الحدث الإسرائيلي
قال المراسل العسكري لموقع ويللا الإخباري أمير بوخبوط، إن الجيش الإسرائيلي بات يخشى من إمكانية استغلال المنظمات الفلسطينية لهذه المظاهرات بتنفيذ عمليات مسلحة، بإتاحة المجال لتسلل المسلحين، ولذلك لجأ لتعزيز قواته العسكرية.
وأضاف أن هناك مخاوف إسرائيلية من استخدام الفلسطينيين لوسائل جديدة من شأنها وضع المزيد من الصعوبات أمام الجنود، مما دفعه لاستقدام معدات عسكرية كبيرة تشمل دبابات ووسائل قتالية أرضية وجوية إضافية، فضلا عن تكثيف عمل القناصة والطائرات الاستطلاعية، التي تتولى مهمة جمع المعلومات عما يحصل في الجانب الفلسطيني من الحدود.
وختم بالقول: يبذل الجيش الإسرائيلي جهودا في الساحة الإعلامية والدعائية، وقد قرر المستوى السياسي ترك هذا الملف له يديره بالطريقة التي يراها مناسبة، وتجلى ذلك في التعامل مع وسائل الإعلام العالمية، والتواصل مع الدبلوماسيين ومنظمات حقوق الإنسان، بهدف نقل الموقف الإسرائيلي ومنع الرواية الفلسطينية من السيطرة على هذه المؤسسات.
الجنرال تسفيكا فوغل القائد السابق للمنطقة الجنوبية بالجيش الإسرائيلي، قال إن الفلسطينيين استعاضوا عن استراتيجية القذائف والأنفاق، واتجهوا إلى طريقة جديدة، من خلال إدارة حرب على الوعي العالمي.
وأضاف في مقاله بصحيفة "إسرائيل اليوم"، أنه في حال تم استدراج إسرائيل لأخطاء ميدانية، فستثير على نفسها ضجة إعلامية عالمية، وقد تجد نفسها بمواجهة انتفاضة عنيفة في الضفة الغربية.
وأبدى فوغل عدم يقينه بأن تتوقف الأوضاع عند هذا المستوى من التصعيد حتى الأسبوع القادم، فألسنة الدخان التي خرجت مع إطارات السيارات، قد تتحول بين ساعة وأخرى إلى نيران قاتلة.
ألون بن دافيد الخبير العسكري الإسرائيلي في القناة العاشرة، قال إن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يأمل أن يبادر الجيش لحل مشكلة غزة، دون أن يضطر لاتخاذ قرار بشأنها، يتحمل مسؤولياته وتوابعه، لأنه في حال تم سؤاله عما يريد تحقيقه من أهداف من أي حرب متوقعة على غزة، فلن تجد جوابا واضحا، لأنه لا يريد إعادة احتلالها من جديد.
وأضاف بن دافيد بتحليله على صحيفة معاريف، أن انعدام لغة الحسم عند نتنياهو، جعلتنا ننجر إلى حرب مخجلة مدتها خمسون يوما أمام حماس في غزة في 2014، وربما نجد أنفسنا أمام حرب جديدة قريبا.
وحذر الكاتب من الاستهانة بتبعات المسيرات الحاصلة حاليا على حدود غزة، فقد خرج الفلسطينيون منها متشجعين متحفزين، بعد أن لفتوا أنظار العالم إليهم، واليوم يريدون مواصلتها، والاستمرار بها، ما يعني أننا ندخل مرحلة تزداد فيها فرص المواجهة العسكرية، ولعل نتنياهو يأمل أن يخلصه الجيش من هذه الورطة دون اضطراره لاتخاذ قرارات حاسمة.
يوآف ليمور المحلل العسكري بصحيفة "إسرائيل اليوم" قال إن المسيرات الفلسطينية على حدود غزة نجحت في استنزاف نصف الجيش الإسرائيلي قرب القطاع، وهي الساحة العسكرية الأقل راحة بالنسبة لنا، مما يقرب ساعة الامتحان الكبرى أمامنا، في ظل نجاح الفلسطينيين في تسليط الأضواء مجددا على قضيتهم، بعد أن طواها النسيان وأصابها الذبول لفترة طويلة، رغم ما يحمله ذلك من فرص جدية بالتصعيد العسكري.
وأضاف في مقاله أن الفلسطينيين نجحوا للأسبوع الثاني على التوالي في إشغال الجيش الإسرائيلي، ولئن أخفقوا في اجتياز السياج الفاصل عمليا، لكن المسألة باتت تراودهم فعليا من ناحية الوعي والتفكير، وبعد أن تجاهل المجتمع الدولي لفترة من الزمن القضية الفلسطينية، فها هي تعود بقوة وحيوية.
وأكد أن الفلسطينيين بصدد أن يستمروا في مظاهراتهم هذه، والأخطر أنهم يستدرجون الجيش لساحة غزة، لا لكي يخوض مواجهة عسكرية يرى نفسه صاحب الأفضلية فيها على الفلسطينيين، وإنما في مواجهة مدنيين، وهي معركة يكون فيها التفوق المعنوي للمتظاهر الفلسطيني على حساب الجندي الإسرائيلي.
وأوضح أن إسرائيل باتت أمام صداع مزمن في الرأس، والجيش قد لا يقبل بأن يبقى في حالة تعامل شبه يومي مع مثل هذه الأحداث، لأن غزة ليست قرية بلعين أو نعلين، ومستوى الخطر الذي قد يأتي منها مختلفة تماما عنهما، مما يعني أن يعزز الجيش لمزيد من قواته العسكرية على حدود القطاع، وقد يكون ذلك على حساب جبهات أخرى وتدريبات معدة مسبقا.
وفي النهاية قد نجد أنفسنا أمام فشل استراتيجي لإسرائيل في مواجهة هذه المظاهرات والمسيرات، لأن العالم يراقب وبتابع، وصور القتلى والجرحى الفلسطينيين تملأ شاشات التلفزة، وهذا يتطلب من إسرائيل إعادة تغيير طريقة عملها في حسم صراعها إزاء غزة، كي لا ينجح الفلسطينيون في استجلاب حلول دولية لمشاكلهم في القطاع تفرض فرضا على إسرائيل.
أضاف أن الغريب أن إسرائيل تمتنع حتى الآن عن الذهاب لحلول حاسمة ذات طبيعة استراتيجية، رغم أن المواجهة العسكرية الواسعة في القطاع قد تندلع في أي لحظة، وربما تحصل في أي من أيام الجمعة القادمة، لأن غزة تجلس على فوهة بركان، ولا تحتاج أكثر من عود ثقاب لاشتعال الوضع فيها.
المصدر: عربي 21