جاري العمل -بحسب ما يدّعي مخرج العمل- على تصوير مسلسل ضخم يروي قصة إحراق الشهيد محمد أبو خضير على يد المستوطنين في الثاني من تموز عام 2014 بعد خطفه من أمام منزله الكائن في شعفاط داخل عاصمة فلسطين مدينة القدس.
ويعمل إلى جانب مخرج العمل الفلسطيني من مناطق 48، مخرج إسرائيلي سيكتب الرواية الإسرائيلية التي يعتقد البعض أنها تبريرية لواقعة أبو خضير، وسيمثّل في العمل عددا من الممثلين اليهود.
يبدو أن العمل في المسلسل لا زال قيد التنفيذ وفق خطته الممنهجة، تعرض لأول مرة في التقرير الخاص الذي أعدّته الحدث، فبحسب ما نشر موقع ديدلاين الأمريكي فإن شركة (HBO) تعاقدت مع شركة إنتاج اسمها كيشيت، ومع أسماء مخرجين إسرائيليين عدة مثل هاجي ليفي لإنتاج عمل فني درامي يصف واقعة اختطاف ثلاثة مراهقين يهود في الضفة الغربية.
شخصيّة مقدسيّة
"لا تحرقوا أبو خضير مرتين" هكذا صرخ الكاتب خالد عودة الله في مقالة له تحمل هذا العنوان على موقع باب الواد، يقول فيها إن "الأخبارُ تتواتر في الآونة الأخيرة، حول نيّة إنتاج فيلمٍ فلسطينيٍّ – "إسرائيلي" مشترك بين مخرجين فلسطينيين وآخرين "إسرائيليين" حول الشهيد محمد أبو خضير وجريمة حرقه. ومع كونِ هذا العمل جريمةً تطبيعيةً تنضمُّ إلى سلسلةِ الجرائم التطبيعية في المجال الفني والسينمائي تحديداً، إلا أنّ موضوع العمل هذه المرة يجعلُ الجريمةَ مضاعفةً، وذلك لأنها تندرجُ ضمن عمليةٍ مستمرةٍ تقومُ بها "إسرائيل" لاستغلال جريمة حرق الطفل أبو خضير لصالح ترميم هويتِها الأخلاقية، داخلياً وعالمياً، والاستحواذ على الشهيد أبو خضير واستدخاله ضمن منظومتها الاستعمارية، واستخدامه أداةً في "الحروب الثقافية" داخل المجتمع الاستيطاني الصهيوني والتي تدور تحت السقف الاستعماري الصهيوني."
تبدأ الخيوط هنا بالتشابك، عندما يتم الكشف عن أن المسلسل والذي سيتم عرضه على 12 حلقة هو من إنتاج إحدى أعظم الشركات العالمية في الإنتاج والترويج التلفزيوني إن لم تكن أعظمها على الإطلاق وهي شركة HBO، وأن ما أخبر المخرج الوالد به يختلف عن ما أخبر المخرج "الحدث" به.
HBO الشركة المنتجة
شركة الإنتاج العظيمة هذه والتي هي اختصار لجملة (home box office) والتي أسسها تشارلز دولان وتعود ملكيتها لشركة والت ديزني الكبيرة، أنتجت عددا من المسلسلات التي حققت أعلى الإيرادات على رأسها مسلسل Game Of Thrones أو صراع العروش، وتقدم خدماتها التلفزيونية لأكثر من 40 مليون مشترك أمريكي، وتبيع المسلسلات لأكثر من 150 بلدا حول العالم.
ينشأ سؤال في ذهن جميع من تبنى فكرة تمثيل مسلسل عن حرق طفل فلسطيني على يأدي المستوطنين اليهود في بلد محتل، بشكل مفاجئ؟.
مخرج العمل الفلسطيني من عرب 1948 هو توفيق اغبارية أبو وائل، وهو من سكان مدينة أم الفحم، الذي قال لـ"الحدث" إن العمل هو سرد لما وصفه بالـ"التهييج" الإعلامي الإسرائيلي بعد قتل 3 إسرائيليين وخطفهم، مما ادّى لخطف طفل فلسطيني من قبل المستوطين وتعذيبه وحرقه حيا، وهو سينقل للمشاهد أن الرأي العام الإسرائيلي هو من قتل أبو خضير.
وأضاف أبو وائل إن المسلسل الذي تنتجه HBO والذي يحكي قصة أبو خضير هو من قسمين الأول والذي يحكي رواية الطرف الفلسطيني وهو الذي سيكتبه أبو وائل، والقسم الثاني هو للمخرج الإسرائيلي الأمريكي اليهودي جوزيف سيدر والذي سيسرد كيف تم تهييج الرأي العام الإسرائيلي الذي أوصل قتلة أبو خضير لمرحلة الخطف والقتل.
ضد المقاطعة الثقافية
وقال أبو وائل لـ "الحدث" إنه ضد مقاطعة إسرائيل على الأصعد كافّة وبخاصة على الصعيد الثقافي، وذلك أننا كفلسطينيين بحسب تعبيره جزء من المنظومة الإسرائيلية، ونطمس قصتنا فلا نستطيع مثلا أن نتوقف عن دفع الضرائب لإسرائيل لأنها ستصادر ممتلكاتنا.
جزء من وجودك كفلسطيني أن تحارب ضمن إطار وجودك في إسرائيل لأنك جزء من المنظومة الإسرائيلية، بحسب رأي المخرج الفحماوي أبو وائل، مضيفا أنك تقول للفلسطيني انتحر إذا طلبت منه مقاطعة إسرائيل.
وأضاف المخرج أنه جلس مع والد الشهيد وأخذ القصة منه، ويتم الآن صياغتها من أجل البدء في التمثيل خلال أشهر، وسيتم التمثيل في عدة أماكن داخل فلسطين ومنها مناطق القدس وذلك بحسب مقتضيات إنتاج العمل.
"سنوات مرّت ولم يطلب أي فلسطيني بإنشاء قصة عن أبو خضير"، هكذا قال المخرج اغبارية أبو وائل مضيفا أنا ضد فكرة محاربة التطبيع أصلا.
والد أبو خضير
"ابني خُطِف وعُذّب وحرق ولم يطلب أحد إنشاء مسلسل تلفزيوني أو فيلم يحكي قصة حرقه"، لقد قال المخرج الفحماوي أبو وائل لـي إننا سننتج مسلسلا من قبل شركة HBO، تحكي قصة حرق ابنك على يد المستوطنين، لكنه لم يخبرني أبدا بان هناك إسرائيليين يهود سيشاركونه في الإخراج أو في التمثيل". هكذا قال حسين أبو خضير.
الوالد أبو خضير يضيف لـ"الحدث" إنه لا يعلم أن هناك يهودا يعملون على إنتاج أو إخراج او تمثيل هذا المسلسل، لكنه يمتعض من عدم الاكتراث من قبل السياسيين الفلسطينيين أو الإعلام الفلسطيني بقضية ابنه".
المخرج التزم بحضور كافة جلسات القضية التي رفعتها ضد نتنياهو والتي اطالب فيها بهدم منازل قتلة ابني، كما قال الوالد.
وتفيد مصادر خاصة أن المخرج بنى علاقة قوية مع الوالد بحيث أنه أصبح مؤثرا بشكل كبير جدا إذ اقنع المخرج الوالد بأن يرفض أي محاولة لإيقاف المشروع.
وأضاف أبو خضير أنه يحارب وحده بكل ما أوتي من قوّة لكن لا أحد يساعده، فقد رفع قضية على نتنياهو، ورفع قضية من أجل هدم منازل قتلة ابنه، لكنه يقف فيها وحده ومن تطوعوا من تلقاء أنفسهم شبانا ومحامين، لكن السياسيين لا يهاتفونه باستثناء شخصية واحدة هي محافظة رام الله والبيرة د. ليلى غنام.
ذات مرة كما قال أبو خضير إنه سأل أحد كبار القادة الفلسطينيين قائلا له "وينتا بدنا نرفع قضية في محكمة الجنايات الدولية علشان ابني" فأجابه القيادي، انت مقدسي معك هوية بتقدر تتحرك براحتك احنا ما بنقدر نعمل شيء".
جلس المخرج الفلسطيني مع والد الشهيد أبو خضير 6 مرات من أجل أخذ القصة كاملة على لسان والده، وهذا بالطبع ما أكّده المخرج الفلسطيني.
محامي والد الشهيد أبو خضير مهند جبارة قال لـ"الحدث" إنه التقى بالمخرج مرة واحدة في إحدى جلسات المحكمة التي يُقاضي فيها والد أبو خضير القتلة، وسأل المحامي المخرج هل بإمكاننا الإطلاع على نص المسلسل؟ فأجابه المخرج "ممنوع الاطلاع عليه".
ونقلت مصادر خاصة لـ"الحدث" أن الإنتاج والداراما والصياغة تحكي الرواية الصهيونية بالكامل، وأن ممثلين إسرائليين سيشتركون في العمل.
المخرج أبو وائل قال لـ"الحدث" إن ما سيقوم به الإعلام إذا ما نشر هذه القضية فإنه سيشتته ولن يستطيع إخراج العمل في ظل "الشوشرة" التي ستكون نتيجة تشويه سمعة العمل في الإعلام.
والد الشهيد أكّد لـ"الحدث" أن المخرج الفحماوي لم يخبره عن وجود مخرجين وممثلين يهود إسرائيليين، بالإضافة لما سبق فإن المخرج عرض على والد الشهيد أن يشترك في المسلسل كممثل ورفض الأخير العرض، بل ورفض الوالد عرض المخرج أيضا بأن يتم تمثيل المسلسل في منطقة سكن الشهيد.
حركة مقاطعة إسرائل المعروفة بالـ BDS لم تصدر بيانا رسميا بعد بحسب ما أوضحت لـ "الحدث" لكنهم يتابعون القضية عن كثب بحسب تصريحهم لـ"الحدث"، وأنه سيتم إصدار بيان حالما يتم التحقق من كافة التفاصيل في القضية أعلاه.