إسرائيل و إيران دولتان خصمان في منطقة الشرق الأوسط، فمنذ قيام الجمهورية الإسلامية في إيران عام 1979م، قطعت العلاقات بين الدولتين وأصبحتا في حالة عداء علني وتنافس إقليمي، رغم أن مصالحهما تقاطعت في بعض المواقع، حيث أن الدولتين استفادتا من سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين، وكانتا تكنان وتعلنان له العداء، بعد أن اعتبرهما الرئيس الأسبق خطرا على وحدة العراق واستقراره وعلى فكره القومي، رغم أن دور الدولتين لم يكن ظاهرا أو مؤثرا بشكل واضح في عملية سقوطه، ولكن دورهما وتدخلهما أصبح جلياً في فترة ما بعد سقوط بغداد وخصوصا إيرانيا.
مما لفت نظري هو الاستطلاع التي أجرته مؤسسة Ipsos MORI البريطانية و مقرها العاصمة لندن، والتي تعتبر ثاني أكبر مؤسسة لاستطلاعات الرأي في المملكة المتحدة، حول الدول التي يعتقد المستطلعين أن لها تأثيرا إيجابيا على الشؤون الدولية لعام 2017، حيث تصدرت دول مثل كندا، استراليا وألمانيا القائمة بنسب وصلت إلى 81% لكندا و 67%لألمانيا، بينما تذيلت القائمة دولتان هما إيران وإسرائيل، ونالت أميركا نسبة 40%كمؤثر إيجابي على الشؤون الدولية.
إن التفكير في الأسباب التي دفعت الناس لهذا الاختيار، قد تكون غير مفهومة للبعض، ولكن يمكن من خلال بعض التفكير
والحقائق الوصول إلى بعض الفهم لهذه النتيجة.
إيران هي دوله دينيه، ويقوم دستورها وتشريعاتها ونظام الحكم فيها على الدين، ويمارس فيها رجال الدين السلطة ضمن نظام ولاية الفقيه وانتخابات بسقف مجلس تشخيص مصلحة النظام، وهذا النظام يتنافى مع فهم الأغلبية في العالم المعاصر للديمقراطية والتعددية، كما أن المجتمع الإيراني أصبح مجتمعا غامضا بالنسبة للأغلبية في الغرب، نتيجة الصعوبات في نقل الأحداث، والتشديد على حرية الصحافة والعقوبات الاقتصادية، وعدم الحصول على التأشيرات، ولا يمكن أن نغفل ظاهرة الإسلاموفوبيا خلال العقدين الماضيين؛ والتي ساهمت بشكل كبير في إعطاء صورة سلبيه عن الإسلام بشكل عام والإسلام السياسي بشكل خاص، كما أن العلاقات المتوترة لإيران مع الدول الغربية ووضعها في ما يسمى محور الشر في الإعلام الغربي وتدخلاتها العابرة للحدود في المنطقة قد ساهمت في تكون تلك الفكرة السلبية.
أما بالنسبة لإسرائيل؛ فرغم أنها دوله متقدمه اقتصاديا وتمارس تداول السلطة عبر صناديق الاقتراع، ورغم الدعم غير المحدود لها من قبل الإدارات الأمريكية المتعاقبة ومختلف مؤسسات الحكم في أمريكا كمجلسي الشيوخ والنواب، ومجموعة القوانين التي تصدر وتربط بشكل أو بآخر أي انتقاد لسياسات إسرائيل بمعاداة السامية، والنفوذ المؤثر لداعمي إسرائيل في الإعلام الأمريكي والأوروبي؛ فإن صورتها كدولة محتله منذ أكثر من 50 عاما، تمارس الاحتلال العسكري المباشر وتسيطر بالقوة العسكرية على أراض شعب آخر هو الشعب الفلسطيني، وتقوم بسرقة الأراضي بالقوة وتقيم عليها المستوطنات لتمنع إمكانية قيام دوله فلسطينية، كما وتمارس العنف القاتل والقسوة في تعاملها مع ملايين الفلسطينيين أحيانا أمام كاميرات الإعلام، ناهيك عن سياسات الفصل العنصري غير القابلة للتجميل وسياسات العزل وفرض الأمر الواقع والعقوبات الجماعية، إضافة إلى دعوتها للاعتراف بها كدوله لليهود، مما يضرب أسس الفكر الديمقراطي التعددي التي تقوم على أساسه دولة المواطنة والتي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.
إن تطور الفكر الإنساني يسير في اتجاه الفكر الديمقراطي التعددي واحترام حقوق الإنسان، ويرفض العنصرية والأحادية والحكم باسم الدين أو القومية أو النزعات العنصرية.