الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

أين القطاع الخاص من مبادرة القطاع الخاص الفلسطيني للاستثمار؟

2014-06-10 00:00:00
أين القطاع الخاص من مبادرة القطاع الخاص الفلسطيني للاستثمار؟
صورة ارشيفية

د. ماهر تيسير الطباع-خبير ومحلل اقتصادي

كان الله في عون الاقتصاد الفلسطيني، الجميع يعكف على وضع الحلول والخطط والمبادرات والدراسات من جهة، وآخرون ينادون بالمؤتمرات الاستثمارية من جهة أخرى، ويبقي الحال على ما هو عليه دون أي تقدم أو إنجاز، بل بالعكس نعود للخلف، حيث أن الاقتصاد الفلسطيني في أسوأ حالاته، انكماش في معدلات النمو، تراكم في الديون، عجز في الموازنات، ارتفاع في معدلات البطالة والفقر نتيجة لانخفاض الإنتاجية في كافة الأنشطة الاقتصادية، غلاء في المعيشة غير المسبوق.

بعد خطة كيرى الاقتصادية السحرية، ومبادرة اللجنة الرباعية، نشرت صحيفة «الحدث الفلسطيني» في عددها الصادر بتاريخ 27/5/2014 ما يسمى بمبادرة القطاع الخاص الفلسطيني للاستثمار والنمو والتوظيف، وقبل الخوض في قراءة وتحليل ما جاء في تلك المبادرة، هناك العديد من التساؤلات التى تتطلب إجابات واضحة من المسؤولين عن تلك المبادرة، وأهمها: 

من الذي أعد تلك المبادرة بمساعدة مؤسسة بورتلاند ترست، ومن هي تلك المؤسسة، وما هي أهدافها، ومن هي اللجنة التنسيقية المذكورة في المبادرة؟

هل تم عقد أي اجتماعات أو ورش عمل للقطاع الخاص الفلسطيني على مستوى محافظات الوطن للخروج بتلك المبادرة وتسميتها مبادرة القطاع الخاص؟

أين دور القطاع الخاص في محافظات غزة من تلك المبادرة؟ أم أن القطاع الخاص يقتصر فقط على الضفة الغربية؟

حسب ما تم ذكره في المبادرة، بأنه تم تحديد أكثر من 50 مشروعاً عبر القطاعات الخمسة المختارة كمشاريع محفزة للنمو، من الذي حدد هذه المشاريع، وبناء على أي معايير تم تحديدها، وما هو نصيب قطاع غزة من تلك المشاريع؟

للأسف الشديد، وبعد قراءة عميقة في المبادرة، تجد العديد من التناقضات بين خطة كيري الاقتصادية والمبادرة، وهذا يدل على عدم التنسيق حتى في إعداد المبادرات والخطط الورقية، وسوف أتناول بعض التناقضات الهامة بين خطة كيري الاقتصادية، وبين مبادرة القطاع الخاص الفلسطينيى للاستثمار والنمو والتوظيف.

معدلات البطالة 

من أهم التحديدات التى ذكرت في المبادرة، نسبة البطالة، والتى بلغت في عام 2012 حين إعداد المبادرة، ما يقارب 23% وحسب المبادرة، ستكون هناك حاجة لخلق مليون وظيفة جديدة للتقليل من نسبة البطالة، والوصول بها إلى 10% بحلول عام 2030 أي بعد 16 عاماً.

وتحدثت خطة كيري عن خفض معدلات البطالة للوصول إلى 8% عن طريق خلق أكثر من 330 ألف فرصة عمل خلال ثلاث سنوات، علماً بأن عدد العاطلين عن العمل 301,200 شخص في الربع الرابع لعام 2013 ومعدل البطالة في فلسطين 25.2%، حيث بلغ معدل البطالة في الضفة الغربية 18.2% وبلغ عدد العاطلين عن العمل 600 ,141 شخصاً، وفي قطاع غزة 38.5% وبلغ عدد العاطلين عن العمل 159,600 شخصاً.

وارتفعت معدلات البطالة في فلسطين، حيث وصلت إلى 26.2% إذ بلغ عدد العاطلين عن العمل 328 ألف شخص في فلسطين خلال الربع الأول لعام 2014، منهم حوالي 147,800 في الضفة الغربية، وحوالي 180 ألف في قطاع غزة، ولا يزال التفاوت كبيراً في معدل البطالة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث بلغ المعدل 40.8% في قطاع غزة، مقابل 18.2% في الضفة الغربية، وسجلت الفئة العمرية 20- 24 سنة أعلى معدلات للبطالة، حيث بلغت 43% في الربع الأول لعام 2014، وأصبحت تلك المعدلات تتناقض مع ما بنيت عليه المبادرات والخطط الاقتصادية.

القطاعات الاقتصادية

تجاهلت مبادرة القطاع الخاص القطاع الصناعي، وكأنه لا يمت بصلة للقطاع الخاص، على الرغم من أن النشاط الصناعي يشكل 12% من إجمالى الناتج المحلى، ويشغل ما نسبته 10% من المشاركين في القوى العاملة في فلسطين، وتم إعطاء الأولوية لخمسة قطاعات كأركان أساسية لخطة عمل القطاع الخاص وهي: الزراعة، تكنولوجيا المعلومات والمشاريع الرقمية، السياحة، البناء، الطاقة. بينما استهدفت خطة كيري الاقتصادية القطاعات الاقتصادية الفلسطينية الاستراتيجية والحيوية، وهى ثماني قطاعات: «المياه، الطاقة، السياحة، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الزراعة، الصناعات الخفيفة، المقاولات والبناء، مواد البناء». 

وبالرغم من اختيار مبادرة القطاع الخاص لقطاع الزراعة، إلا أنها لم تذكر أي شئ فيما يتعلق بالمياه، والتى تعتبر أساس الزراعة، كما أنها أحد أهم وأخطر المشاكل التى تواجهنا في فلسطين نتيجة استيلاء وسيطرة إسرائيل على مصادرها.

أصبحت الخطط الاقتصادية والمبادرات على طريقة التسوق، حيث أنه تم طرح ما يزيد عن أربع خطط اقتصادية خلال السنوات الأخيرة، استهلكت أموالاً ومجهوداً، ولم يطبق منها شيء على أرض الواقع، وبقيت حبراً على ورق، لأنها جميعاً كانت مرهونة بالتطورات السياسية مع الجانب الإسرائيلي.

ومن الملاحظ أن كافة الخطط والمبادرات الاقتصادية لم تتحدث، لا من قريب ولا من بعيد، عن دعم وتنمية المشاريع الصغيرة والمبادرات الفردية الريادية، بالرغم من أنها نهضت بالكثير من الاقتصاديات العالمية في الدول النامية، وتتناسب مع واقع الاقتصاد الفلسطيني.

والمطلوب الآن، هو البدء بالعمل الجاد على أرض الواقع، لإحداث تغير جذري في واقع الاقتصاد الفلسطيني، وكفانا خططاً ومبادرات ومؤتمرات وورش عمل واستراتيجيات.

 

أما بالنسبة لمؤتمرات الاستثمار، أقولها للمرة المليون، بأنه قبل التفكير في الاستثمارات الخارجية وعقد المؤتمرات، يجب دعم الاستثمارات المحلية القائمة، وتشجيعها للنمو والتطور لتساهم في إعادة بناء الثقة لدي المستثمرين من الخارج.