السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في ظل غياب عملة وطنية موحدة الشيكل.. الدينار.. والدولار.. ثلاث عملات في فلسطين تُفقد سلطة النقد مقومات التأثير

2014-06-10 00:00:00
في ظل غياب عملة وطنية موحدة
الشيكل.. الدينار.. والدولار.. ثلاث عملات في فلسطين تُفقد سلطة النقد مقومات التأثير
صورة ارشيفية

رام الله- عبير إسماعيل

شيكل.. دينار.. دولار،  ارتفعت أصوات الصرافين قرب البنك العربي منتظرين التقاط زبائنهم بشغف كبير في مشهد تختلط فيه الأوضاع المادية القاسية، مع غياب العملة الوطنية الموحدة التي تشير إلى السيادة الفلسطينية على الأرض.

ثلاث عملات أجنبية مختلفة، هي الأبرز في التداول المصرفي الرسمي والشعبي، تضع السؤال الكبير أمام الاقتصاد الفلسطيني والتحديات التي يمر بها، متى ستصدر العملة الوطنية الفلسطينية؟ وهل صدروها سيضع حداً لكثير من المشكلات الاقتصادية التي تواجه الاقتصاد الفلسطيني الناشئ؟ وماهي التحديات التي تقف أمام إصدار العملة الوطنية في هذا الواقع الصعب؟

يكاد يتفق جميع الاقتصاديين على أهمية العملة الواحدة، لكنهم يختلفون ربما في توقيت إصدارها وتأثيره على الاقتصاد الفلسطيني، ومع كل سؤال جديد عن العملة الوطنية يبرز الاحتلال الإسرائيلي الذي يتحكم في الاقتصاد الفلسطيني، ويجعله تابعاً له دائراً في فلكه مستحوذاً على خيراته.

ويتحدث المحلل الاقتصادي الدكتور معين رجب عن تاريخ استخدام العملات الثلاث وهو راجع في أصله إلى برتوكول باريس الاقتصادي الموقع عام 1994 بين منظمة التحرير الفلسطينية والجانب الإسرائيلي، الذي عالج ضمن فقراته المسائل النقدية المتعلقة في تنظيم النشاط النقدي والمصرفي وبموجبه التزمت السلطة الوطنية الفلسطينية بقبول الشيكل الإسرائيلي في التعامل على المستويات الرسمية وغير الرسمية. 

وأضاف: «يأتي استخدام الدولار الأمريكي باعتبار أن الفلسطينيين يعتمدون على الدول المانحة في المقام الأول إلى جانب تعاملهم مع المؤسسات المالية والنقدية الدولية، كالبنك الدولي للإنشاء والتعمير وصندوق النقد الدولي، لاعتبار الدولار الأمريكي أهم عملة دولية منذ الحرب العالمية الثانية لغاية الوقت الحالي، مؤكداً أن التعامل بالدينار الأردني جاء لأن الضفة الغربية كانت جزءاً من المملكة الأردنية الهاشمية، ومن ثم فإن الدينار كان العملة المستخدمة حتى الآن.

ولفت رجب إلى أنه في ظل غياب عملة وطنية واستخدام عدة عملات بديلة فإن السلطة الفلسطينية ممثلة بسلطة النقد تصبح عاجزة عن التأثير في العملات الأخرى غير الوطنية، فهي لا تملك أية مقومات للتأثير على الشيكل الإسرائيلي باعتبار أن إسرائيل هي المنوط بوضع السياسة النقدية، ومن ثم تحديد أسعار صرف العملات مقابل العملات الأخرى، مشيراً إلى أن كل ما يطرأ من تقلبات في أسعار صرف هذه العملات وفي تحديد الكميات المعروضة منها في السوق الفلسطيني، يبقي خارج إرادة سلطة النقد الفلسطينية، الأمر الذى نعيشه بشكل جلي.

وبين رجب أن يكون هناك فئة رابحة وفئة أخرى خاسرة فهو نتيجة تغيير أسعار صرف العملات التي  تنعكس على المتعاملين بها سلباً أو إيجاباً، موضحاً أن الارتفاع في أسعار صرف الدولار الأمريكي يضر بالمستوردين والتجار والمستهلكين، لأنه ينتج عن ارتفاع في أسعار الصرف.

وأضاف: «إن ارتفاع أسعار صرف الدولار يضر بالموظفين الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار الأمريكي حين يرغبون بتحويل جزء منها إلى الشيكل، إضافة إلى العقود (الإيجارات)، فهناك من يتضرر وهناك من يستفيد حيث أن آثارها تمتد إلى كافة فئات المجتمع، وغالباً ما تكون الأضرار أكثر من المزايا.

من جهة أخرى، اعتبر المحلل الاقتصادي سمير أبو مدللة: «أن القطاع النقدي الفلسطيني من أكثر القطاعات تضرراً نتيجة الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة، وما نتج عنه من قرارات وسياسات أدت بالنتيجة إلى إغلاق جميع البنوك العربية لتحل محلها البنوك الإسرائيلية، وحلت العملة الإسرائيلية كعملة قانونية، إضافة إلى العملة الأردنية، مؤكداً أن هذا الواقع أدى إلى تدمير البنية التحتية للقطاع النقدي والمصرفي في فلسطين، واستمر هذا الوضع حتى سمح لبنك فلسطين بإعادة افتتاح فروعه في قطاع غزة عام 1981، ولبنك القاهرة عمان بإعادة افتتاح فروعه في الضفة الغربية عام 1986، ومع بدايات الانتفاضة الأولى عام 1987 أغلقت البنوك الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة أبوابها، ليصبح الاعتماد في التعامل المصرفي على بنك فلسطين وبنك القاهرة عمان.

ولفت أبو مدللة إلى وجود ثلاث عملات رئيسية يتم تداولها في فلسطين، هي: الشيكل الإسرائيلي، والدينار الأردني والدولار الأمريكي، منوهاً إلى أن استخدام العملات الأجنبية في التداول له آثار سلبية على الاقتصاد الفلسطيني، وتتحدد هذه الآثار بحسب نوعية العملات المستخدمة في الاقتصاد، من أهمها أن استخدام العملات الأجنبية في التداول يجعل الاقتصاد الوطني عرضة لسياسات أسعار الصرف المتبعة في الأردن وإسرائيل، فالتجارة الفلسطينية تكون عرضة لسياسات أسعار الصرف الإسرائيلية والأردنية، كما تؤثر هذه السياسات على معدلات التضخم.

ونوه إلى أن التغيير في أسعار صرف العملات يسبب مشاكل في الشارع الفلسطيني لدى المواطن،  فالانخفاض المستمر في قيمة الشيكل الإسرائيلي وبمعدلات عالية يتسبب في انخفاض القوة الشرائية للمواطنين، أما تدهور الدينار الأردني نتيجة فك ارتباط الضفة الغربية عن الأردن عام 1988 فقد أفقد الناس ما يعادل نصف مدخراتهم المتراكمة.

وذكر أن فلسطين قد عانت وما زالت تعاني من غياب المميزات المرتبطة بوجود النقد الوطني والسياسة النقدية المستقلة، ومن السياسات النقدية وأسعار الصرف لدول الأصل، فالتضخم وتشوه الأسعار النسبية وسوء توزيع المصادر الاقتصادية وارتفاع مخاطر النشاط الاقتصادي، وانخفاض القوة الشرائية لمدخرات الناس، والصدمات الأخرى المستوردة، هي بعض ملامح استخدام عملات أجنبية في التداول، مشيراً إلى أن السياسات النقدية التي تم تصميمها لخدمة اقتصادات دول الأصل، قد أثرت بشكل سلبي على الاقتصاد الفلسطيني، ولم يوازيها تعويضات مقابلة.

بينما تراوحت آراء المواطنين بين من يتأثر ومن لا يتأثر بتعدد العملات في فلسطين. 

يقول أبو أحمد اللولو، تاجر ذهب، أن أسعار الذهب تتأثر كثيراً بسعر الدولار، مشيراً إلى أنه إذا ارتفع سعر أحدها، انخفض سعر الآخر.

 

بينما قال طارق حماد، تاجر سيارات: «إن انخفاض الدولار أو ارتفاعه لا يؤثر على سعر السيارات، لأني كتاجر لا أرضى الخسارة، وأبقى متمسكاً بالسعر».