلمان بين الخيانة ووجهة النظر/ بقلم: ناجح شاهين
ناجح شاهين

 

جندي سوداني من قوات "التحالف العربي"(اقرأ:السعودي) يغتصب فتاة يمنية. لست مستغرباً، فهي من الغنائم والسبايا في عرف هذا الجندي الجائع للخبز والجنس على السواء. ولن أستغرب إن اتضح أن المجرم/المسكين يظن نفسه في تل أبيب يقاتل من أجل فلسطين في إطار حرب عربية/إسلامية لتحريرها.

عموماً محمد بن سلمان حدد معسكر الأعداء: إنه إيران، والإخوان والقاعدة. وهذا يشمل حزب الله وأنصار الله وحماس وقطر وتركيا، وربما عمان والكويت أيضاً. اما معسكر الأصدقاء فهو الإمارات والبحرين والولايات المتحدة وإسرائيل. بعد ذلك تتراوح الدول في مستوى علاقاتها مع مملكة ابن سلمان الممثل الشرعي والوحيد للخير التاريخي والمطلق على حد سواء.

يتضح الان أن مملكة آل سعود القروسطية ليست وهابية، وإنما هي مملكة ليبرالية ديمقراطية نهلت فكرها من منابع جون لوك وجون ستيورات مل وهربرت سبنسر وتوكفيل والماغناكارتا وبرتراند راسل وجون رولز...الخ مخطئ من يظن أن هذه البلاد العلمانية حتى النخاع ومهد حقوق الإنسان بلاد عربية أو إسلامية. قد تحوي على نحو غامض بعض المسلمين السنة والشيعة. ولكنها بالتأكيد لا تعرف شيئاً عن ابن تيمية أو محمد بن عبد الوهاب أو ابن باز. وأخشى أنها لا تعرف شيئاً عن محمد بن عبد الله، وربما تنكر –إن لزم الأمر- وجوده في مكة أو يثرب أو أي بقعة من أرض الحجاز.

يتقدم محمد بن سلمان بثبات باتجاه أحبته في واشنطون وتل أبيب: ما هو الشر السياسي المطلق من الأزل إلى الأبد؟ إنه بالطبع هتلر صاحب المحرقة الشهيرة بحق اليهود التي لم يحدث اي شيء مثلها في العوالم الواقعية والمتخيلة!

ماذا؟ هل قتل جورج بوش من العراقيين أعداداً أكبر؟ وعلى نفقة السعودية بالذات؟

هل أباد الأنجلوساكسون قارة أمريكا الشمالية كلها بجهود مشتركة مع سلفهم كولومبوس؟

هل قتلوا عشرات الملايين من الأفارقة من أجل استعباد مليونين منهم بغرض استخدامهم في زراعة القارة التي ابادوها؟

لا يهم ذلك أبداً: المهم أن إسرائيل وأمريكا على وجه خصوص يعتقدان أن هتلر هو الشر مجسداً في إنسان. الشيطان استقال وسلم زعامة الشر لهتلر. من هنا جاء حذق محمد بن سلمان في تشبيه مرشد إيران بهتلر، وصولاً إلى القول إن هتلر أهون شراً منه. وفي السياق ذاته ينهطل مطر اللبرالية من غيوم ابن سلمان ليصل جانب من الحب إلى المرأة، إذ يتضح أخيراً أن "الإسلام" لا يطلب مرافقاً "محرماً" عند سفر المرأة، ولا يمنعها من شيء من حقوقها التي يكفلها الدستور الأمريكي وأدبيات النسوية الأولى والثانية وصولاً إلى ما بعد النسوية وحقوق المثليين. لن أتفاجأ مطلقاً إن اتضح أن محمد بن سلمان يتواصل مع جوديث بتلر إحدى زعامات "ما بعد النسوية" لكي تحدد له خريطة "الطريق" الخاصة بالحريات الجنسية في المملكة السعودية التي ستقفز من العصور الوسطى إلى ما بعد الحداثة الباريسية في آخر طبعاتها.

من ضمن ذلك يشن الأمير حملة على الفساد بغرض تحويل المملكة إلى دولة قانون مثل أمريكا وإسرائيل. لكن من الواضح أنه لا يعاني مثل حبيبه نتانياهو في قضايا الأموال وإساءة استخدام السلطة والنفوذ. عندما سألته مراسلة تلفزيونية عن مشترياته الباذخة بما فيها ياخت بنصف مليار دولار قال إن هذه حياته الشخصية. لا يحق لأحد أن يسأل محمد الشاب الصغير كيف حقق هذا الثراء وهو في مقتبل العمر. في رده على نورا أودونل من سي بي اس قال حرفياً:

 “My personal life is something I’d like to keep to myself and I don’t try to draw attention to it. … As far as my private expenses, I’m a rich person and not a poor person. I’m not Gandhi or Mandela"

وفي لقائه منذ يومين مع جيفري جولدبيرغ، يتوسع ولي العهد السعودي في طرح رؤاه لدوره ودور مملكته، بما في ذلك انفتاحها التام على ديمقراطية الشرق الأوسط اليتيمة دولة إسرائيل التي يعترف لها بالحق كله في العيش بسلام في قلب المنطقة.

من السهل أن يخدع البعض نفسه بتوهم أن الأمير الشاب يريد تغيير السعودية باتجاه التحديث والتقدم، والصحيح أن الرجل يواصل مسيرة قديمة بدأها الجد "الموسس" عبد العزيز الذي فعل كل ما يجب من أجل الحصول على الرضا والقبول في دوائر الدول الاستعمارية. محمد بن سلمان مجرد "تصويب" للمسيرة السعودية باتجاه التوافق مع متطلبات المستعمر المهيمن في أحدث طبعاتها وهي في هذه اللحظة تخضع لهيمنة صريحة من واشنطون وتل أبيب، أو هذا على الأقل ما يظنه الأمير السائح منذ أسابيع في ملكوت "الربة" أمريكا. في هذا الاتجاه لن يتردد ابن سلمان في فعل أي شيء، أي شيء من أجل تكريس دوره ودور أسرته و "دولته" حتى لو كلفه الأمر شن حرب بالشراكة مع إسرائيل قطاع غزة وبيروت الغربية ودمشق وبغداد وطهران. لا يمكن أن نصف ابن سلمان بالعميل، ذلك أن العميل يمتلك حداً من الانتماء لبني وطنه وأمته الذين يخونهم، أما محمد بن سلمان فقد قطع شوطاً يستحق معه أن يوضع على رأس قائمة الأعداء لا فرق بينه وبين أصدقائه في الدولة العبرية بأي شكل من الأشكال.